رفضت منظمة العفو الدولية حكماً أصدرته محكمة تابعة لميليشيات الحوثي بصنعاء بإعدام الصحافي المختطف، يحيى الجبيحي، بتهمة التخابر مع دولة أجنبية. وطالبت المنظمة في تغريدة على موقع «تويتر» ميليشيا الحوثي بإعادة محاكمة الجبيحي محاكمة عادلة أو الإفراج عنه فوراً.
واختطف الحوثيون الجبيحي من أمام منزله في صنعاء، بعد اقتحامه ومصادرة أجهزة مكتبية في سبتمبر الماضي.
وفي سياق متصل، شجبت منظمة «مراسلون بلا حدود» استمرار اعتقال 10 صحافيين في سجن الأمن السياسي بصنعاء من قبل الحوثيين وتحت ظروف مروعة منذ سنتين تقريباً.
يأتي ذلك في وقت تدور فيه رحى معركة صامتة جديدة بين حليفي الانقلاب في صنعاء، بعد خطوة تكريس الطائفية والانقسام المذهبي التي اتخذها الحوثيون بتعيين مفتٍ وهيئة إفتاء شرعية في صنعاء يبدو أنها لن تنجح هذه المرة. ميليشيات الحوثي شكلت هيئة إفتاء برئاسة شمس الدين شرف الدين، وعينته «مفتياً للديار اليمنية» بدلاً من القاضي محمد بن إسماعيل العمراني.
##سخط ورفض
القرار الطائفي بتعيين مفتٍ طائفي قوبل برفض وسخط كبيرين في الشارع اليمني، ورأى البعض أن القرار اتخذ في طهران وليس في صنعاء لارتباط المفتي الجديد بحوزات قم، التي تلقى تعليمه فيها. كما أنه وأعضاء المجلس الآخرين معروفون بتعصبهم لما يسمونه الهاشمية أو آل البيت. هذا القرار سبب خلافاً جديداً مع حليف الانقلاب، فقد نشر موقع «المؤتمر. نت» التابع للرئيس المخلوع صالح خبر اتفاق إلغائه، وعلى أن يعاد تشكيل الهيئة من العلماء المشهود لهم بالكفاءة والنزاهة والعلم والتقوى، في إشارة ضمنية إلى أن مَنْ تم تعيينهم من قبل الحوثيين لا يمتلكون هذه الصفات. وفي السياق، وجه حزب المخلوع صالح، الخميس، اتهاما مباشراً ضد حليفه الحوثي بالخروج عن مبادئ «اتفاق الشراكة» الذي جمعهما نهاية يوليو الماضي.
جاء ذلك عبر موقع «المؤتمر نت» الناطق باسم حزب المخلوع، بسبب تعيينات اتخذها مسؤولون من ميليشيا الحوثي ضد حلفائهم من أنصار المخلوع، وعمليات اقتحام ممنهجة ضد مسؤولين في حكومة الشراكة بين الطرفين. واقتحم الحوثيون امس الأول «الهيئة العامة للتأمينات والمعاشات» في صنعاء ومنعت رئيس الهيئة (موالٍ لصالح) من ممارسة عمله، لكن الموقع اتهم «مجموعة مسلحة» >##خوف الحوثيين
وعلى صعيد متصل، قالت مصادر مطلعة ان قادة الميليشيات بدأوا بالترويج لإصدار قانون الطوارئ، الذي سيُجْهز على ما تبقى من نفوذ المخلوع صالح، سواء عبر البرلمان الانقلابي أو عن طريق بعض الحضور في السلك القضائي والمؤسسات الأمنية أو بقايا الوحدات العسكرية في صنعاء.
وحسب توجهات الميليشيات، فإنه سيتم حل الحكومة الانقلابية والمجلس السياسي الانقلابي واللجنة الثورية الانقلابية العليا، وتشكيل ما يسمى بمجلس قيادة الثورة ومحكمة لمقاضاة وسَجن كل المشمولين بقوائم الميليشيات.
واضافت المصادر وفقا لـ«المشهد اليمني»: إن قانون الطوارئ سيتيح للميليشيات الانقلابية اعتقالَ ومحاكمة قيادات في حزب المخلوع صالح ونشطاء وسياسيين تعتبرهم ميليشيا الحوثي مناهضين لسلطاتها ومشروعها الانقلابي، حيث تفيد المعلومات بأن الميليشيات أعدت قوائم بنحو 800 فرد سيخضعون لتبعات قانون الطوارئ وإجراءاته الاستثنائية.
وتعمل الميليشيات على إصدار قانون الطوارئ لاستخدام آلة القمع في إسكات كل الأصوات، التي ترتفع في العاصمة اليمنية صنعاء تناهض مشروعها الانقلابي وتصرفات قياداتها وممارساتهم بحق المال العام وممتلكات الدولة والشعب. وتسعى الميليشيات إلى ابتلاع كل شركاء الأمس، الذين ساندوها في الانقلاب وأيدوا خطواتها القمعية من غير المنتمين إلى الميليشيات، وعلى رأس هؤلاء الشركاء المخلوع وحزبه، وقيادات الجيش الموالين له، الذين ظهرت مؤشرات وتحركات لهم ضد هيمنة الميليشيات على مؤسسات ومقدرات الدولة في العاصمة والمناطق الخاضعة للانقلابيين.
##نسخة خمينية
ويبدو أن هذه أولى محاولات السقوط لتصفية الشركاء، وهي نسخة مستنسخة من تجربة خميني طهران، الذي تنّكر لتيارات اليسار التي ساندت ثورته، ووصف أنصار هذه التيارات بالمنافقين، حيث قام بإرسالهم إلى السجون عبر محاكمات وأحكام قاسية، وبذا يحاول خميني اليمن عبدالملك الحوثي تكرار ذات التجربة، ويبدأ بإقصاء شركائه في الانقلاب من كل التيارات وعلى رأسهم المخلوع صالح وحزبه.
فخلال أسبوع واحد فقط أحكَمَ زعيم الميليشيا سيطرته على المؤسسة الدينية عبر تعيين هيئة إفتاء بمهام مفتوحة وفضفاضة؛ سيوظفها لصالح توجهاته الانقلابية والطائفية أيضاً، كما أن زعيم الميليشيا سيطر على أكبر هيئة مالية حكومية في صنعاء وصعدة ومدن الشمال؛ هي هيئة التأمينات التي تضم صناديق التأمين العسكرية والمدنية، وتملك رأس مال كبيرا يتجاوز الترليون ريال. وكان زعيم الميليشيا قد أحكم سيطرته أيضاً على القضاء من خلال تعيين نائب عام من أتباعه والسيطرة العسكرية على المؤسسات العسكرية ومؤسسات الإيراد المالي، وذلك ضِمن مخطط مدروس استهدف إقصاء كل الأطراف الحليفة من هذه الجهات المهمة والتفرد بسلطة القرار في العاصمة المختطفة والمناطق الخاضعة للانقلابيين.