■ مازال معالي تركي آل الشيخ رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للرياضة يواصل عمله الدؤوب ويتحفنا في كل أسبوع بحزمة من القرارات المبهرة والمبهجة التي تصب في مصلحة رياضة الوطن وكرة القدم على وجه التحديد، والجميل في تلك القرارات أنها لم تكن مجرد حبر على ورق، بل إن بعضها تم تفعيله والبعض الآخر مازال في طور التفعيل ليكون أمرا واقعا..
■ أعتقد أن اجتماع معاليه مع رؤساء أندية دوري المحترفين قبل أيام لم يكن اجتماعا عاديا أو تقليديا، بل كان مختلفا في كل شيء، إذ اطلع من خلاله على مشاكل الأندية لاسيما المالية ووعد بالوقوف معها ودعمها في الفترة المقبلة، فضلا عن رسم خارطة طريق فحواها تجفيف منابع التعصب ومنع المزايدة بين الأندية والعمل معا من أجل إيجاد بيئة رياضية جاذبة عنوانها المنافسة الشريفة داخل المستطيل الأخضر..
■ إن من أبرز القرارات التي تمخضت عن ذلك الاجتماع الناجح بكل المقاييس، فتح المجال امام الأندية للاستعانة بالحكام الأجانب طيلة الموسم دون عدد محدد مع تكفل هيئة الرياضة بجميع تكاليفهم، هذا القرار أجزم أنه لم يكن ارتجاليا وإنما تم اتخاذه بعناية فائقة وبعد دراسة متأنية، كونه يصب في مصلحة الأندية والحكام المحليين معا في هذا التوقيت على وجه التحديد..
■ لا نختلف على أن بعض الحكام السعوديين يملكون إمكانات كبيرة تؤهلهم لقيادة أقوى المباريات في العالم، ولا نختلف أيضا على أن أخطاءهم جزء من اللعبة، ولكن تبقى مشكلتهم الأزلية عدم القدرة على التخلص من الضغوط الجماهيرية والإعلامية التي سيطرت على أدائهم في الكثير من المباريات خصوصا الجماهيرية، وهو الأمر الذي أثر على قراراتهم وأوقعهم في جملة من الأخطاء المؤثرة التي دفعت بعض الأندية ثمنها غاليا وفي مقدمتها النصر الذي خسر هذا الموسم أربع نقاط بسبب تلك الهفوات القاتلة والمتكررة..
■ لا شك أن إبعاد الحكام المحليين بطريقة غير مباشرة عن إدارة مباريات الموسم الحالي خصوصا بعد أن أبدت غالبية الأندية رغبتها في الاستعانة بالحكم الأجنبي، لا يعني نهاية الحكم المحلي، بل بالعكس يصب في مصلحته أولا وأخيرا، وفي تصوري أن هناك مشروعا ضخما تعكف هيئة الرياضة على إعداده بالتنسيق مع اتحاد القدم لتطوير الحكام، وتأهيلهم بشكل متكامل لياقيا ونفسيا وذهنيا ودعمهم ماديا ومعنويا على أن يتم الاعتماد عليهم بشكل كلي في الموسم المقبل..
■ أيضا من القرارات الرائعة التي أفضى إليها الاجتماع المثمر، توقيع وثيقة التزام بين رؤساء الأندية تتضمن الابتعاد عن الدخول في أي مزايدات في عقود اللاعبين المحليين والأجانب، هذه الوثيقة إذا تم التقيد بها من كافة الأندية فإنها بلا شك ستسهم بشكل مباشر في خفض ديون الأندية التي تسببت فيها المزايدات ورفع أسعار عقود اللاعبين بصورة خيالية لدرجة أن اللاعب أصبح يتقاضى أضعاف ما يستحق، ولكن حبذا لو تم توسيع دائرة ميثاق الشرف ليشمل أعضاء شرف الأندية، الذين بعضهم تقمص دور إدارة النادي وتبنى مفاوضات اللاعبين ورفع أسعارهم في فترة سابقة..
■ هذه المزايدات غير المحمودة لم يقتصر ضررها في السابق على إرهاق ميزانيات الأندية فحسب، بل تجاوز ذلك إلى اللاعبين الذين ضحوا بمستقبلهم الكروي من أجل الملايين، فالكثير منهم كان معيار انتقاله لهذا النادي أو ذاك المادة فقط وليس المشاركة كأساسي ولذلك خسرت الكرة السعودية عددا من اللاعبين الموهوبين، ولكن عندما يتم إغلاق هذا الباب تماما، فإن اللاعب الذي يرغب في الانتقال سيفكر بدل المرة ألف مرة في فُرص مشاركته مع النادي الذي فاوضه وليس في المادة، التي يفترض ألا يكون لها دور مؤثر في تحديد مستقبل أي لاعب بعد الآن..