ذكرت في مقالي السابق: إن النوم آية من آيات الله سبحانه وتعالى لا يستغني عنه الكائن الحي. وحرمان الكائن الحي من النوم يشكل له مشاكل بيولوجية وفسيولوجية. ومن أعراض الحرمان من النوم، التعب والعجز عن التركيز والهلوسة والخداع الحسي البصري اللمسي، وهي أعراض تزيد بزيادة الفاقد من النوم.
وإذا ذكرنا النوم فلابد من ذكر الأرق. الذي هو الحرمان من النوم، وقد أظهرت التجارب أن الحرمان منه يضر بالتعلم والتفكير والتذكر والإدراك، الأمر الذي يدل على أن العمليات العقلية المعرفية ربما تكون إحدى وظائف النوم، وأبدت بعض حيوانات التجارب مستويات عالية من العدوانية بعد مدة من الحرمان من النوم، بما يوحي أن من وظائفه أيضاً تنظيم الدوافع. ويبدو كذلك من أعراض أخرى. من عمل النوم المحافظة على تكامل الجهاز العصبي المركزي نظراً لزيادة حساسية هذا الجهاز للمثيرات السمعية بعد مدة من الحرمان من النوم. وذكرت بعض الكتب أن لبعض المشاهير طقوساً عند النوم...
فإنه ينقل عن سلفادور دالي، أنه كان يجلس على كنبة وأنه كان إلى جانبه على الأرض صحن من القصدير، ويمسك بملعقة بين السبابة والإبهام، ثم يسقط في مقعده، حتى ترتخي أصابع، وتسقط الملعقة في الصحن، فيستيقظ. وفيما يبدو فإن النوم الذي يستمرئه بين لحظتي الغفوة والإغفاء، يكون منشطاَ جداً بالنسبة إليه بحيث ان هذا الفنان كان ينهض منتعشاً ومرتاحاً.
وإنه يتوجب التحقق بعناية من التأكيدات التي تنطلق جازمة، عن أناس ينامون نوماً قصيراً لا مثيل له في قصره، وعن آخرين يغيب النوم عنهم إطلاقاً. فقد حكى من وقت قريب الباحث والطبيب في الأمراض العقلية الاسكوتلندي إين أوزوولد، عن حالة رجل بأنه لم ينم منذ عشر سنوات. ويعزو الرجل حالة الأرق هذه إلى حادث سيارة حدث له. ويقول انه عوض بسخاء عن هذا الخلل في صحته من قبل شركة الضمان، وعند فحصه في مختبر للنوم، عندما حل فيه بصحبة زوجته، فإنه لم ينم بالفعل إلا مجموع 30 دقيقة. في الأيام الأولى من إقامته: اليوم الرابع تعب بحيث كان يلقى كل المشقة والصعوبة ليبقي على عينيه مفتوحتين بعد أن ظل ساهرا في الليلة التي تلت. لقد استـثارني سؤال طرحه دربيتر تيرد وهو:
ــ ما الذي يحدث إذا كان نومك قليلاً جداً؟
فقال في بساطة: للإجابة على هذا السؤال علينا أن نميز بين الآثار والأسباب لأن ارتباط المشكلة بالأرق ليس بالضرورة أنه يسببها. يتحتم علينا في البدء استثناء أولئك الذين يدعون النوم القليل لكنهم في الحقيقة ينامون ثماني وتسع سعات يوميا. وحتى بعد هذا الاستثناء تبقى هناك صعوبة في تحديد متى يكون المرء محروماً من النوم؟! وذلك بسبب التعدد الهائل لعادات النوم بين مختلف الناس.
ــ هناك علاقة مهمة بين العمر والنوم. ينام الطفل حديث الولادة بمعدل ثمان عشرة ساعة باليوم وينام الأطفال في سن الحبو ثلاث عشرة ساعة. أما البالغون من عمر الخامسة والعشرين فينامون لمدة ثماني ساعات. وفي عمر الخامسة والسبعين خمس ساعات يومياً. وهذا دليل أن الجسد أثناء فترات مختلفة من النمو يحتاج لفترات مختلقة من النوم لذلك فمن الصعوبة تحديد المدة اللازمة من النوم لشخص ما، ولا ضرورة للاعتقاد برقم ثمانٍ
وبمرور الوقت يتأزم المرء بحيث يمكن أن ينام المرء حتى وهو يمشي. نصيحة مهمة: لا تستخدم الدواء المنوم إلا عند الضرورة وتحت إشراف الطبيب لتنجو من الإدمان.