تحمل الأيام القادمة تحديات كبرى على مستوى تشغيل الشباب، وإتاحة فرص العمل، ومكافحة البطالة، وهي ظاهرة أمنية قبل أن تكون اجتماعية أو اقتصادية لما تحمله من تأثيرات سلبية على وضع الدول بصفة عامة، ونظراً لكون وزارة العمل والتنمية الاجتماعية هي الجهة المعنية والمسؤولة والتي يقع على كاهلها الدور الأساسي الفاعل في مواجهة تلك المشكلة، عليه وددت تسليط الضوء على ما تقوم به من جهود في هذا السياق، وذلك من خلال قراءتي وتتبّعي مجموعة المسارات والأنشطة والبرامج والمبادرات التي أعلنتها الوزارة منذ أيام بهدف دعم وتعزيز وتطوير سوق العمل، التي تسهم في عملية ضخ المزيد من الفرص الوظيفية للشباب والفتيات، إضافة إلى أهداف أخرى تتعلق بتنمية قدرات مستفيدي التنمية الاجتماعية وتحويلهم من الرعوية إلى التنموية. وربما كان أكثر ما يميز تلك المسارات أنها تحمل 13 هدفًا إستراتيجيًا و75 مبادرة تستهدف في مجملها مواكبة برنامج التحول الوطني 2020 باعتباره خطوة أولى وضرورية نحو تجسيد رؤية المملكة 2030، حيث يرسم البرنامج التوجهات والسياسات العامة والمستهدفات والالتزامات الخاصة بالرؤية، لتكون نموذجاً رائداً على كافة المستويات. ونأمل أن تحقق تلك المبادرات أهدافها فعلياً من حيث توفير بيئة عمل آمنة وجاذبة في القطاع الخاص، لتحقيق الرضا الوظيفي، وتقليل نسب التسرب الحاصل في القطاع الخاص، وهي مشكلة تهدد بصفة مستمرة المبادرات التي يتم تنفيذها في هذا الإطار نظراً لعدم القضاء على مسبباتها الرئيسة والتي من أهمها: عدم توافر مسار وظيفي واضح للترقية، والافتقار للكثير من الموظفين ذوي الكفاءة وذلك يعود لانعدام شعورهم بالعدالة الإدارية في تقييم أدائهم الوظيفي، فضلاً عن عدم الاحساس بالأمن الوظيفي، وعدم تلقي ما يناسبهم من فرص تدريبية مناسبة. كما نأمل أن تتحقق رؤية وزارة العمل فيما يتعلق بزيادة فرص ومجالات عمل المرأة السعودية، ومشاركتها في سوق العمل كصاحبة عمل أو عاملة، وتوفير بيئة آمنة لرفع إنتاجيتها، خاصة وأن توقعات وزارة العمل تشير إلى أن هناك 3 ملايين وظيفة إضافية في القطاع الخاص سيتم استحداثها للسعوديين بحلول عام 2020م، وأن حصة النساء في سوق العمل ستزيد من 17% إلى 24%، وربما يتوافق ذلك مع الإحصائيات التي نشرتها الوزارة والخاصة بعدد النساء اللاتي تم توظيفهن حتى نهاية عام 1437، حيث بلغ عددهن 537869 موظفة سعودية. لكني ومن خلال رصدي تلك المبادرات والأهداف لا أعتقد أنها سترى النور إلا إذا كان هناك تكامل عملي بين الوزارات المختلفة، وتعاون فعلي وجاد بين الجهات المعنية للقضاء على الصعوبات التي تهدد تنفيذها، ومنها ضعف ثقافة العمل لدى المجتمع خاصة المرأة، وصعوبة استخراج التراخيص الحكومية لسيدات الاعمال، إضافة لعدد آخر من الصعوبات التي تحتاج إلى دراسة سريعة، ووضع حلول لها، قبل حلول شمس عام 2020م حتى نشعر أننا نمضي فعلياً على الطريق الصحيح المؤدي لرؤية 2030.
همسة:
كثرة المبادرات دليل على الرغبة في العمل والإنجاز وتحقيق الأهداف التنموية، لكن تبقى دائماً آلية التنفيذ هي الفيصل النهائي.