فازت المسرحية المغربية «صولو» للمخرج محمد الحر، بالجائزة الكبرى للدورة العاشرة لمهرجان المسرح العربي بتونس (جائزة الشيخ سلطان بن محمد القاسمي)، لأفضل عمل مسرحي لسنة 2017، وذلك في حفل اختتام الدورة الذي أقيم مساء الثلاثاء الماضي بالعاصمة التونسية.
وقدمت مسرحية «صولو» لفرقة «أكون للثقافة والفنون»، والمقتبسة عن رواية «ليلة القدر» للكاتب الطاهر بن جلون، طرحا فنيا متميزا لجملة من القضايا ذات الصلة بالمجتمع، فضلا عن قضايا وجودية تشغل الإنسان، من خلال رصد لمعاناة المرأة في مواجهة السلطة المجتمعية بمختلف تجلياتها داخل العائلة وفي تعاملها مع المحيط الخارجي.
وتوفق هذا العمل المسرحي في تسليط الضوء على التطلع إلى التحرر من الهوية الزائفة والعيش وفق ما يروق للتوجهات الذاتية بعيدا عن النمطية المفروضة في التفكير والتعبير والتعامل مع الآخر، وهو ما قد يكون تطلعا في غمار الحياة التي جعلت الإنسان في معركة متواصلة مع نفسه ومع محيطه.
وسعى المخرج محمد الحر إلى إبراز هذا المضمون في المسرحية من خلال توظيف جماليات مسرحية واختيارات حوارية تدفع بالمسار الدرامي نحو الأسلوب المباشر في الطرح. كما تناولت المسرحية موضوع التطرف الديني بشكل ضمني ومحاولة التحرر منه على الطريقة الصوفية.
وتبلغ القيمة المالية للجائزة الكبرى لمهرجان المسرح العربي «100 الف درهم إماراتي» إضافة إلى مشاركة العرض في مهرجان أيام الشارقة المسرحية الذي تنظمه دائرة الثقافة والإعلام بإمارة الشارقة في الإمارات العربية المتحدة سنويا.
ويذكر أن هذه هي المرة الثانية على التوالي التي يتوج فيها عمل مسرحي مغربي بهذه الجائزة منذ إحداثها سنة 2011، بعد أن حصلت مسرحية «خريف» لأسماء هوري على جائزة مسابقة المهرجان الذي استضافته مدينة وهران الجزائرية السنة الماضية.
وشارك في المسابقة الرسمية للمهرجان الذي احتضنته تونس ما بين عاشر وسادس عشر يناير الجاري، 11 عملا من تونس والمغرب ومصر والجزائر وسوريا والأردن والعراق والسعودية والإمارات، اختارت منها لجنة التحكيم 3 عروض هي «الشمع» للمخرج جعفر القاسمي من تونس، و«ما بقات هدرة» للمخرج محمد شرشال من الجزائر و«صولو» لمحمد الحر من المغرب.
وقال رئيس لجنة تحكيم المسابقة، اللبناني رفيق علي أحمد، أثناء تلاوته تقرير اللجنة، إن الأعمال المسرحية الثلاثة تنافست بشدة على نيل الجائزة، وتميزت باختلاف رؤاها الفنية وتوجهاتها، كما تميزت بالاشتغال المحكم على مفردات العرض ووعيها بالبعد الوظيفي للمسرح كأداة في التنوير والتطوير ورفع الذوق الجمالي.
واعتبر رفيق علي أحمد أن المسرح العربي بخير وله مستقبل واعد نتيجة ما لامسته لجنة التحكيم من احترافية في الأعمال المسرحية المعروضة.
وفي معرض تعليقه على قرار لجنة التحكيم قال عبدالحليم المسعودي، رئيس لجنة تحكيم مسابقة الدورة التاسعة عشرة لأيام قرطاج المسرحية، إن «صولو» تستحق جائزة أفضل عمل مسرحي عربي لسنة 2017، معربا عن اعتقاده بأن لجنة تحكيم المسابقة أحسنت الاختيار في إعطاء «صولو» الجائزة.
وأعلن الأمين العام للهيئة العربية للمسرح إسماعيل عبدالله، في كلمة اختتام المهرجان، أن الدورة الحادية عشرة لهذه التظاهرة المسرحية العربية ستقام بمصر السنة القادمة.
كما تم خلال حفل الاختتام الإعلان عن الفائزين في الإصدارات والبحوث العلمية، حيث فاز السوداني أبو طالب محمد عبدالمطلب بالجائزة الأولى لمسابقة البحث العلمي للشبان دون 35 سنة عن عمله «حوارية الخطاب المسرحي». وآلت الجائزتان الثانية والثالثة للمغربيين عبدالله المطيع عن بحثه «من يتكلم المسرح؟» وتلكماس المنصوري صاحبة عن بحثها «هل توجد كتابة درامية بين المؤلف والمخرج؟».
وفيما يتعلق بمسابقة تأليف النص المسرحي الموجه للكبار لسنة 2017، حصل العراقي مجد حميد قاسم على الجائزة الأولى عن نصه «النافذة»، وآلت الجائزة الثانية للمصري درويش الأسيوطي مؤلف نص «الأقنعة والحمال»، أما الجائزة الثالثة فكانت من نصيب الفلسطيني خالد خماش عن نص «حارس أحجار الجنوب».
وحازت المصرية صفاء البيلي على المركز الأول في مسابقة تأليف النص المسرحي للأطفال، وذلك عن مؤلفها «كوكب ورد»، وآلت الجائزة الثانية للعراقي ياس زويد عن مؤلفه «كوكب النوايا الطيبة»، فيما حاز الجزائري حمزة الملياني مؤلف نص «الحياة مرة أخرى» على الجائزة الثالثة.
يذكر أن عروض المهرجان الذي نظمته الهيئة العربية للمسرح بالتعاون مع وزارة الشؤون الثقافية التونسية، تحت شعار «نحو مسرح عربي جديد ومتجدد»، انقسمت إلى 11 عرضا ضمن المسابقة الرسمية، و11 عرضا غير تنافسي إضافة إلى عرضين تونسيين يمثلان مسرح الهواة وثلاثة عروض للأطفال.
وسجلت الدورة العاشرة للمهرجان حضور 600 مسرحي عربي من مبدعين وباحثين ومؤطرين فضلا عن إعلاميين من مختلف الدول العربية.