في لحظات تأمل استوقفني أمر ما، وهو أننا نرتاد المسجد كل جمعة ونستمع للخطبة التي عادةً ما يختتمها الخطباء بعبارة تدعو للتفكر وذلك بقوله «إن الله يأمر بالعدل والإحسان». فلماذا التذكير بالإحسان أسبوعيا!.
دعونا نسقط هذا المفهوم إدارياً على المنظمات فيما أسميه الإحسان المؤسسي أو ما تسعى النماذج العالمية لتأطيره بالتميز المؤسسي، إذ نجد أنه يحمل بين طياته ثقافة تنظيمية وسلوكا قيميا يجمع إحسان العمل والقول والمعاملة مما حباه الله منزلة محبته، «وأحسنوا إن الله يحب المحسنين». ومع وتيرة التنافسية المتسارعة وسعي المملكة لاستباق المستقبل بات الاستثمار في الإحسان مطلبا حتميا لما له من عوائد كبيرة على المؤسسات الحكومية وغيرها في تحقيق الأهداف والتطلعات «إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم».
ولو سلطنا الضوء على مراتب الإحسان في المنظمات، نجدها من وجهة نظري مرتبتين، الأولى هي الإحسان الشرطي المرتبط بالثواب أو حتى العقاب، حيث يجتهد الموظف بلا هوادة سعيا للحصول على المكافأة والترقية أو حذرا من العقوبة كالحسم أو الفصل نظراً لصرامة الأنظمة.
أما المرتبة الأسمى فهي الإحسان الشغفي والتي يبدع فيها الموظف نتيجة عشقه للمنظمة وروح الشغف بالمهنة. نعم ذلك حقاً ما نريد، «حب ما تعمل واعمل ما تحب»، ويجب أن تتيقن مؤسساتنا أنه لا يتحقق بالإعلانات والشعارات، بل بتوفير البيئة المحفزة والمقومات. ولا نغفل الاستفادة من الممارسات الرائدة كشركة «بين وكومبني» التي مُنيت بولاء موظفيها وحصدت أفضل بيئة عمل لتسع سنوات.
كما تتجلى أوجه الإحسان المؤسسي في عدة مواطن أهمها مربع الإخلاص والإتقان الذي يدفع الطاقة البشرية لتكون جزءا فاعلا من جسد المنظمة وليس كما يقول البعض «عملي بقدر مرتبي».
وتمتد ركائز ذلك المنهج لتشمل إحسان القادة للموظفين في المعاملة والمهام والمكافأة، إضافة للإحسان في العلاقات المؤسسية والتعامل مع الممتلكات والموارد ومع العملاء وخدمتهم وغيرها. وعلى صعيد نتائج الأعمال أقول للمنظمات التي ترسخ نهج الإحسان المؤسسي إن الله كفل لكم النجاح وتحقيق الأرباح، كيف لا «وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان».