يقول المثل الاستثماري المتداول والمعروف «لا تضع جميع البيض في سلة واحدة»، وعليه نقيس لنقول لا تضع جميع استثماراتك في سلة واحدة وبلد واحد وشركة واحدة. السبب واضح وهو لتقليل نسبة المخاطر، خاصة في هذا العالم القلق الذي تكثر فيه الاضطرابات السياسية والاقتصادية والاجتماعية ما يزيد من مخاطر كثيرة منها افلاس قنوات الاستثمارات كما حدث للمستثمرين في العديد من الشركات الأمريكية والأوروبية والآسيوية التي افلست نتيجة الأزمة الاقتصادية العالمية التي عصفت بالعديد من الدول والشركات في الأعوام 2008 و 2009 و2010، بل لا تزال بعض الدول تعاني من آثارها مثل اليونان.
الاستثمار في السندات الحكومية الأمريكية آمن، لكنه من الناحية الاقتصادية غير مجد لأن العائدات منخفضة جدا مقارنة بالاستثمار الصناعي والتجاري والخدمي، وتتأثر بضعف الدولار والمتغيرات السياسية في الولايات المتحدة والدول الصناعية المتقدمة مثل المانيا وبريطانيا والصين واليابان. وقد حذرت في عدة مقالات منشورة من المزيد من الاستثمار فيها، خاصة بعد تفاقم الدين الحكومي الأمريكي وبلوغه حوالي 19 تريليون دولار. ومن يعتقد أنها فرصة استثمارية مناسبة لشراء أسهم شركات متعثرة فهو مخطئ إلا إذا كان لديه ما يخرجها من تعثرها ويضيف قيمة حقيقية لاستثماره.
ومن الأهمية الاستفادة من الأخطاء الفادحة التي ساهمت في تعثر الشركات الصناعية والمؤسسات المالية خلال الأزمة المالية العالمية، وذلك لتفادي المخاطر التي تؤدي إلى افلاس الشركات والدول. ولهذا السبب أرى ضرورة الاستحواذ على الشركات الأجنبية إذا رأى المستثمر نجاحها بعد دراستها من جميع الزوايا.
وتشير دراسات بنك ستاندرد تشارترد إلى أن حجم الأموال التي ستمتلكها تلك الصناديق خلال عقد من الزمن سيتجاوز 13.4 تريليون دولار، بينما تقدر «مورغان ستانلي» أن تبلغ موجوداتها 17.5 تريليون دولار. وهذا يعني أن للمملكة نصيبا كبيرا من خلال الصناديق السيادية إذا أحسنت اختيار القنوات والشركات.
يتطلب التوازن والتنويع والتوزيع الجغرافي للاستثمارات السعودية الحكومية دراسات دقيقة عن أفضل القنوات الاستثمارية من حيث المخاطر والاستقرار والعائدات، وايضا من حيث أفضل الدول نموا اقتصادياً واستقراراً سياسياً، أما التنويع الاستثماري فيجب أن يكون في القطاعات الاقتصادية المجدية والواعدة ذات العائدات العالية. وبالطبع تعتبر الولايات المتحدة من أكثر الدول جذباً للاستثمارات، وذلك لأسباب كثيرة منها تنوع الاقتصاد الأمريكي وكثرة قنوات الاستثمار والثقة في نظاميها السياسي والاقتصادي.
اما التوازن الاستثماري في داخل وخارج المملكة من حيث الاستثمار الحكومي في شركات القطاع الخاص السعودي وسوق الأسهم السعودية فيجب أن يحظى بنصيب الاسد من استثمارات الصناديق السيادية السعودية؛ لأن ذلك يساهم في التنمية الاقتصادية الشاملة وتوظيف المواطنين وزيادة إجمالي الناتج الوطني.