دعوة القمة الاسلامية الطارئة التي عقدت في اسطنبول في بيانها الختامي الاعتراف العالمي بالقدس الشرقية عاصمة لدولة فلسطين ومطالبتها الولايات المتحدة بالانسحاب من دورها كراعية لعملية السلام في الشرق الأوسط يصبان في رافد واحد، مؤداه رفض الأمتين العربية والاسلامية ما قرره البيت الأبيض باعترافه أن القدس عاصمة لاسرائيل ورفضهما نقل السفارة الأمريكية اليها.
والدعوة والانسحاب معا ينسجمان مع موقف المملكة الذي أعلن في أعقاب الاعلان الأمريكي برفض الاعتراف بما يؤكد الوقوف بصلابة الى جانب الشعب الفلسطيني لاسترداد حقوقه المشروعة من براثن اسرائيل بما فيها القدس الشرقية، وقد أعلن الرئيس الفلسطيني في الجلسة الختامية للقمة عن اشادته بموقف خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- المتمحور في أن حل القضية الفلسطينية لن يتحقق بدون عودة القدس الشرقية عاصمة لفلسطين.
عدم الاعتراف الذي طالبت به القمة بالقرار الأمريكي المجحف بحق الفلسطينيين التاريخي في القدس أيدته المملكة، وأيدت اعلان القمة بان القدس الشرقية عاصمة لدولة فلسطين ودعوتها كافة دول العالم بالاعتراف بالدولة الفلسطينية وبالقدس الشرقية المحتلة عاصمة لها، بما يؤكد أن القرار الأمريكي الأحادي ليست له صفة قانونية وهو قرار غير مسؤول ولا بد من اعتباره لاغيا وباطلا.
ولا شك أن القرار الأمريكي الأحادي يمثل تقويضا متعمدا لكل الجهود المبذولة لتحقيق السلام العادل والدائم والشامل في منطقة الشرق الأوسط ويهدد السلم والأمن الدوليين، ويفتح المجال لبسط عوامل التطرف والارهاب في المنطقة والعالم، والاعتراف بالقدس عاصمة لاسرائيل هو جريمة كبرى وانحياز كامل لأعداء الأمتين العربية والاسلامية، وهو مرفوض ومدان ولا بد أن تتحرك دول العالم لشجبه فهو بمثابة مكافأة لاسرائيل على أفعالها بما فيها الاحتلال والبناء الاستيطاني ومصادرة الأراضي الفلسطينية.
حل الصراع في المنطقة لن يتأتى الا من خلال قيام الدولتين وعودة الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني بما في ذلك القدس الشرقية، وبدون هذا الحل فان الصراع في المنطقة سيظل قائما وسوف يتصاعد العنف والتطرف في بؤرة ساخنة لن ينتهي صراعها التاريخي الا بعودة الحق الفلسطيني الى اصحابه وعودة القدس الشرقية الى حضنها العربي والاسلامي.
لقد وقفت المملكة موقفا مشرفا منذ عهد المؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن -رحمه الله- وهو موقف نادى بأهمية عودة الحقوق الفلسطينية كاملة الى أصحابها وقيام دولة فلسطين، وبقي هذا الموقف ثابتا لم يتغير منذ ذلك التاريخ ومرورا بعهود أشبال المؤسس من بعده حتى العهد الزاهر الحاضر بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- وهو موقف طالما أشادت به دول العالم في كل محفل فهو يمثل الطريق الأمثل لتسوية أزمة المنطقة التي تعد من أطول وأعقد الأزمات السياسية في العالم.