منذ زمن بعيد لم نلتق! أشواق كثيرة تكومت في رفوف قلبي، قهوة «الصباح» مع قطع بسكويت (اللوتس) وأوراق العمل التي اعتراها غبار غيابكِ! كأنه الأمس أتى يطل شامخاً من شرفة مكتبي يقهقه عالياً والسرور بادٍ على «محياه» ينعش الذاكرة ويوقظ «الحنين».
رن الهاتف يثقب جدار الصمت ليأتي صوت ليلى: أعتذر عن حضوري للدوام هذا اليوم!
والسبب؟
فقط متعبة...
أغلقت السماعة وصدى التساؤلات حائراً في جوفي! ما بها ليلى؟ لم هي غائبة؟ أين روح الفتوة التي كانت تتحلى بها؟
اتصلت بغرفة المعلمات وأخبرت إحداهن أن تأخذ حصص ليلى لأنها لن تأتي اليوم.
طرق خفيف على الباب: تفضلي أم أحمد؟
جاءت إلي أم أحمد «مستخدمة المدرسة» بكوب الشاي ويداها ترتجفان حتى يكاد الشاي ينسكب على الأرض، وقفت أمامها وأمسكت بكوب الشاي وأجلستها بجانبي: ما بك يا أم أحمد تبدين قلقة!؟ هل لديك مشاكل في البيت؟ أم تعانين من مشاكل مالية؟ أخبريني فقط ولا تترددي، نظرت إلي نظر «المغشي عليها» ولم تنبس بحرف، فانتبهت لعلبة الماء التي على مكتبي وطلبت منها أن تشرب لتهدأ قليلاً، أعدت السؤال عليها مرة أخرى، حملقت بي وعيناها تحملان الكثير من الكلام، ثم أخذت تستغفر وفي المقابل أخذت دقات قلبي تتسارع!
هلا أخبرتني يا أم أحمد لقد جفت عروقي!؟
تنفست الصعداء: حسناً سأخبرك وليسامحني الله ولكن.. إن لم أخبرك فستلومينني وربما تكرهينني!
شعرت أن في الأمر سراً ربما تخفيه عني وللوهلة الأولى أحسست وكأنه يعنيني!
تكلمي يا أم أحمد كلي آذان صاغية.
قالت أخيراً: أنا أعرف سبب غياب ليلى!
رفعت حاجبي: وما سبب غيابها يا ترى؟
أمسكت بكفي تشد عليهما ونظرت إلى عيني وقالت: تعدينني بأن تكوني هادئة ولا تخبري أحداً بما سأقوله لك الآن؟
ازدرت ريقي، يبدو أن الموضوع خطير وماذا عساه أن يكون؟ ما بها ليلى؟ وأخيراً سأعرف سر أفول نشاطها وغيابها المفاجئ!
استطردت: في الحقيقة يا نجوى إن ليلى متزوجة وتخفي أمر زواجها حتى إشعار آخر...
ارتسمت ابتسامة ساخرة على وجهي وضحكت عالياً: أهذا ما كان يقلقك يا أم أحمد؟ عجباً البنت متزوجة!؟ شييء طيب ولكن لماذا تخفي أمر زواجها يا ترى؟ فهذا زواج شرع الله!
هنا سحبت أم أحمد يديها من بين يدي وابتعدت قليلاً ثم قالت: لأنها متزوجة من زوجك!