الألم النفسي لا يختلف عن الألم العضوي، كلاهما يحدثان في الجسد، وكلاهما إشارتان لحدوث خلل يحتاج إلى انتباه وتدخل.. سأتحدث هنا عن النفسي منه..
الألم إشارة لك، لاتخاذ منعطف آخر في حياتك، لقرار مصيري ينتظر جرأتك أو شجاعتك.. الألم إشارة تنبيهية لك؛ لاتخاذ تدابير حياتية ونفسية أكثر ملاءمة لواقعك.. إن لم تفهم مبتغى الألم والإشارات التي يرسلها لك، فاعلم أن مصيرك يمضي بك إلى معتقل الوجع، وأنك غدوت أسيرا يثير المتعة في نفس جلاده.. هذا الجلاد الذي قد يكون على هيئة شخص أو مشكلة أو فكرة ملحة تطاردك لتحقيقها لكنك لا تملك الجرأة على ذلك..
مشكلتك الكارثية التي أوجعتك وربما أخذت من سعادتك وصحتك قد لا يراها الآخرون من نفس زاويتك، فألمك هو ألمك، وحدك من يعطي القيمة التقديرية له، ويعي حجم الخسارة التي ألحقها بساعاتك وأيامك وربما سنينك، لذلك وحدك فقط من يقرر ويقترح طريقة حسمه.. وأنت من يفهم نوعه ويحس مرارته ويفهم كينونته..
على درب الحياة ستعلم وربما لن تعلم، أن هناك مشاكل كثيرة حلها خطوة واحدة أو أسلوب واحد، وأن قضية كبيرة قد تكون معقدة ومنعدمة الحلول في نظرك، هي في حقيقتها متاحة بخيارات متعددة لحلها.. مشكلة مواجهتنا مع الألم، أننا نذوب في تفاصيل الوجع، نغرق فيه فلا نرى وسائل النجاة المحاطة بنا، لذلك يهزمنا..
هناك فرق بين المرحلة التي تمر بها والمرحلة التي تحط رحالك فيها، الألم بقعة رمزية؛ إما أن تكون فيها عابرا أو مستقرا.. فصل الألم عن الشعور ليس عملية سهلة، يمكن أن تحدث بالاسترشاد بتعليمات معينة أو الإصغاء لنصيحة أو مشورة، فكل ألم له بصمة خاصة.. تحتاج إلى التحلي بالشجاعة ومواجهة معاناة الألم بجدية واستئصالها بشكل تدريجي غير مؤذٍ.. تحتاج إلى قرار يتخذ وطريقة تحسم بها كل المخاوف والتسويفات.. ما يحدث ان هناك من يتجاهل ويحاول أن يهرب من التفكير فيما يؤلمه بتشتيت الانتباه عنه في أمور يقنع نفسه بأنها أهم.. الصبر على الألم النفسي ليس حكمة دائما، ولا دليلا على قوة، إنما هو ضعف يوهم البعض نفسه بأنه غير ذلك حتى يحترم ذاته أو يتقبل وهنها..
طاقة صبرك لا تضيعها في تحمل الألم، وفرها في تحمل ما بعد قرارات التخلص من الألم، فهي مرحلة ليست سهلة والشفاء لا يأتي عاجلا، لكن تذكر أن حالتك عندما تكون عالقا مع ألم يخدر بين الحين والآخر أكثر بؤسا وشقاء من مرحلة أخرى أكثر فرجا لكن بلوغها يمر بمخاض عسير..