لم تمنع برودة الطقس وتساقط المطر شعراء الوطن ومحبي الشعر من الالتفاف حول دفء القصائد الوطنية والغزلية والإنسانية التي ألقيت ضمن فعاليات المهرجان الوطني للتراث والثقافة بالجنادرية، في أمسية أقامها نادي المنطقة الشرقية الأدبي مساء أمس الأول الإثنين في صالة الشيخ حمد المبارك بدار «اليوم» الراعي الإعلامي للفعالية لخمسة من شعراء الوطن، حيث شهدت الأمسية حضورا واهتماما من شعراء ومثقفي المنطقة ومحبي الشعر.
وافتتحت الأمسية - التي أدارها رئيس النادي الناقد محمد بن عبدالله بودي - بآيات عطرة من كتاب الله الكريم. وقدم بودي للشعراء الذين ألقوا قصائدهم تباعا في جولات ثلاث كان الوطن وهمومه مفتتحها ومحورها كما في قصيدة للشاعر الدكتور خالد التويجري نائب رئيس نادي المنطقة الشرقية الأدبي جاء في مطلعها:
وطن إذا ما صرت بين يديه.. قبّل تراب العطر في كفّيه
وضع التراب على جبينك ساجدا لله شكراً أن رجعت إليه
وفي ذات الموضوع كانت قصيدة الشاعر الدكتور علي الضميان أستاذ الإعلام بجامعة الملك سعود حيث جاء في مطلع قصيدته «عاصفة الحزم»:
الحزم أصدق إنباءً من الجدل.. والحق منتصرٌ في عودة الأمل.
ومزج الشاعر عبدالله العويّد في قصيدته الوطنية برومانسية رقيقة حيث يقول في مطلعها:
وطني رَشَفـتُكَ كالزهـورِ رَحِيقا.. لَـمّا وَجَدْتُكَ رائعاً وأنـيـقـا!
ووجدْتُ فيكَ الحُبَّ يـشدو باسماً.. والقلبُ يـنـبـِضُ بالحنانِ رقيقا! أما الشاعر والناقد والإعلامي الدكتور أحمد التيهاني فقد كان لتماسه مع الوطن أسلوب مغاير في قصيدته «بتلار» التي جاء فيها:
ذات ليلٍ عبقري..
نمّقت «ليلاه» حلما عن سكنعن فناء الدار في ظل الحديقة.. خاتلت بالوهم أسوار الحقيقة
وللحبّ نافذة أخرى أطلّ منها شعراء الأمسية على عوالم الشعر الدافئة والفسيحة، حيث اختص الشاعر زكي السالم بنفس رومانسي رائق، حيث قال في قصيدته:
رأيت على شفاهك ومض حزن يعكّر صفو مبسمكِ الأغنّ
وبين غضون وجهك لفحُ يأس يُهَدهَدُ جمرُه بيد التمني
وفي عينيك أوجاع حيارى تكاد تذيبني وتهدّ ركني
غير أنّ السالم لم ينفرد وحده بقصائد الحبّ حيث شاركه الشعراء الآخرون فيها، حيث ألقى الشاعر علي الضميّان قصيدة بعنوان «عذبيني» قال في مطلعها:
عذبيني واحني عليّ وزيدي.. في عذابي واستعذبي تنهيدي
فأنا كم أعرضت عن نبض قلبي.. في سكوني لما سكنت جليدي
كان وهمي يجتاحني وفؤادي.. يصطفيني والحزن يشجي نشيدي
وليس بعيدا عن الشاعر الضميّان يأتي عزف الشاعر عبدالله العويّد، فإذا كان الأوّل قد اضطربت سفينته في أمواج الحبّ المتلاطمة الهائجة بسفن العشاق الحائرين في متاهات العشق وأهواله التي بلغت به إلى أن ينادي محبوبته قائلا: «عذبيني» فإن الشاعر العويد يزيد على ذلك مخاطباً محبوبته بقوله: «قطعيني» في قصيدة بعنوان «تعالي.. قطّعيني لحن حبٍ» حيث يقول مشتكيا الحيرة:
غموضٌ يا حبيبي في غموض تشابهه الدوائر في العَروض!
يموسقها (الخليل) بكلّ بحر يقطّعها على لحن القريضِ!
وللشاعر التيهاني طريقة مختلفة في تتبع تفاصيل عالم الحبّ ورصد أدقّ مجرياته، إذ يقول في قصيدة بعنوان «طعمُ كفّيها»:
لكفيك طعمٌ / يراقصُ في الروحِ روحاً لديكْ
لكفّيكِ عزفٌ / ينبّئ أوتار قلبِ المغنّي يحمى يديكْ
أكفّاكِ دمعٌ؟ / ترقرق كالهمس في راحتيكْ
وتخضرّ.. تخضرّ.. أوراقُ عمرٍ..
يطولُ إذا ما تلذذ بالفرحة البكر في ناظريكْ.
وفي ختام الأمسية تقّدم رئيس نادي الشرقية الأدبي مدير الأمسية بدروع تذكارية عبّر من خلالها عن شكره والمنظمين للأمسية للشعراء الذين أثروا الأمسية بأشعارهم المنوعة والموزّعة بين المشاعر الوطنية و التأمل في أحوال الإنسان في الحب والسلام بأثمن الدرر الجمالية، إضافة إلى إهدائه لفرسان الأمسية مجموعة من إصدارات النادي.
الشعراء وجانب من جمهور الأمسية (اليوم)