DAMMAM
الخميس
34°C
weather-icon
الجمعة
icon-weather
34°C
السبت
icon-weather
37°C
الأحد
icon-weather
33°C
الاثنين
icon-weather
34°C
الثلاثاء
icon-weather
36°C

سجل.. أنا عربي

سجل.. أنا عربي

سجل.. أنا عربي
سجل أنا عربي ورقم بطاقتي خمسون ألف وأطفالي ثمانية وتاسعهم سيأتي بعد صيف فهل تغضب سجل أنا عربي واعمل مع رفاق الكدح في محجر وأطفالي ثمانية اسلّ لهم رغيف الخبز والأثواب والدفتر من الصخر ولا أتوسل الصدقات من بابك ولا اصغر أمام بلاط أعتابك فهل تغضب سجل أنا عربي *** كلما قرأت هذه القصيدة أو استمعت اليها بصوت الشاعر محمود درويش، انتشيت بنفسي ولكن سرعان ما تخب هذه النشوة لأتساءل من أين أتى درويش بكل هذه القوة..!، ليقولها في وجه ذلك الجندي الإسرائيلي الذي سأله عن هويته ليملأ الاستمارة الخاصة بدرويش، و برغم أن الحوار دار باللغة العبرية بينه وبين ذلك الجندي، الذي حاول أن يستفز درويش في هويته بالتكرار سؤاله مستفهما عن هوية درويش و كأنه لا يعرف هوية من وجه إليه سؤاله، إلا أنه في كل مرة يسمع السؤال يكرر ذات الإجابة «سجل أنا عربي»، ليستفزه هذا السؤال ويكتب قصيدته التي شغل بها مساحة واسعة من المجتمع العربي حينها، و الاستفهام الذي قد يقفز بسرعة لا تتصورها في ذهنك، عن أي عروبة كان يتحدث درويش في قصيدته؟! نعم عن أي هوية عربية..! فهل كان درويش ناصريا أم بعثيا أم قوميا بالمعنى الحزبي حينما قال سجل أنا عربي، أم كان يعني معنى اختص به هو دون غيره وحاول أن يسوقه بعد أن كفر بكل هذا التحزب، لهوية كان من المفروض أن تكون جامعة لكل من ينطق ولو بحرف واحد من حروف الضاد، بدلا من تحويلها إلى هويات ضيقة لا تتسع لتاريخها الممتد لمئات القرون، لتتحول بعد كل هذا التاريخ العريق إلى هوية يقع السجال فيها وعنها، وكأنها أحيانا شيء طارئ، قد يمر عليك وتحدد موقفك منها إما مع أو ضد، وليس هي هويتك التي لا مناص منها، التي تظهر على لسانك وتشكل ثقافتك وانتماءك الطبيعي والتصنيف الذي يضعك به الآخر. ولهذا هناك من يميل اليوم الى أن مفهوم القومية العربية مفهوم حزبي ضيق بات مستهلكا وفاقدا لحضوره في المجتمعات العربية، ولهذا تجد هناك من ينعت هذا المعنى للهوية العربية ساخرا «بالقومجية» لكل من يرفع شعارا شبيها بالشعارات الحزبية حتى وإن كان ليس هذا منطلقه، والنعت هنا «بالقومجية» يصور إلى أي مدى باتت الهوية العربية بنظر الكثيرين أم إنها لا تشكل قيمة بذاتها أو هي مختطفة في معنى سياسي ضيق، أما النظرة الأخرى فهي تراها مفهوما أقرب إلى أن يكون هلاميا ليس له معنى واضح، يجعل من العربي يتعاطى مع هويته بصورة حقيقية تشكل وعيه ووجدانه، بعيدا عن الثقافة التي باتت تحجمه على أنه عالة على الحضارة الإنسانية وبالتالي قد لا تحمل هويته العربية أي دلالة حضارية، وهذه الصورة البائسة للهوية العربية ساهم في ترويجها الكثير من المثقفين العرب، ولهذا نجد مفكرا كبيرا بحجم عبدالله العروي، يرى أن أولى سمات المثقف العربي هي حالة البؤس التي يعيشها «لأنه غير راض عن الأوضاع التي يعيش فيها، ولأنه يرفض ضعف المجتمع و استلابه» ثم يقول «يقود البؤس كثيرا من المثقفين إلى اليأس من إصلاح شؤون المجتمع، يأس له تاريخ طويل» انتهى كلام العروي. حالة اليأس التي ذكرها العروي في تشخيصه لوضع المثقف العربي حالة مرضية، ناهيك عن أن المجتمعات العربية تعيش ذات الحالة في إيمانها بهويتها العربية. فهل لنا بعد هذا أن نقول مع محمود درويش اليوم «سجل أنا عربي» أم هي كلمة تبدو أشبه بالغريبة عنا لأننا مختلفون في تفسيرها.