في ظل توجه دول العالم نحو قيام التكتلات الاقتصادية فيما بينها، وفي ظل نجاح التكتل الاقتصادي الأوروبي فإن الحاجة أضحت ملحة لقيام تكتل خليجي واحد يجمع دول مجلس التعاون، فهذا التكتل يمثل بالفعل تحولا حيويا وهاما في عالم تتوجه دوله لصناعة تلك التكتلات الاقتصادية الهامة، والوقت أضحى ملائما لقيام التكتل الخليجي الاقتصادي المنشود ليغدو قوة اقتصادية مؤثرة.
وعند اكتمال هذا التوحد المنشود فإن التكتل الخليجي سيغدو سادس أكبر تكتل اقتصادي من نوعه في العالم، غير أن قيام هذا التكتل الواعد يتطلب أولا توحيد السياسات النقدية الخليجية، وطالما طالبت القمم المتوالية لدول مجلس التعاون الخليجي بالوصول الى هذه الغاية المرجوة، ويبدو أن الوقت قد أزف لتحويل تلك الارادة الاقتصادية الى واقع مشهود على الأرض، وهو ما تسعى اليه الدول الخليجية وهي تبلور مشروعها الاقتصادي التكاملي الموعود.
صدور العملة الخليجية الموحدة يمثل في حقيقة الأمر النواة الرئيسية للتحول نحو التكتل الاقتصادي بين دول المجلس، ويتطلب ذلك ارادة جماعية في سبيل الوصول الى سياسة التكتل، فالعالم يتوجه الى انشاء تلك التكتلات التي أضحت السبيل الأمثل لضمان استقرارها الاقتصادي، ولضمان الوصول الى تحقيق المشروعات الاقتصادية المتكاملة بين دول التكتلات الاقتصادية للوصول الى الغايات المنشودة وصناعة مستقبلها الاقتصادي الأمثل.
ويعتبر التفكير في انشاء التكتل الخليجي الاقتصادي في الظروف الاقتصادية الحالية التي تمر بها دول المجلس خطوة رائدة وهامة تمثل نقطة تحول هامة للسياسات الاقتصادية التي لابد من توحيدها في ظل تكتل اقتصادي واحد يمثل دعما محوريا لكل التوجهات الاقتصادية المنشودة، وتلك نقطة سوف تمهد السبيل نحو صناعة مستقبل أفضل لاقتصادات دول المجلس، وسوف تدعم التوجهات المختلفة وبلورتها في اتجاه اقتصادي واحد.
ويبدو أن هذا التكتل الاقتصادي المنشود تحول الى ضرورة لابد من تحقيقها في ظل التكتلات الاقتصادية الدولية، فبقاء الاقتصادات القوية والشامخة في العالم يعتمد أساسا على انشاء مثل هذا التكتل الذي يرسم سياسة اقتصادية واحدة لمجموع الدول المتكتلة، ومن شأن ذلك أن يدعم مختلف التوجهات الاقتصادية لصياغة مشروعات موحدة تصب في قنوات التوجه نحو مستقبل اقتصادي أفضل.
التكتل الاقتصادي الخليجي سيحقق نموا متصاعدا لكافة القطاعات الاقتصادية الرئيسية في دول مجلس التعاون، وهو أمر تسعى له دول المجلس وتطالب به في كل اجتماع تشاوري لزعماء دول المجلس، ويبدو واضحا أن هذا التكتل سوف يحقق الكثير من الخطوات التنموية الطموحة التي تطالب بها دول المجلس وتتضح دائما من خلال ما تسفر عنه الاجتماعات التشاورية لزعماء دول المجلس.
وليس من الأسرار القول أن دول العالم قاطبة تفكر جديا في التوجه نحو قيام التكتلات الاقتصادية فيما بينها، فقد ثبت بما لا يقبل الشك أن هذه التكتلات كما هو الحال مع التكتل الأوروبي الاقتصادي تمثل في حجمها الطريق الآمن لانفاذ وتحقيق السياسات الاقتصادية المشتركة بين الدول المنضوية تحت لواء تلك التكتلات، فقيام التكتل الاقتصادي الخليجي فكرة لابد من بلورتها وتحقيقها على أرض الواقع بالسرعة المناسبة.
ومن الضرورة بمكان أهمية استثمار الموارد الخليجية بطريقة أفضل لتعزيز اقتصاداتها، والتكتل المنشود يحقق هذه المهمة ويسهل القيام بها تعزيزا لكل التوجهات الاقتصادية المنشودة بين دول المجلس.