رسمياً، أصبح الرئيس سعد الحريري مكلفاً بتأليف الحكومة الأولى في عهد الرئيس ميشال عون بعد تسميته من قبل 112 نائباً لرئاسة الحكومة العتيدة من أصل 126. ويعتزم الرئيس الحريري الآن القيام بسلسلة زيارات ولقاءات مع مختلف الأقطاب السياسية لتشكيل الحكومة التي لن تواجه عقبات بحسب ما أكدت مصادر متابعة لـ«اليوم». وهكذا عاد الرئيس الحريري الى رئاسة الحكومة ومن بابها العريض وكان عرّاب الحلول بعد الأزمات المتتالية التي عصفت بلبنان وعلى رأسها الشغور الرئاسي الذي دام سنتين ونصف، وهذا يعود إلى المبادرة الأخيرة التي أطلقها لأجل بقاء لبنان.
## لبنان يودع الفراغ
ويشدد الكاتب والمحلل السياسي أحمد الغز في تصريح لـ«اليوم» على ان «التحدي الكبير يبقى الخروج من الفراغ الرئاسي الذي أصبح ثقافة في لبنان»، مؤكداً أن «الرئيس الحريري استطاع صناعة شجاعة الأمل وبالتالي نحن الآن دخلنا في عملية انتظام الحياة البرلمانية وانتخاب رئيس للدولة ثم بعد يومين تكليف الرئيس سعد الحريري بنسبة عالية من الاصوات وصلت الى 112 صوتاً، هذا يدل على ان هذه الشجاعة كونت «مبادرة وطنية لا يستطيع أحد أن يعيد لبنان الى صناعة الشغور أو الفراغ أو الإعاقة أو التعطيل». ويقول: «بعدما مررنا بكل هذه الأمور البالغة السوء والتي لم تعد قادرة على الحياة، أتت مبادرة الرئيس الحريري لتقضي على أمرين معاً «الشغور والإحباط» في لحظة واحدة، ويضيف «لا اعتقد أن هناك أي احد قادرا الآن على اعادة اللبنانيين إلى مهارات الفراغ والتعطيل والاحباط لأن الفريق الذي يعطل سيدفع ثمناً غالياً في قواعده وليس لدى قواعد الآخرين».
ويوضح الغز «ما يهمني هو عودة الوحدة المجتمعية اللبنانية لأن الرأسمال البشري اللبناني إن استعاد وحدته وعمله فهو قادر على أن يستقطب استثمارات وسياحا وأمورا أخرى كون الأساس هو الوحدة المجتمعية، لأن الاقتصاد والسياسة لا يتقدمان على المجتمع، فالأخير يتقدم على كل شيء والاهم في هذه العملية هو الالتزام بالعقد الاجتماعي الوطني المتمثل بوثيقة الوفاق الوطني واتفاق الطائف، هذا هو الأساس لأننا وحدة مجتمعية متماسكة وعندما نكون كذلك ليس جديداً على اللبنانيين أن يكونوا قادرين على الانجاز والانتاج».
## الحريري: عهد جديد
وكان الرئيس سعد الحريري اعلن في قصر بعبدا بعد تكليفه بتشكيل الحكومة الجديدة، أنه «قبل هذا التكليف شاكرا لفخامته (الرئيس عون) ثقته وثقة الزملاء النواب الذين شرفوني بتسميتي لهذه المهمة الوطنية التي أنطلق فيها منفتحا على جميع الكتل النيابية، بما فيها تلك التي امتنعت عن تسميتي عملا بدستورنا وقيمنا الديمقراطية». وقال: «لا بد أن نسجل في هذا اليوم بالتحديد، لدولة الرئيس تمام سلام، الجهد الاستثنائي الذي قام به في مرحلة صعبة وحساسة، لحماية وحدة البلاد والشرعية والمؤسسات، فكان خير أمين على الدولة والعيش الواحد والسلم الأهلي في بلدنا. وزاد «إنني أتطلع الآن للشروع في الاستشارات لتشكيل حكومة وفاق وطني تتخطى الانقسام السياسي مستندة إلى اجماع كل القوى السياسية حول خطاب القسم بكل مندرجاته». وشدد الحريري على انه عهد جديد، وقال «أملي كبير في هذه اللحظة الإيجابية التي تضع حدا لمعاناة الوطن والمواطنين طوال عامين ونصف من الشغور والشلل والجمود، في تشكيل الحكومة سريعا، لتعمل على إنجاز قانون انتخابي يؤمن عدالة التمثيل وتشرف على إنجاز الانتخابات النيابية في موعدها». واضاف الحريري: «إنه عهد جديد. وأملي في تشكيل حكومة تواكب انطلاق العهد وتمكننا جميعا من شبك أيدينا لمعالجة الأزمات المعيشية والاقتصادية والبيئية والأمنية والسياسية التي يعاني منها اللبنانيون. وأبان «حق اللبنانيين علينا أن نشرع سريعا في العمل لنحمي وطننا من النيران المشتعلة من حوله ونحصن مناعته في وجه الإرهاب، ونوفر له مستلزمات مواجهة أعباء النزوح، ونعيد الأمل والثقة إلى شبابنا وشاباتنا بمستقبل أفضل، ونعيد ثقة العرب والعالم بلبنان ورسالته ومؤسساته واقتصاده وسياحته والاستثمار فيه، إنه عهد جديد، وهذا عهدي للبنانيين، عشتم وعاش لبنان».
## «حزب الله» يغرد خارج السرب
وفي التفاصيل، استهل عون الاستشارات النيابية امس، الخميس، في جولتها الثانية بلقاء كتلة الوفاء للمقاومة، وبعد اللقاء قال النائب محمد رعد: ان«الكتلة لم تسمِّ أحداً لرئاسة الحكومة».
من جهته، أعلن النائب نقولا فتوش انه سمى الرئيس سعد الحريري لرئاسة الحكومة. فيما أعلنت كتلة نواب الأرمن من قصر بعبدا انه«انطلاقا من خطاب القسم للرئيس عون وايمانا بالميثاقية ورغم الاختلاف بالآراء في بعض المراحل السابقة ترى الرئيس سعد الحريري الرجل المناسب والأفضل في هذه المرحلة مما يخوله ان يتولى رئاسة الحكومة».
إلى ذلك، قال النائب عن الجماعة الاسلامية عماد الحوت من بعبدا:«نعتبر ان حكمنا سيكون على الأفعال وليس الأقوال وكل اللبنانيين هم معنيون لانجاح هذه المرحلة وعلى هذا الأساس سمينا الرئيس الحريري». أما النائب روبير غانم فأعلن انه «سمى الرئيس الحريري لرئاسة الحكومة لأنه رجل المرحلة الصعبة التي يمر بها لبنان والمنطقة». بدوره قال النائب دوري شمعون: «من الطبيعي أن نسمي الرئيس الحريري لكنني لم أسم أحدا مع الرئيس عون».
من جانبه، أشار النائب اميل رحمة إلى انه «تضامن مع الإجماع النيابي في موضوع تسمية رئيس الحكومة، لافتاً إلى انه سمى الرئيس الحريري». وسمى النائب أحمد فتفت بدوره الرئيس الحريري لرئاسة الحكومة، وأمل في أن «يكون العهد الجديد مليئاً بالنجاح، معتبراً ان خطاب القسم كان ممتازاً».
أما النائب محمد الصفدي، فسمى أيضاً الحريري لرئاسة الحكومة.
وبالاضافة لذلك، فقد سمى النائب سيرج طور سركيسيان الحريري لرئاسة الحكومة، وقال:«بعد الانتظار الكبير والجهود التي صرفت من اجل انتخاب رئيس قوي جئت لتسمية سعد الحريري». وأخيراً انهى عون الاستشارات النيابية بلقاء كتلة التنمية والتحرير برئاسة الرئيس نبيه بري، وقال بري بعد اللقاء: للحريري دين في ذمتي منذ أن صرّحت اني إلى جانبه ظالماً أم مظلوماً، واليوم قررت أن أوفي هذا الدين بكامله وأسميه لرئاسة الحكومة، مشيراً إلى انه لو لم يكن هناك نية للتعاون لما كان سمى الحريري. وفور انتهاء الاستشارات النيابية، استدعى الرئيس عون الرئيس المكلف سعد الحريري، وبدأت المديرية العامة لرئاسة الجمهورية في اعداد مرسوم التكليف.