صنف القاتل بالمجرم مهما كانت مبرراته وأساليبه وطرقه، فهناك القتل لأغراض ثأرية أو الادعاء بالدفاع عن النفس أو الشرف فكلها جاهلية ممقوتة لرفضها الخضوع للشرع أو القانون، وهناك قتل الغضب والانفعال فهذا ناتج عن عدم توازن عقلي، وهناك قتل لأغراض السلب والنهب فهذه تنطبق عليها نصوص الشرع الصريحة، أما القتل لأغراض التدمير والإرهاب فهم من المفسدين في الأرض فحق عليهم العقاب ومن الخالق سوط عذاب.
والغرابة أننا نشاهد القاتل يبتهج بعدد قتلاه ويتوعد بالمزيد دون رادع من ضمير أو أخلاق أو خوفا من قانون، فتروعك رسائل الموت التي يمارسها الصهاينة والتي سيدونها التاريخ في سود صفحاته، فكيف طاب لهم رؤية شعب غزة وهو يقتات من تهريبات الأنفاق والتي لم تسلم من القصف وأيضا اقتلاع أشجار الزيتون وكأنها منصات صواريخ، وبأي عرف يعيش شعب بكامله تحت الحصار الجائر مطوقين بجدار عازل لسبل الحياة.
وما نعرفه أن القاتل يحاول إخفاء جريمته بوخز من ضمير أو خوفا من عدالة، فكيف حق لهم هذا التعسف وهم الذين يتشدقون بالعدالة والإنصاف وحقوق الإنسان وهي بعيدة عن تطبيقاتهم، فبأي معايير إنسانية تخضع هذه المهزلة عندما تطفأ شموع الفرح لشعب أعزل وبلا ذنب اقترفوه، فقط بحجة مطاردة مشتبه وبدم بارد تستباح مدن بكاملها بما فيها من نفر وشجر وحجر، قتلى وثكلى في كل ركن وزاوية. وفظاعة المشهد رؤية جثث القتلى وسماع أنين الجرحى واستغاثة المكلومين منقولة على الهواء عبر الفضائيات، وكأنها تشمت في الباقي على قيد الحياة أو تتوعدهم بنفس المصير في كافة المدن المستضعفة، وموزعة على خريطة العالم العربي بكل توحش وبشتى الصور. فالمزارع على الحدود السورية يصنف على أنه يعمل في مفاعل نووي، وراعي الغنم في الصومال مهرب للأسلحة، وعامل الخردة في أفغانستان من القاعدة، والبقال من مجاهدي طالبان المطاردين والتاجرعلى إنه مروج مخدرات والطالب لأنه مهووس. كل هذه من تنظيرات جهابذة العصر الذين يجاهرون بدناءتهم ويحصون قتلاهم بابتهاج المنتصر.
وبحجة نزع سلاح الدمار الشامل انتهكت العراق مهد الحضارات واحتلت أراضيه وسرح جيشه وجعلته يعيش خارج عصره في فوضى عارمة لم يشهدها التاريخ وتركها بلا دولة وبلا قانون.
ليتسلمها المحتل الفارسي ويفرض قانون الغاب الذي أسسه الولي السفيه، قتل على الهوية وتناحر طائفي وصراع على السلطة وأصبح شعبها يتلظى قوت يومه بالاقتصاد المنهار والأسواق المهجورة والصناعة الراكدة، والصرف الصحي المسكوب في الأنهار والكهرباء المتقطعة والمياه الملوثة بالمخلفات الكيميائية، فأصبحت بيئة صالحة للأمراض والأوبئة ويرتادها كل أفاك أثيم من مجوس إيران، مما تسبب في هجرة 4 ملايين إنسان بين خبير وعالم و2 مليون أرملة و7 ملايين طفل يتيم وكل من ينشد السلامة هربا من جحيم حرب ظالمة استنكرتها دول العالم.
وها هم الفرس يتمادون في غيهم ويكشرون عن أنيابهم لتنهش في جسد سوريا المنكوبة بالجثث المتعفنة التي تملأ شوارع مدينة حلب وغيرها من بقية المدن والأرياف، حيث الامن المستباح في القتل بالهوية والدماء المسفوحة على الطرقات والمدن المنهارة وأدخلوا اليمن في أجندتهم المتوحشة، وأذاقوا شعب اليمن الذل والهوان. وهناك ايضا شعب ليبيا القذافي يجتر مآسيه وهو يطارد بالدبابات والصواريخ وكأنهم جرذان الغابة، فهل هذه حرب على الإرهاب أم تصنيع لإرهاب فظيع؟.