تنتعش أحياء منطقة المدينة المنورة هذه الأيام المباركة بحركة تجارية تقودها الأسر التي تستثمر خبراتها في صناعة شتى الأكلات الشعبية المعروفة في المنطقة مثل: البليلة، البطاطس، السوبيا، وبعض المعجنات، وبيعها طازجة على المارة من زوار المدينة المنورة الذين يحرصون على تذوق نكهتها المدنية. وتحرص الأسر على سلامة وجودة ما تقدمه من أكلات شعبية، ناهيك عن عرضها أمام المتسوقين بطريقة آمنة من خلال تغليفها أو تغطيتها في آوان حافظة تمنع تعرضها لأي ملوثات لا سمح الله، في حين تكون أوقات البيع إما قبيل الإفطار أو بعد التراويح.
ومما يلفت نظر الزائر لهذه الحركة التجارية مشاركة أفراد الأسرة في بيع منتجاتها، فتجد الأب مع أبنائه، أو الأم مع أحد أطفالها.
شباب يسوقون منتجات أسرهم (واس)
وأشارت أم عمار إلى أن أحد أبنائها شعر بالحرج في بداية مزاولته بيع الأكلات التي تطبخها، لكن عند ما شاهد أبناء الجيران يتسابقون مع آبائهم على البيع وهم يشعرون بالفخر، تغيرت وجهة نظره، وبدأ يطلب أن أنوع في الأكلات ليلبي ذائقة الزبائن، إلى أن أفرد بسطة له تحمل أكلات متنوعة تخرج طازجة من المنزل.
أما أم ابراهيم، فقد أكدت أن أبناءها يبيعون ما تطبخه على البسطة بكل فخر، ويرددون أهازيج شعبية لاستقطاب الزبائن كما يرددون عند بيع البليلة حيث يقولون: «بليلة بللوكي.. بالطرشي والخل زينوكي»، مبينة أنها تحرص على اقتناء مكونات البليلة من السوق، وتطبخ يوميا ما يقارب من أربعة من الأواني الكبيرة.
ومن جهتها، قالت الأم حميدة حسن: لقد تخصصنا في بيع البليلة التي ورثناها عن والدي - رحمه الله - حيث كان يبيعها في رمضان، ويتراوح سعر الوعاء الصغير منها في المتوسط من: ثلاثة ريالات إلى خمسة ريالات، بينما الكبير يصل إلى عشرة ريالات، وفقا لنوع الخلطات التي تحتوي عليها. واستوقفنا العمة أم عبدالرحمن التي قالت: لدي ثلاثة من الأبناء يعملون على بسطة في أحد أحياء، يبيعون البلية، والفشار، والبطاطس، ولعبة الفرافير، ومع دخول شهر رمضان المبارك زادت حركة بيع البسطة وأصبحت تدر لنا الدخل المعقول.
ومن جانبه، أفاد الشاب سعد الحجيلي الذي يدرس في المرحلة الثانوية بمنطقة بئر عثمان بأنه يبيع البليلة على بسطته التي تزينت بزينة جميلة وأنوار وفوانيس رمضان، مبينا أن البسطات الشعبية في المدينة المنورة ظاهرة قديمة، وأبرز ما يقدم من خلالها «البليلة» التي يتم إعدادها من الحمص اليابس، وكربونات وزيت الزيتون، ثم يسلق الحمص مع ملح وليمون على نار مرتفعة، وعند ما يغلي يُترك مغطى على نار هادئة لمدة ساعة، ثم يصفى من وينقل في القدر المخصص.
وقال الحجيلي: أقوم بطبخ البليلة بنفسي من أول رمضان، والبيع في هذه الأجواء الرمضانية الجميلة من بعد التراويح إلى قبيل الفجر لا يعادله شئ.