بعد شكاوى أعضاء هيئة التدريس السعوديين في الجامعات، عبر وسائل الإعلام المرئي والمقروء والمحاضرات والندوات، وتسرب عدد لا بأس به منهم للقطاع الخاص ولبعض الدول، وآخرون استمتعوا بمميزات التسرب الخفي، وبدراسة أوضاعهم آنذاك تم تعديل سلم الرواتب وفقا للأمر السامي رقم (4097/م ب) بتاريخ 25/6/1432هـ اعتبارا من التاريخ نفسه، وأضيفت لهم بدلات لتحسين مستوى معيشتهم، لكن وضعت كل البدلات خارج أصل الراتب؛ لئلا يشملها التقاعد، وليكون الأستاذ ببدلاته (الحاسب، الندرة، التعليم) موضع دراسة دائمة.
وبالرغم من تعالي الأصوات بضم البدلات لأصل الراتب، لا سيما الحاسب الآلي والتعليم، وبتصحيح تفاوت معاملة أعضاء هيئة التدريس السعوديين والمقيمين في البدلات (بدل السكن، وبدل السفر، وبدل الدراسة للأبناء) واشتراطات الترقيات دون الإضرار بالمتعاقدين، لكن الحال هو نفسه لربما منذ بداية التعليم العالي للحظة. ولم تكن مفاجأة قبل ما يقارب السنوات الثلاث، إذ بدأ اجتزاء أول بدل وهو بدل الحاسب الآلي والذي يعادل 20% من رواتب أعضاء هيئة التدريس بالجامعات، باعتبار أن أي أستاذ غير مختص بالحاسب لا يحق له التمتع بهذا البدل، رغم أن مهام الأساتذة واحدة مع زيادة الاعتماد على التكنولوجيا والتعلم الإلكتروني.
نفس القرار تم اتخاذه لبعض موظفي الدولة حين تمت دراسة البدلات والمزايا وإيقافها وفق قرار مجلس الوزراء برقم (551) بتاريخ 25/12/1437هـ، وشملت مسمى (مكافأة الحاسب الآلي) ومسمى آخر هو (طبيعة عمل)، ثم كان قرار مقام الوالد خادم الحرمين الشريفين المنصف بنصه (وحرصا منا على راحة أبنائنا وبناتنا مواطني المملكة وتوفير سبل الراحة الكريمة لهم) والذي تم على اثره إيقاف العمل بقرار مجلس الوزراء بأثر رجعي، وفق القرار الملكي (أ/158) بتاريخ 25/7/1438هـ، لتعود مكافأة بدل الحاسب لموظفي الدولة، وتختفي تماما من سلم رواتب أعضاء هيئة التدريس أمام تزايد متطلبات التعليم والجودة والاعتمادات البرامجية والمؤسسية في جميع الجامعات.
أخالف الكثيرين الاعتقاد بأن اللبنة الأولى للتعليم هي المدرسة، باعتبار الجامعات مدرسة المدارس التي يتم من خلالها تشكيل معلمي المستقبل وقادة الوزارات ومؤسسات الدولة، ولتكون المعادلة منصفة فهم بلا شك بحاجة لتحسين أوضاعهم وشمولهم بضمانات التأمين الصحي قبل وبعد التقاعد.
أتفق مع أغلب الزملاء والزميلات في طرحهم أن تشكيل عضو هيئة تدريس أمر معقد ومضن ويحتاج لعشرات السنين أمام حالات التقاعد المتواترة في الفترة الماضية وعلاقتها بقلة المميزات والأمان الوظيفي لدى الكثيرين. أقول هذا بعد صدور مسودة الجامعات ومشاركتي في التعليق عليها