انتهت أمس عملية الاقتراع حول استقلال إقليم كردستان العراق، في استفتاء تاريخي يريد من خلاله الأكراد فتح باب التفاوض من أجل إنشاء دولة يناضلون من أجلها منذ قرن تقريبا، لكنه يشكل تحديا واضحا للحكومة المركزية ودول الجوار.
وذكرت قناة رووداو التلفزيونية الكردية أن نسبة المشاركة في الاستفتاء بلغت 78 بالمئة . وأضافت القناة بعد ذلك أن فرز الأصوات بدأ ومن المتوقع إعلان النتائج النهائية خلال 72 ساعة. وعلى الرغم من أن النتيجة شبه محسومة، وستكون لصالح الاستقلال، إلا أن مسعود بارزاني، رئيس الإقليم الشمالي الذي يتمتع بحكم ذاتي، سبق أن أعلن أن الاستفتاء لن يجرَّ إعلانا تلقائيا للاستقلال، لكنه سيشكل بالأحرى نقطة الانطلاق «لمفاوضات جدية مع بغداد» حول هذه المسألة.
وشارك أكثر من خمسة ملايين مقترع في الاستفتاء الذي جري في المحافظات الثلاث من إقليم كردستان العراق، إربيل والسليمانية ودهوك، كما في مناطق متنازع عليها بين الأكراد والحكومة المركزية العراقية، مثل كركوك وخانقين في محافظة ديالى شمال شرق بغداد.
## يوم عيد
وأدلى رئيس الإقليم مسعود بارزاني بصوته في ساعة مبكرة من صباح أمس في أربيل، وبدا مبتسما وهو يرتدي الزي الكردي.
وقام مقترعون بذبح عجل أمام أحد مراكز الاستفتاء الرئيسية بوسط اربيل، تعبيرا عن فرحتهم.
وقال ديار أبو بكر (33 عاما) بعد أن انتظر أكثر من نصف ساعة للإدلاء بصوته: «جئت مبكرا كي أكون أوّل شخص يصوت بنعم للدولة الكردية»، مؤكدا أنه «يوم عيد لنا».
في السليمانية، ثاني مدن الإقليم، توافد الناخبون إلى مركز كانيسكان في شرق المدينة. وقال ديار عمر (40 عاما، موظف) والذي ارتدى أيضا الزي الكردي: «سننال استقلالنا عن طريق صناديق الاقتراع».
وأقيم 12072 مركز اقتراع في عموم إقليم كردستان العراق والمناطق المتنازع عليها.
##بغداد ترفض
ويتوزع الأكراد -الذين يقدر عددهم بين 25 و35 مليون نسمة- بشكل أساسي في أربع دول هي تركيا وإيران والعراق وسوريا. وكان رئيس الوزراء العراقي اتخذ كل «الإجراءات الضرورية» لحماية وحدة البلاد، قبل أقل من أربع وعشرين ساعة من موعد إجراء الاستفتاء. وأمر العبادي الأجهزة الأمنية الاثنين «بحماية المواطنين من التهديد والإجبار الذي يتعرضون له في المناطق التي يسيطر عليها» إقليم كردستان. وفي السياق، صوت مجلس النواب العراقي امس على قرار يلزم رئيس الوزراء العبادي بنشر قوات في المناطق التي استولى عليها الاكراد منذ الاجتياح الأمريكي عام 2003.
وأصدر البرلمان مجموعة من القرارات ضد الاستفتاء، أبرزها «إلزام القائد العام للقوات المسلحة (حيدر العبادي) بالحفاظ على وحدة العراق ونشر القوات في كل المناطق التي سيطر عليها الإقليم بعد 2003».
##تهديد ووعيد
من جانبه أعلن الرئيس التركي رجب طيب اردوغان الاثنين أنه سيغلق قريبا الحدود البرية مع كردستان وهدد بوقف صادراته النفطية عبر تركيا.
وقال اردوغان خلال منتدى في اسطنبول: «هذا الأسبوع سنتخذ إجراءات. سنوقف حركة الدخول والخروج» عند معبر خابور الحدودي، مضيفا: إن صادرات النفط من كردستان العراق ستتوقف حين تقوم تركيا «بإغلاق الأنبوب».
وطلبت الحكومة العراقية الأحد من كل الدول أن تحصر التعامل معها في كل العمليات المرتبطة بالنفط.
ويبلغ متوسط إنتاج كردستان العراق من النفط 600 ألف برميل يوميا يتم تصدير 550 ألفا منها إلى تركيا عبر ميناء جيهان.
وأغلقت إيران أمس حدودها مع كردستان العراق. وقالت: إنه بطلب من الحكومة العراقية.
وكانت إيران أعلنت عشية الاستفتاء حظر جميع الرحلات الجوية مع كردستان العراق حتى إشعار آخر. ##مسيرات وبيانات وطلب الاستفتاء من 5.2 مليون ناخب الرد بنعم أو لا على سؤال واحد في ورقة الاقتراع كتب باللغات الكردية والتركية والعربية والآشورية وهو «هل تريد أن يصبح إقليم كردستان والمناطق الكردستانية خارج الإقليم دولة مستقلة؟.
وذكرت مصادر رسمية أن نسبة المشاركة في اربيل تجاوزت الـ80% وفي دهوك تقارب الـ90% وفي أقضية زاخو واكرى وعمادية التابعة لدهوك تجاوزت الـ90%، أما في محافظة كركوك فإن نسبة المشاركة حوالي 80%،وفي قضاء خانقين 92%، ووفقا لنفس المصادر فإن نسبة المشاركة في كل من محافظتي السليمانية وحلبجة لم تتجاوز الـ55%.
يذكر أن المفوضية العليا للانتخابات والاستفتاء مددت عملية التصويت لمدة ساعة واحدة بسبب التزاحم على مراكز الاقتراع.
وفي سوريا خرج آلاف من الاكراد السوريين في مسيرات، بعد انتهاء استفتاء إقليم كردستان العراق، مساء أمس وهم يحملون الأعلام الكردية.
وعلى صعيد متصل، أعرب انطونيو جوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة، عن قلقه حيال التداعيات الناجمة عن استفتاء الاستقلال في كردستان العراق، « والتي يحتمل أن تزعزع الاستقرار» في المنطقة.
ونقل المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة عن جوتيريش قوله إنه يحترم سيادة وسلامة ووحدة أراضي العراق.
من جهته قال البيت الأبيض ردا على سؤال بشأن استفتاء كردستان إن أمريكا تأمل في وجود عراق موحد لتدميرداعش والتصدي لإيران.