لم يعد تكدس الفصول الدراسية بأعداد كبيرة من الطلاب وبأكثر من الكثافة المطلوبة له تأثيراته السلبية على الطلاب فقط بل امتدت هذه التأثيرات السلبية للمعلمين وبقية الكادر التعليمي لعدم توفير البيئة التعليمية الملائمة. وتواصل «اليوم» في هذا العدد توضيح هذه التأثيرات التي تطرق إليها الكادر التعليمي بعد أن تم نشر آراء أولياء الأمور حول المشكلة، وتم اقتراح عدد من الحلول التي تساهم في الحد من تكدس الفصول الدراسية.
الضبط والمتابعة
يقول جعفر العيد – مرشد طلابي: إن تكدس الفصول الدراسية بالطلاب لا يوفر بيئة تعليمية مناسبة، سواءً للمعلم أو الطالب، مشيرا إلى أنّ الفصل الذي يزيد عدد طلابه على «25» يصبح صعب الضبط والمتابعة، ويصعب فيه التركيز والاستيعاب للطالب، وأضاف: إن هناك عددا من سلبياته والتي منها منع عملية الإبداع لدى المعلم، فالمعلم لا يستطيع في هذه الحالة إتاحة الفرصة للمناقشة والمحاورة بينه وبين طلابه وبالتالي سيكون سلبا على عملية التقويم للطالب من قبل المعلم، وانتشار بعض السلوكيات الخاطئة بين الطلاب بسبب الاحتكاك المباشر.
وأضاف: إن من سلبيات تكدس الفصول أيضا حصر المعلم وفق استراتيجيات محددة من التعلم وهو التعلم بطريقة المحاضرة والحفظ.
###مشكلات سلوكية
ولفت الأخصائي النفسي الاكلينيكي سليمان البكيري إلى عدم القدرة على حل المشكلات السلوكية التي تحدث في الصف الدراسي، وعدم قدرة الطالب على المشاركة مع معلمه لضياع الوقت، بالإضافة إلى إرهاق المعلم من حيث تصحيح كتاب النشاط ومتابعة الواجب المنزلي، وكذلك عدم القدرة على التفكير للطلبة الموهوبين والموجودين في الصف نفسه. مشيرا إلى أنه في كثير من الأحيان يفقد القدرة على إتمام الشرح بسبب ضبط سلوكيات عدد من الطلاب.
وطرح البكيري عددا من الحلول لمعالجة تكدس الفصول الدراسية، مطالبا بتهيئة المدارس على شكل قاعات دراسية ينتقل الطالب بينها، وزيادة عدد المدارس لاستيعاب طلاب أكثر لتقليل العبء وللقضاء على ظاهرة التكدس، والعمل على تقليص الأعداد وفق القوانين الموجودة في المدارس الأهلية بحيث يكون عدد الطلاب بين 20 الى 25 طالبا.
وقال مدير مجموعة أصدقاء تعزيز الصحة النفسية بالمنطقة الشرقية الأخصائي النفسي فيصل ال عجيان: إن ظاهرة تكدس الطلاب في الفصول الدراسية تكمن في صعوبة ضبط الطلاب، مشيرا إلى التسبب في ضعف آداء الطلبة المتفوقين والموهوبين بالإضافة الى تأثير التكدس على تحصيل الطلاب العلمي خصوصا ان العدد الكبير يصعب على المعلم السيطرة عليه، لافتا الى ان المعلم لديه انشطة فصلية وواجبات وسجل متابعة مما يصعب عليه مهامه، ويزيد من صعوبة المعلم عدم وجود الوقت الكافي من المعلم لشرحها ومناقشة الطالب فيها، حيث لا يمكنه الشرح والمتابعة كلها في غضون «45» دقيقة.
وأضاف: إن تكدس الطلاب داخل الفصول يؤدي لتفشي ظاهرة الدروس الخصوصية، خاصة ان عددا من الطلاب بحاجة الى تعليم خاص لأنهم غير قادرين على الاستيعاب داخل الفصل ويضطرون الى البحث عن بديل للنجاح والتفوق.
وأشار الى وجود مشكلة المواد العلمية والحاسب التي تحتاج الى تطبيقات في المعامل الخاصة بالمدرسة، لافتا الى ان المعمل لا يستوعب العدد الكبير من الطلاب مما يؤثر على عدم استيعابهم للدرس وادائهم وفهمهم ضعيف، حيث يشترك أكثر من طالب في كل جهاز من أجهزة المعامل.
###استيعاب المعلومة
وقالت الأخصائية الاجتماعية بالدمام فاطمة ال عجيان: تمثل ظاهره تكدس الطلاب داخل الفصول أكبر عائق أمام المدرس والطالب والمدرسة، مشيرة الى انه يترتب عليه اثار على مستوى تعليم الطلاب في الفصل ومدى استيعاب المعلومة او إيصالها بشكل جيد بالإضافة الى عدم مراعاة الفروق الفردية.
وأشارت الى ما يترتب على المشكلة من مشاحنات بين الطلاب ومشاكل فيما بينهم من مشاجرات وسرقات وتمزيق للكتب، وبينت أن المعلم يجد صعوبة في ضبط الفصل، بالإضافة إلى صعوبة رؤية الطالب السبورة لبعدها، مشيرة إلى أهمية التركيز على المواد العلمية مثل الرياضيات والعلوم واللغة الانجليزية مما يصعب على الطالب متابعته مع المعلم، لافتة الى وجود مقترحات في ظل تكدس الطلاب منها عمل الحلقات والعمل بروح الجماعة لكسب وقت المعلم والطالب.
وقالت الأخصائية النفسية في مستشفى جازان العام فاطمة السعيد: إن التوزيع العادل للوقت بين الطلبة أثناء الدروس يتطلب توافر عوامل عديدة، منها قدرة المعلم على فرض شخصيته على الفصل أثناء الشرح وكذلك إمكانية إيصال المعلومة بأسلوب سهل ومحبب للطلبة، بالإضافة إلى الحرص التام على ابقاء اذهان الطلبة مركزة على الدرس، فضلا عن وجود الأعداد المناسبة في الفصل الواحد.
وأضافت: ان المدارس الحكومية تواجه أزمة حقيقية في المرحلة الحالية تتمثل في التكدس الكبير، مشيرة إلى أن وجود أعداد تتجاوز 35 طالبا في مساحة محددة أمر بالغ الصعوبة في عملية التوزيع العادل للمادة العلمية لكافة الطلبة، معتبرة أن العملية التعليمية الحديثة تقوم على تقليل الطلبة داخل الفصل الواحد، بهدف إعطاء مساحة كافية للمعلم لإيصال المعلومات.