عبر وزير الخارجية البريطانية عن قلق حكومته «حيال ما تقوم به ايران وروسيا في سوريا» في وقت تواصلت عمليات اجلاء مقاتلي المعارضة السورية والمدنيين، بخروج دفعة ثالثة ممن تم اجلاؤهم من شرق حلب مساء أمس الخميس الى مناطق سيطرة الفصائل في ريف المدينة الغربي.بينما شدد وزير الخارجية الأمريكي جون كيري على أن واشنطن تريد أن ترى ممرات آمنة لخروج المدنيين والمقاتلين، وأضاف: إن تركيا مفتوحة لكل من ينوي التوجه إليها.
من جهته وفي مؤتمر صحفي لوزير الخارجية الفرنسي جان مارك إيرولت والمبعوث الأممي لسوريا، ستيفن دي ميستورا عقد بباريس، في ساعة متأخرة أمس، قال دي ميستورا: إن سقوط حلب لا يعني انتصار النظام، مشيرا لتخوفهم من أن تلقى أدلب مصير حلب، محذرا من حرب شوارع بعد سقوط المدينة.
واتفق هو وإيرولت على أن 50 ألف مازالوا محاصرين داخل الأحياء الشرقية، مشددين على أن هذا هو الوقت المناسب للجلوس على الطاولة، وأعرب المبعوث الأممي عن أمله في اشراف مراقبين على اتفاق حلب، مؤكدا دعمه لجهود تركيا.
في المقابل، وجه رئيس المجلس المحلي المعارض في حلب الخميس نداء للاتحاد الاوروبي للمساهمة في انقاذ نحو 50 ألف مدني، فيما قال أسامة أبوزيد المستشار القانوني للجيش الحر: إن المقاتلين آخر من يخرج من المدينة، بعد الاطمئنان على خروج المدنيين والأطفال والجرحى.
وأعلن الوزير بوريس جونسون أمس الخميس انه «استدعى» سفيري روسيا وايران للتعبير عن «قلقه العميق» حيال الوضع في المدينة السورية.
وكتب جونسون على تويتر: «لا فضل» لطهران وموسكو «في عملية الإجلاء القائمة، لافتا الى ان البلدين» تسببا في معاناة لسكان شرق حلب.
من ناحيته، أكد مجلس جامعة الدول العربية، دعمه للجهود التي تقوم بها المملكة؛ لعقد اجتماع عاجل للجمعية العامة للأمم المتحدة على أساس مبدأ «الاتحاد من أجل السلام» لإيقاف المجازر الوحشية التي يشنها النظام ضد الشعب السوري.
وكانت عمليات إجلاء نحو 5 آلاف من مقاتلي المعارضة وأسرهم من شرقي المدينة حلب، بدأت أمس الخميس.
واستمرت العملية، كما نقلت فرانس برس «بخروج الدفعة الثالثة، من مقاتلي حلب وعائلاتهم، على متن 15 حافلة» تجاه منطقة الراشدين بريف حلب الغربي.
وتخرج القوافل من حي العامرية في المدينة، حيث يتجمع المقاتلون والمدنيون بانتظار نقلهم تجاه منطقة الراموسة عند الاطراف الجنوبية ومنها الى ريف حلب الغربي.
ويأتي ذلك استكمالا لعملية اجلاء مقاتلين ومدنيين من آخر جيب تسيطر عليه المعارضة في حلب بموجب اتفاق روسي تركي، كانت بدأت صباح أمس الخميس بخروج نحو ألف شخص بينهم اكثر من 200 مقاتل معارض ومائة جريح.
وكان روبرت مارديني مدير عمليات الصليب الأحمر في الشرق الأدنى والشرق الأوسط، أكد في مقابلة في مكتبه في جنيف لرويترز، أن ما يقرب من ألف مدني و26 مصابا بينهم العديد من الأطفال تم إجلاؤهم من شرق حلب أمس الخميس في عملية تتوقع اللجنة أن تسفر عن إجلاء ضعف العدد بنهاية اليوم.
##المملكة والأمم المتحدة
في وقت عقدت فيه جامعة الدول العربية اجتماعا طارئا على مستوى المندوبين لمناقشة مأساة حلب بناء على طلب دولة الكويت قال السفير أحمد قطان مندوب المملكة: «نجتمع اليوم ونحن نشاهد بأعيننا حجم الدمار الهائل الذي أحدثه النظام السوري وحلفه، ليس فقط في مدينة حلب الشهباء بل في جميع المدن السورية منذ أكثر من خمس سنوات».
ودعا المجلس المجتمع الدولي في ختام الاجتماع الذي عقد بطلب من قطر في مقر الجامعة العربية بالقاهرة إلى الضغط على دمشق لفتح ممرات إنسانية آمنة لإغاثة المدنيين في حلب.
وقال قطان: «إن المملكة طلبت عقد جلسة استثنائية طارئة للجمعية العامة للأمم المتحدة تتولى بموجبها الجمعية العامة مسؤولية حماية الأمن والسلم في سوريا لعجز مجلس الأمن الدولي وفشله في إيقاف العمليات العسكرية وجرائم الإبادة التي يشنها النظام السوري وحلفاؤه ضد المدنيين والأبرياء».
ومن المتوقع أن يجتمع وزراء خارجية الجامعة العربية الاثنين لمناقشة الوضع في حلب.
في تلك الأثناء، دعا حزب البعث العربي الاشتراكي، الذراع الأردني لحزب البعث العراقي المنحل، إلى الانتصار لمدينة حلب، التي تتعرض لأبشع جرائم القرن على مرأى العالم.
وقال حزب البعث، في بيان تسلمت «اليوم» نسخة منه : إن النظام السوري، وحليفه الإيراني، ارتكبا أبشع جرائم القرن في حلب، ولم تردعهم استغاثات المدنيين العزل والنساء والأطفال.
وأشار البيان، الذي حمل توقيع الناطق باسم الحزب زهير الوراشدة، الى أن«ميليشيات الأسد تعيد أمتنا وشعبنا إلى عصور ظلامية لم تعرف إلا إبادة الجنس البشري، وقتل الحرث والنسل، واغتصاب النساء، وجرائم يندى لها الجبين، وتشكل وصمة عار في جبين الإنسانية».
واعتبر حزب البعث ما يجري في سوريا انه «نموذج لأُسلوب الصفويين، ويعكس تفريغهم لحقدهم التاريخي ضد أمتنا العربية، ويصب في تحقيق أطماعهم في أرض العرب».
وبالتزامن، اطلقت جماعة الإخوان المسلمين، الذراع الأردنية لجماعة الإخوان المسلمين العالمية، صرخة للأنظمة العربية والإسلامية، تدعوها إلى «القيام بواجبها الإنساني والاخلاقي حيال مأساة الشعب السوري في حلب».
وقالت، في بيان تسلمت «اليوم» نسخة منه: إن «العرب والمسملين، مدعوون إلى استخدام كل الأدوات السياسية، وغيرها من المتاح، لنصرة أهلنا ووقف العدوان على شعب عربي شقيق، الذي تمزقه آلة القتل الروسية والإيرانية المحتلة لأراضيه».
##في انتظار الموت
واعتبر بريتا حجي حسن رئيس المجلس المحلي المعارض الذي دعي للتحدث أمام المسؤولين الاوروبيين اثناء قمتهم في بروكسل، ان التاريخ سيحاكمهم في حال فشلوا في حماية المدنيين من النظام السوري.
وصرح للصحفيين وبجانبه رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك بأن «سكان شرق حلب الخمسين ألفا لا ينتظرون سوى الموت بعد فشل المجتمع الدولي».
وأضاف: «نحن في حاجة ملحة الى تحالف لاجبار النظام والميليشيات الايرانية الموجودة على الأرض على احترام وقف إطلاق النار، ونحتاج الى تنظيم اجلاء آمن للمدنيين»، وتابع حجي حسن ان «التاريخ لن يرحم».
من ناحيته، قال حسين مفتي أوغلو المتحدث باسم الخارجية التركية أمس الخميس: إن نظام بشار الأسد هو المسؤول الرئيس عن وفاة نحو 1000 مدني في الأسبوعين الأخيرين،
وقال في مؤتمر صحفي: إن الهدف الأول لعملية الإجلاء، هو توصيل المرضى والجرحى إلى المستشفيات سواء في سوريا أو تركيا.
وسيتبنى قادة الاتحاد الاوروبي الـ 28 - اثر قمتهم التي تستمر يوما واحدا- بيانا يندد بالعنف ويدعو دمشق وحلفاءها الى تسهيل اجلاء المدنيين، لكن البيان لا يتضمن اشارة الى عقوبات على روسيا لتدخلها في سوريا.
وفي ذات السياق، قال يان إيجلاند مستشار الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية: إن روسيا أبلغت مجموعة العمل الدولية للشؤون الإنسانية في سوريا خلال اجتماع الخميس في جنيف، بأن عملية الإجلاء ستكون سريعة وسلمية.
وأضاف: إن الأمم المتحدة لم تكن ضالعة في التوسط في إبرام اتفاق الإجلاء، لكنها أبدت استعدادها لمراقبة العملية ومرافقة المغادرين لحين وصولهم إلى وجهاتهم.
وقال إيجلاند: إن الأمم المتحدة لديها خطط طوارئ لاستقبال 100 ألف شخص في إدلب، لكن ذلك لن ينهي المشكلة.