قال الله تعالى: «يأيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي»..
كان نبأ وفاة الشيخ العلامة محمد آل سليمان مدويا جللا لم يكن وقعه هينا، كأنما انطفأ نور الشمس، أفل نجم عظيم ملأ نوره الدنيا، وبرحيله فقدت المنطقة الشرقية والوطن بأسره أحد الرجالات المخلصين الذين جاهدوا في طلب العلم وقدموا الكثير فأجزلوا العطاء، أسر القلوب بدماثة خلقة ولين جانبه، فكان الأب والأخ والصديق، أمضى فضيلته عقودا من العمل الدؤوب الجاد، خدم فيها المحاكم وقضايا المجتمع التي تنتهي بابتسامة دائمة وروح طيبة وبشاشة، حتى اختاره الله تعالى لجواره في شهر ربيع الآخر فغاب نبراس الحياة وبقي نور آثاره ساطعا يملأ اﻷفق والوجدان.
رحل عنا والقلوب معلقة بحبة ملأى شوقا للقائه، رحل رحيل العظماء
تاركا إرثا من العلم عظيما، رحل وخلف وراءه رجالا وجيلا من أبنائه الكرام، وأجياﻻ من أبناء المنطقة الشرقية، فهو لكل منا أب كريم ووالد معطاء رحيم، نهلنا من نهر عطائه وكريم أخلاقة وحسن تعامله الشيء الكثير، فكان لزاما رد الجميل بما استحق من طيب الذكر والسيرة العطرة وخالص الدعاء، فوالله إن سبع عشرة سنة أمضيتها معه مضت كلمح البصر، ملؤها المحبة والصفاء والصدق والنصيحة، إلى جانب ما هو عليه من بهاء وهيبة وسكينة، وحسن خلق ونقاء سريرة وصدق طوية.. وكان - رحمه الله - كريما سمحا جميل العبارة طيب المعشر، لا تراه إلا ناصحا أو مؤنسا أو معلما أو مستشارا أمينا مخلصا، كافا عن الأذى متعففا عن لغو الحديث لا يحسد ذا نعمة ولا يكره ذا سلطان، ولا يرجو لمن يؤذيه إلا الخير والهداية والصلاح، ولئن غاب نجمه فما يغيب ذكره وسيرته الحسنة في الناس، فاللهم اجبر مصابنا فيه واخلف علينا وعلى أبنائه الكرام وأهله، وارزقهم الصبر وأنزل عليهم السكينة وأحسن عزاءنا وعزاءهم وعظم أجورنا وأجورهم في مصابنا فيه اللهم اغفر له وارحمه، وأوف عليه العفو والمغفرة وبرئه من كل إثم ومن كل وزر وحط عنه كل ذنب وكل خطيئة ونقه من ذلك كما ينقى الثوب اﻷبيض من الدنس وباعد بينه وبين ذلك كما باعدت بين المشرق والمغرب واغسله بالماء والثلج والبرد وارفع درجته في المهديين، وألحقه بالصالحين، واجعله في أمانك بأعلى عليين من الفردوس اﻷعلى بلا حساب وﻻ سابقة عذاب، واجعله من الفائزين بأقرب المنازل من سيدنا رسول الله واحشره في زمرته واسقه من حوضه، وأكرمه ونعمه ومتعه بالنظر إلى وجهك الكريم، واجمعنا به في دار كرامتك ومستقر عفوك وغفرانك ورحمتك،
والحمد لله على كل حال...
وأقول ﻷبنائه الكرام: هنيئا لوالدكم الكريم التقوى والبر وحسن العمل والسيرة الطيبة والذرية الصالحة... فلا تحزنوا فمثلكم بمثله يهنأ، فاصبروا وأبشروا بأحسن العاقبة... و{إِنا لِلهِ وإِنا إِليهِ راجِعون}.