جامعة الملك فيصل أول من أدخل زراعة الجوجوبا في الأرض العربية، في محطة التدريب والأبحاث الزراعية والبيطرية بالجامعة، ذلكم عام (1984)؛ بغرض توطينها ونشر زراعتها في المملكة. تم استيراد بذورها من أمريكا، وكان خلف المشروع الدكتور عبدالمنان بن أحمد الترجمان، وكيل الجامعة في ذلك الوقت، والخبير الأمريكي الدكتور (أوتو هيلوج)، الذي كان أحد أعضاء فريق اتفاقية التعاون بين الجامعة والجامعات الأمريكية في حينه. هذا الخبير أسس أيضا مركز المياه في الجامعة.
مع بداية حياتي العملية عام (1980)، وقبل ابتعاثي لتحضير رسالة الماجستير، كنت أول سعودي يتم تكليفه بالقيام بعمل مدير المحطة، وخلال أقل من سنة ونصف السنة قضيتها في إدارة المحطة، تحققت إنجازات لم تتحقق خلال السنوات الخمس الأولى من تأسيس الجامعة عام (1975)، ذلك يعود لتوجه إدارة الجامعة، وإيمانها بأهمية دور المحطة، لكليتي الزراعة والبيطرة، الوحيدتين في الجامعة بالأحساء وقت التأسيس. كنتيجة، تولى مدير الجامعة الإشراف المباشر على إدارة المحطة بمساحة (6) ملايين متر مربع، وكان رئيس مجلس إدارتها، وعضوية وكيل الجامعة وأمينها العام، وعميدي الزراعة والبيطرية، وكان مدير المحطة أمينا عاما لهذا المجلس. كان مدير الجامعة يؤمن بأن هذه المحطة هي القلب النابض للجامعة.
أثناء بعثتي، وقبل التخرج، تلقيت رسالة من الدكتور (أوتو هيلوج)، يسأل عن تاريخ رجوعي. انتابني الخوف من رسالته، لأني لا أعرفه. كان يشيد بسمعتي أثناء عمله في المحطة. بعد عودتي سعى لمقابلتي، وأطلق على شخصي لقب (المهندس الكبير). دعاني في أحد الأيام لزيارة المحطة، وعرفني على الحقل الوحيد الذي تم إنشاؤه خلال بعثتي، وكان حقلا خاصا لنبات الجوجوبا. كانت هذه أول مرة أسمع عن هذا النبات.
تلقيت تكريما وتقديرا من هذا الخبير الأمريكي لم أحظ بمثله عبر تاريخ حياتي بالجامعة، وفي خطوة نادرة، طلب من وكيل الجامعة إعادة تكليفي بإدارة المحطة بدلا منه. رفضت عرض الوكيل. لكن تفاجأت بقرار مدير الجامعة بتكليفي للمرة الثانية. استدعاني سعادة وكيل الجامعة الدكتور عبدالمنان الترجمان لمكتبه، وذهبنا إلى المحطة، وتبعد عن مقر الجامعة بحوالي (15) كلم على طريق الخليج العربي. توجه إلى حقل نبات الجوجوبا. شرح الكثير عن هذه النبتة، وتحدث عن توقعاته لمستقبلها، وقال: هذه النبتة ستكون الأهم على مستوى المملكة، وأنها شجرة المستقبل، بسبب خصائص زيتها المطلوب عالميا في كل مجالات الحياة. أوصاني بالاهتمام بهذا الحقل، وأضاف: هذه أمانة أسلمك إياها، فحافظ عليها.
نفذت توصيات الدكتور عبدالمنان، وجمعت المعلومات عن الجوجوبا، وبدأت بنشر الوعي والتعريف بها، وتم تخصيص صفحة كاملة في مقابلة مع شخصي أجراها فرحان العقيل «يرحمه الله» مندوب جريدة اليوم، وكانت حول نجاح زراعتها في الجامعة، وأهميتها، ومبررات جلبها من أمريكا وزراعتها في المملكة. كنتيجة تلقيت الكثير من الاستفسارات والاهتمام. زار بعض مندوبي الشركات المحلية المحطة؛ للتعرف على هذه النبتة على الطبيعة. من جانبي أيضا استدعيت بعض المسئولين؛ للتعريف بهذه الشجرة وأهميتها المستقبلية.
يوم الأربعاء القادم (29/ 11/ 2017 الموافق 11/ 3/ 1439)، تستعيد الجامعة اهتمامها بنبات الجوجوبا، بإقامة ورشة عمل دولية حول هذه النبتة. تتجلى أهميتها في زيتها الأغلى عالميا، والمتعدد الاستخدامات حتى في تقنية الفضاء، فسعر (لتر) زيتها في الصيدليات المحلية، ومحلات العناية بالبشرة، يتجاوز (1800) ريال. الجوجوبا نبات المناطق الجافة، ويتحمل العطش، والظروف البيئية القاسية. أرجو أن تؤسس الجامعة مركزا باسم هذه النبتة، لتحقيق الأمل القديم للجامعة، بنشر زراعتها في جميع مناطق المملكة، لتصبح الأهم في تاريخ الزراعة السعودية الحديثة.