وأعني بتلك المخاطر ما يدور في الوقت الحاضر من تمدد ملحوظ على الرقعة الزراعية بالأحساء، وكما هو مشاهد فإن النطاق الزراعي آخذ في التلاشي وحل محله العمران بكل أشكاله ومسمياته، وهذا الزحف يهدد الزراعة في هذه الواحة الخضراء التي تعتبر من أغنى الموارد الزراعية في العالم، وقد صنفت بالفعل عالميا بأنها من أغنى الواحات على سطح المعمورة بإنتاجها الزراعي من التمور. النطاق العمراني بدأ يزحف على النخيل الزراعية، وهذا ما يلاحظ بجلاء في المدينتين الرئيسيتين بالواحة وهما الهفوف والمبرز، إضافة إلى معظم القرى في المحافظة، بل إن بعض أصحاب المزارع حولوا مزارعهم إلى بيوت واستراحات كما هو مشاهد في كل مدن الأحساء صغيرها وكبيرها، وهذه مشكلة كأداء بالفعل تتطلب تدخل المسؤولين؛ لمنع التمدد العمراني في هذه الواحة والعمل على تشجيع الزراعة والمزارعين فيها. إعادة دراسة هذه المسألة من مختلف جوانبها أمر حيوي وضروري لا بد منه، فوضع الحلول المناسبة والجذرية للحد من التمدد العمراني على حساب الزراعة في واحة هي زراعية في الأصل أمر لا بد من الأخذ به، وتحويله الى عمل إستراتيجي يجب تطبيقه على الأرض، والمسألة بحاجة الى التسريع في وضع خطة مدروسة تحول دون اقتطاع المساحات الزراعية الكبيرة وتحويلها إلى مبان واستراحات. الرقعة الزراعية بدأت تنخفض في الأحساء بشكل تدريجي، وبشكل خطير أيضا، فالزحف العمراني على أنقاض تلك المزارع خطأ جسيم لا بد من تداركه ووضع الحلول الجذرية له، قبل أن تتحول الأحساء برمتها إلى مبانٍ واستراحات، وينسى أهلها أن واحتهم كانت واحة زراعية خصبة كان لا بد من استغلال أراضيها لتنمية زراعية واعدة، وهذا ما كان يجب تحقيقه قبل التفكير في العمران على أنقاض تلك المزارع. لا بد من إجراء دراسة جادة وفاعلة، يمكن عن طريقها ايقاف الزحف العمراني المشهود على الحقول الزراعية المنتشرة في كافة مدن الأحساء وقراها، وهذه مهمة لا بد من الاضطلاع بها، سواء من قبل وزارة الزراعة أو من قبل أصحاب المزارع أنفسهم، فالتخطيط الزراعي بدأ يتلاشى وفقا لاتساع الرقعة العمرانية، وأصبح أهالي الأحساء لا يشاهدون أثرا لمزارعهم وحقولهم عند أقرب مساحات من مساكنهم الحالية. أهمية المحافظة على شكل الواحة الزراعي تقتضي العمل على دراسة العوامل التي تهدد الزراعة في الأحساء، وأهمها بطبيعة الحال هذا الزحف العمراني الذي ما زال يقتطع الكثير من الأراضي الزراعية المنتجة، وهو تهديد واضح للزراعة في هذه الواحة التي بدأت تتضاءل فيها المساحات المزروعة لتقام عليها البيوت والاستراحات ونحوها من المباني ذات الأغراض البعيدة تماما عن الأغراض الزراعية. المسألة -كما أرى- بحاجة إلى تحديد المناطق الزراعية بالواحة، وعدم الاعتداء عليها من خلال بيعها لإقامة المشروعات العمرانية عليها على اختلاف أشكالها، فهذا الاعتداء المستمر يعني القضاء على الزراعة في هذه الواحة التي اشتهرت قديما بأنها سلة غذائية هامة، ليس لسكان الواحة أو مناطق المملكة فحسب، بل كانت سلة غذائية لكثير من الدول الخليجية والعربية.