ما دور الصين في دعم جهود المملكة لتحقيق رؤية 2030؟ ما ترمي اليه «الرؤية 2030» هو إثراء وزيادة محركات النمو لتصبح: (1) النمو السكاني ورأس المال البشري، (2) العمرة (المرتكز الأول للرؤية)، (3) رأس المال وأسواقه (المرتكز الثاني للرؤية)، (4) العولمة والتجارة (المرتكز الثالث للرؤية)، (5) التقنية والابتكار والنمو في الإنتاجية، (6) الموارد الطبيعية. إذاً، من خلال تحقيق «الرؤية السعودية 2030» تسعى السعودية ليصبح اقتصادها متعدد المصادر.
ولكن لماذا الصين؟ وما الذي تستطيع الصين فعله فيما يتصل بتحقيقنا لرؤية 2030؟ الصين، أكبر بلدان الدنيا سكانًا، تمتد على رقعة جغرافية تتجاوز 9.4 مليون كيلومتر مربع. تمكنت أن تتحول من الفقر إلى الغنى، كيف نجحت في التحول؟ الصين لم تغير شيئا، ولا حتى نظامها الشيوعي أو مركزية المكتب السياسي! كل ما فعلته حقيقةً لإطلاق ماردها الهائل أنها أصلحت سياساتها الاقتصادية قولًا وفعلًا، فأصبحت أكثر الاقتصادات الكبيرة انفتاحًا، فانتقلت -بنكهة صينية- لاقتصاد السوق، ما جعل اقتصاد الصين يصعد صعودًا صاروخيًا، فحققت «معجزة» اقتصادية في سنوات قليلة؛ إذ نما اقتصادها بمعدل سنوي «خرافي» متوسطه 9.5 بالمائة منذ بداية الإصلاحات في العام 1978 حتى العام 2013، وتضاعف بذلك حجم اقتصادها (الناتج المحلي الإجمالي) عشرة أضعاف، وارتفع متوسط الأجور ستة أضعاف. لاحظوا، ان اقتصادها تضاعف حجمه، والمواطن تضاعف دخله. وهذا ما علينا فعله، بل هذا في حقيقة الأمر ما تسعى رؤية المملكة 2030 لتحقيقه. إذاً، الصين نجحت فيما نسعى نحن للنجاح فيه؛ إطلاق العنان لمحركات الاقتصاد لتأخذه للمقدمة، وهذا يتطلب إرادة وصبرًا واجتراح حل اقتصادي جهبذ.
وهذا السياق، فإن الأفق سالك والفرصة ملائمة لدفع العلاقات السعودية-الصينية الاقتصادية استراتيجيًا، لتعتمد على شراكة طويلة المدى، بأن يَفتح البَلدَان اقتصادهما للاستثمارات المتبادلة، بما يتجاوز التبادل التجاري، وبما يحقق تواجدًا استثماريًا في القطاعات كافة، فالاقتصاد السعودي بحاجة للتنوع، ويعول على نمو متسارع في قطاع الصناعة التحويلية، كما أن السعودية تتجه من خلال تحقيق «الرؤية السعودية 2030» إلى رفع المحتوى المحلي ولا سيما في صناعة النفط والغاز إلى 75بالمائة، وزيادة الصادرات النفطية إلى 50 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي، والارتقاء بخدماتها اللوجستية إلى المرتبة 25 عالميًا، والوصول بمساهمة القطاع الخاص إلى 65 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي، ورفع قيمة تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى 5.7 بالمائة، وتحسين قدرتها التنافسية ليصبح الاقتصاد السعودي من بين أول 10 اقتصادات تنافسيةً. ويوجد توافق في المصالح بين الصين والسعودية؛ فبوسع الصين من خلال شراكتها ومساندتها في تحقيق «الرؤية السعودية 2030، أن تستفيد مما تتيحه المزايا النسبية للمملكة العربية السعودية، والتي منها الموقع الجغرافي المتوسط المطل على أفريقيا حيث للصين مصالح جمة، وتوفر الطاقة واللقيم، بما يجعل من المجدي اقتصاديا استثمار الصين في إقامة منصة للصناعات التحويلية والخدمات اللوجستية الصينية في السعودية، بما يمكنها الانطلاق لأسواق مهمة وواعدة في أفريقيا وأوروبا وغرب آسيا والمنطقة العربية برمتها. وتجدر الإشارة أن تلك المنصة، في حال قيامها، ستعزز قصص نجاح للصناعة تشهدها السعودية في مدينتي الجبيل وينبع الصناعيتين، وفي مدينتين تعدينيتين هما رأس الخير و «وعد الشمال»، وفي مدينة جازان الاقتصادية الواعدة، على سبيل المثال لا الحصر.