كشف سفير جمهورية الصين الشعبية لدى المملكة لي هوا شين، أن المملكة وبلاده تبحثان إنشاء صندوق استثماري بقيمة 20 مليار دولار مع تقاسم التكلفة والأرباح مناصفة، يستثمر في قطاعات مثل البنية التحتية والطاقة والتعدين والمواد الخام.
وأكد شين في حواره مع «اليوم» أن بلاده تعمل مع المملكة يدًا بيد على توطيد العلاقة الاقتصادية والتجارية الثنائية وتعزيز التبادل والتعاون بين رجال الأعمال، مشيرا إلى أن هناك تكاملا بين مبادرة «الحزام والطريق» و«رؤية 2030»، ويعمل الجانبان على تحسين الخطط التنفيذية للالتقاء بين هاتين الإستراتيجيتين التنمويتين.
وأشار إلى أن القيمة الإجمالية للقروض التي قدمها فرع البنك الصناعي والتجاري الصيني بالمملكة للسوق السعودي بلغت ٣.٢ مليار دولار في السبعة الأشهر الأولى لعمله.
■ سعادة السفير.. ما تقييمكم لتجربتكم الدبلوماسية في المملكة.. وما أبرز الجوانب التي لفتت نظرك عن الحياة في بلادنا؟
■■ بدأت مهامي كسفير لدى المملكة منذ سنة ونصف السنة، وأبرز الجوانب التي لفتت نظري في السعودية خلال هذه الفترة هي الإنجازات الكبيرة التي حققتها المملكة تحت قيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان في مسيرة بناء الدولة، كما رأيت بكل الارتياح التطورات السريعة التي أحرزتها العلاقات الصينية السعودية في السنوات الأخيرة.
■ وما رؤيتكم لوضع العلاقات السعودية الصينية في الوقت الراهن؟
■■ منذ انطلاق العلاقات الدبلوماسية بين الصين والمملكة في 21 يوليو عام 1990، حققت علاقات الصداقة والتعاون بين البلدين نموا شاملا وسريعا، ويحافظ الجانبان على التبادلات المتكررة وتتوسع مجالات التعاون باستمرار. ومنذ السنة الماضية، تم تبادل الزيارة بين الرئيس الصيني شي جين بينغ وخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان، مما فتح عهدا جديدا للتطور السريع والشامل للعلاقات الصينية السعودية، حيث تمت ترقية العلاقات الثنائية إلى الشراكة الاستراتيجية الشاملة، كما تم تشكيل اللجنة الصينية - السعودية المشتركة رفيعة المستوى. وفي نهاية أغسطس الماضي، زار دولة نائب رئيس مجلس الدولة الصيني تشانغ قاو لي المملكة وترأس مع صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الدورة الثانية لاجتماع اللجنة المشتركة رفيعة المستوى، فأعتقد أن العلاقات الصينية السعودية تعيش الآن أفضل مراحلها في التاريخ.
■ اللجنة المشتركة السعودية الصينية رفيعة المستوى نتج عنها في وقت وجيز العديد من الاتفاقيات وصندوق مشترك بقيمة 20 مليار دولار.. كيف تقرؤون تأثير هذه الخطوة في مستقبل العلاقة الاقتصادية بين البلدين الصديقين؟
■■ تم التوصل بين الجانبين الصيني والسعودي خلال الدورتين الأولى والثانية للجنة المشتركة إلى توافق واسع في شتى المجالات مثل الطاقة والمالية والقدرة الإنتاجية، مع تحديد مجالات التعاون ذات الأولوية، الأمر الذي يدل على وجود إمكانيات ضخمة لتعزيز التعاون التجاري والاقتصادي بين البلدين. أهمية هذه الآلية وضحها كذلك المهندس خالد بن عبدالعزيز الفالح في افتتاح المنتدى الصيني السعودي للاستثمار قائلا إن اجتماع اللجنة المشتركة رفيعة المستوى منبر واسع وآلية هامة لارتباط البلدَيْن الصديقَيْن لالتقاء رؤاهما المستقبلية المتمثلة في الرؤية السعودية 2030 ومبادرة الحزام والطريق الصينية. كما يبحث البلدان إنشاء صندوق استثماري بقيمة 20 مليار دولار مع تقاسم التكلفة والأرباح مناصفة، سيستثمر الصندوق في قطاعات مثل البنية التحتية والطاقة والتعدين والمواد الخام. السعودية تأمل من الصين أن تستثمر في مجال الصناعة والسياحة لتعزيز استراتيجية تنويع الاقتصاد، ونحن مستعدون للعمل مع الجانب السعودي يدًا بيد على توطيد العلاقة الاقتصادية والتجارية الثنائية وتعزيز التبادل والتعاون بين رجال الأعمال.
■ تلتقي رؤية المملكة 2030 مع مبادرة الحزام والطريق الصينية في النظرة للمستقبل.. ما القواسم المشتركة والفرص التي يتيحها ذلك في العلاقات بين البلدين؟
■■ مبادرة «الحزام والطريق» ترمي إلى التنمية باقتصاديات الدول على امتداد «الحزام والطريق» وهي خطة طموحة اقترحها الرئيس الصيني شي جين بينغ عام 2013 لتعزيز التعاون مع الدول في آسيا وأوروبا وأفريقيا من خلال إنشاء مشروعات وشبكات بنية تحتية مشتركة لتعزيز الترابط.. فهي تدل على أن الصين تشارك بنشاط أكثر في الشؤون الدولية، وتساهم بالحكمة الصينية والحلول الصينية حيال المشاكل الإنسانية.
والسعودية تقع عند نقطة التقاء القارات الثلاث. فهناك تكامل بين مبادرة «الحزام والطريق» و«رؤية 2030» ويعمل الجانبان الصيني والسعودي على تحسين الخطط التنفيذية للالتقاء بين هاتين الاستراتيجيتين التنمويتين. إن الصين على استعداد لتعزيز التعاون مع السعودية في مجالات الطاقة ونقل التكنولوجيا وترقية الصناعة الانتاجية وتنويع الاقتصاد. فهناك آفاق رحبة وفرصة سانحة للبلدين لتطوير التعاون العملي في كافة المجالات، إذ يمكن للمملكة أن تصبح حلقة مهمة تربط الأسواق الافريقية الكبيرة، ويتطلع الجانب الصيني إلى تحقيق إنجازات وصداقة أكثر في التعاون مع المملكة في قضية بناء «الحزام والطريق»، بما يحافظ على المصالح التنموية والأمنية للبلدين ولدول الشرق الأوسط.
■ ما تقييمكم لتجربة البنك الصناعي والتجاري الصيني كأول بنك عمل في المملكة.. وهل هي قابلة للتكرار والتوسع؟
■■ تم فتح فرع البنك الصناعي والتجاري الصيني بالمملكة في ٢٠ إبريل ٢٠١٦، ليصبح بذلك أول بنك صيني يحصل على الرخصة التجارية الصادرة عن البنك المركزي السعودي «مؤسسة النقد العربي السعودي» ومنذ دخوله السوق السعودي يعمل البنك على الاندماج في المجتمع المحلي لتلبية احتياجات العملاء، وبلغت القيمة الإجمالية للقروض المقدمة لسوق المملكة ٣.٢ مليار دولار في السبعة الأشهر الأولى، وحقق ربحا في السنة الأولى. ويسعى البنك إلى تقديم الخدمات المالية المتنوعة للمشروعات الكبرى السعودية والشركات الصينية في المملكة، ويتمتع بسمعة طيبة في المجتمع ويكسب ارتياح الزبائن في الودائع والقروض الإجمالية وقدرة التمويل وسهولة الإجراءات، لذلك اعتقد أن فرع البنك في الرياض سيسعى ليكون جسرا ورابطا للتبادل الاقتصادي والتجاري بين البلدين، وسيبذل كل جهوده لتعزيز تعاون القوة الإنتاجية والتقاء استراتيجية التطور بين البلدين.
■ ماذا تقرأ في مستقبل العلاقات بين البلدين؟
■■ في الوقت الراهن، وفي ظل التغيرات العميقة التي تشهدها المعادلة السياسية والاقتصادية العالمية، يبرز الطابع الاستراتيجي والشمولي للعلاقات الصينية - السعودية بشكل أوضح. إذ يدعم كلا الجانبين إقامة النمط الجديد من العلاقات الدولية المتمحورة على التعاون والكسب المشترك، ويدافع بشدة عن مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية، ويدعو كلا الجانبين إلى دفع العولمة الاقتصادية نحو اتجاه أكثر شمولا ونفعا وعدالة وانصافا، ويدعو إلى تسريع التحول للتنمية الوطنية والارتقاء بمستواه عبر الترابط والتواصل والتعاون الدولي، ويعمل كلا الجانبين على حل القضايا الكونية والملفات الإقليمية الساخنة عبر التفاوض والحوار، استشرافا للمستقبل. إن العلاقات الصينية - السعودية مقبلة على آفاق أرحب وأجمل من أي وقت مضى.
#القيادة السعودية عازمة على تحسين مناخ الاستثمار#
أكد سفير جمهورية الصين الشعبية لدى المملكة، أن الإجراءات التي تم اتخاذها مؤخرا بفتح المجال لملكية الاستثمار الأجنبي بنسبة 100%، تدل على عزم القيادة السعودية على تحسين المناخ الملائم لتنويع الأنشطة الاقتصادية واستقطاب الاستثمارات الأجنبية.
وقال السفير إنه مع اتخاذ سلسلة من الحوافز، أثق بأن المملكة ستشهد مواكبة حركة النمو الاقتصادي المتسارع، والاستفادة من رؤوس الأموال الأجنبية والخبرات لدول العالم وازدياد فرص العمل لتنويع مصادر الدخل والتقليل من الاعتماد على أنشطة النفط والغاز.
وأضاف: أنا مسرور بحصول الشركات الصينية مثل Huawei وZTE على رخصة الاستثمار، الأمر الذي لا يشجع سعي الشركات الصينية لتقديم أفضل المنتجات والخدمات للسوق السعودي على المدى الطويل فقط، بل يجسد ترحيب الحكومة السعودية ومستهلكيها بالصناعة الصينية.
#لي هوا شين#
جمع بين الدبلوماسية والبحث العلمي، فهو خريج أحد أبرز جامعات العالم، وذلك بعد أن بدأ دراسته ببلاده حاصلا على درجة الليسانس من جامعة الدراسات الأجنبية ببكين، ليكمل الدراسة في مشروع SEF (كبار الباحثين التنفيذيين) لمعهد جون كينيدي في جامعة هارفارد في عام 2012.
التحق بالعمل بوزارة الخارجية الصينية في عام 1983، واشتغل بالتتالي في إدارة غربي آسيا وشمالي إفريقيا بوزارة الخارجية الصينية والسفارات الصينية لدى العراق والأردن والسعودية، وتدرج في المناصب الدبلوماسية متوليا مناصب نائب رئيس القسم ورئيس القسم ومستشار ونائب المدير العام، الى أن أصبح سفير الصين لدى المملكة منذ مايو 2016.