DAMMAM
الخميس
34°C
weather-icon
الجمعة
icon-weather
34°C
السبت
icon-weather
37°C
الأحد
icon-weather
33°C
الاثنين
icon-weather
34°C
الثلاثاء
icon-weather
36°C

النجاح قد لا يكون من الصفر

النجاح قد لا يكون من الصفر

النجاح قد لا يكون من الصفر
أخبار متعلقة
 
أن تدير مشروعك الخاص يعني أن تعيش حياتك كما حلمت أنت بها، لا شيء يوازي تأسيس مشروع تحبه وينتمي إليك وتعيش معه مراحل النجاح وتكملها الى النهاية، لا وقت ولا عُمر يحدده لتحقيق هذا الأمر، فقط عليك أن تقرر وتغامر وتفعلها. المشاريع الخاصة والعصامية لا تقتصر على ذوي الحاجة من العاطلين الذين تدفعهم حاجتهم للمغامرة، بل أجد أن أعظم المشاريع هي تلك التي يديرها إنسان كان ناجحًا ولم يرضَ عن نفسه إلا بعد أن يعطي نجاحه لمشروعه هو لأنه وحده الذي يستطيع تقييم نفسه. ولعل الأمريكي جيفري بريستن المعروف بـ «جيف بيزوس» مؤسس موقع أمازون -الموقع التجاري الالكتروني الأول- كان أحد من أعنيهم. يقول بيزوس في كتابه «كل شيء في متجر، جيف بيزوس وعصر الأمازون»، إنه: «لا حاجة للخبرة حينما تكون جيدًا في عملك، سيكفيك إتقانه».. الرجل الذي تخرّج في جامعة برينستون العريقة، وحصل على شهادة الهندسة في الكهرباء وعلوم الحاسوب ليعمل محللًا ماليًّا في أعرق البنوك الأمريكية حين سُئل لِمَ تركت وظيفتك المرموقة وراهنت على مشروع بلا آفاق واضحة ومعدّل المخاطرة كبير؟، أجاب بأنه «شعر بالملل وحسب». كلمة الملل هنا أجدها مطاطة بعض الشيء، وتوحي بالكثير من الأسباب، ولكن في مجملها تعني أن الرجل رفض أن يحبس نفسه ويحجم ذاته بروتين وأشخاص يحدون من إبداعه وتقليل قدراته في الوظائف التي تنقل بينها على الرغم من نجاحه فيها وتنقله لدرجات وظيفية عالية. وكان على حق فيما فعله، هكذا يقول في كتابه، لم يندم على تلك الخطوة رغم المجهول الذي أقحم نفسه فيه، فماذا يعني أن ينشئ موقعًا لبيع الكتب «الكترونيًّا» في منتصف التسعينيات وحينها كان الكثيرون لا يعرفون ماذا يعني «إنترنت»؟ ولم يجد إجابة لأحد من أراد إقناعه بأن يكون شريكًا له في المشروع حين سأله: «ولكن، كيف ستدفع الناس على طلب الكتاب من الإنترنت؟ وأصلًا ما الذي سيدفعهم لفعل ذلك؟» كان هذا السؤال محبطًا للغاية بالنسبة لبيزوس لدرجة اليأس، وهو الذي كان يبني مشروعًا افتراضيًّا دون أفق واضح، بحسب وصفه في كتابه، حيث ذكر أن الاستثمار في موقع كأمازون بدا له مشروعًا ذا مخاطرة عالية قد تستمر ـ المخاطرة - لخمس أو لسبع سنوات ولم يكن الأمر واضحًا لديه ولكن كانت نسبة نمو استخدام الانترنت عالية بالمقارنة، فبدت له كبارقة أمل وهذا ما شجّعه على أن يترك عمله المرموق والمضمون وكان لم يكمل العام على زواجه، فهو بهذا القرار قد يخسر عملًا يحلم به آلاف الشباب وقد يتسبب في انهيار حياته الزوجية التي للتو بدأها بالمراهنة على مشروع ليس به أفق واضح، وهو يعرف أن أحدًا لن يضع أمواله ليشتري سمكًا في البحر. وما زاد الأمر أنه كان يعمل في مجموعة «دي.أي.شو الشركة العالمية لتطوير الاستثمار والتكنولوجيا وإدارة المخاطر» وكان يعرف كيفية تقدير المخاطر جيدًا، بيد أن عمله في هذه الشركة على ما يبدو كان حافزًا له ليفكر في استغلال التكنولوجيا وتنفيذ مشروعه. ورغم الكثير من العراقيل التي واجهته منها رأس المال الذي لم يحصل عليه بسهولة ولم يفلح في بداية الأمر في إقناع أحد بمشروعه الذي يحمل نهجًا غير مفهوم للعديد بالذات المستثمرين من كبار السن، فكان يصف هذه المرحلة بأنها الأصعب وجاءت مخالفة لتوقعاته، إذ توقع أن ينجح وفي زمن قصير في إقناع العديد بالدخول في شراكة لتأسيس الموقع، إلا أن هذه المشكلة وبعض الأمور الخاصة بالتنفيذ بدت له صعوبات كبيرة، وعلى الرغم منها إلا أنه لم يتراجع خطوة إلى الوراء، يقول بيزوس إنه ظل لسنوات وهو يخسر بسبب التعويضات الكبيرة التي يتكبّدها الموقع في حالة عدم استلام الزبون كتبه، إلا أن فكرة التوسعة التي كانت تأتيه بسبب رغبة العديد من زبائن الموقع في توفير منتجاتهم ساعدت كثيرًا على أن يكون هذا الموقع سوقًا إلكترونيًّا شاملًا، واستطاع بعد عدة سنوات كسب الأرباح بل وخلال عام واحد فقط، استطاع أن يجد العديد من الشركات الكبيرة الراغبة في الاستثمار في الشركة الحديثة. لنتعلم درسًا، فهناك العديد من الشباب لدينا مَن لا يصلح للعمل الروتيني فهو مبدع ويحتاج لمشروعه الخاص لينجح وينطلق، ولكن الخوف من المغامرة والمجهول والفشل وبالتالي الخسارة هي التي تحول دون الإقدام على هذه الخطوة. أو لعله الكسل والروتين، فهو غير مستعد للتخلي عن هذه الحياة وعن وظيفته التي لا يجهد نفسه فيها على الرغم من إمكانياته الكبيرة إلا أن طموحه المحدود هو المشكلة. كما أن الكثير ممن يقوم بإطلاق مشاريعهم الصغيرة أو متناهية الصغر يفترضون أنهم سيكسبون أرباحًا طائلة من أول شهر وأنهم سيسددون كل خسائرهم خلال هذا الشهر وحين لا تتحقق نبوءتهم يصابون بإحباط شديد وخلال شهر أو شهرين ينسحبون. المشاريع التجارية ليست صفقة تنجح من لحظتها، إنها تلزم صاحبها صبرًا عظيمًا للنجاح وأي تراجع له سيقوده للخسارة بالتأكيد، فأي مشروع لا يفترض أن يكون رابحًا لمدة عامين متتاليين وإن أقبل عليه الناس، فلا يفترض أن يتم استخدام أرباحه او توزيعها بل وضعها في صندوق المخاطرة لأي طارئ حتى يتمكن المشروع من أن يكون له مكانه في السوق ويعرفه الناس، ويصنع له اسمًا بعدها.