لا يزال الجدل محتدمًا حول إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي أكمل عامه الأول في السلطة منذ نحو شهر وما قدمته للاقتصاد الأمريكي. ففي حديثه أمام المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس قبل بضعة أسابيع، أكد ترامب أن الاقتصاد الأمريكي تعافى بقوة أكثر من أي وقت مضى بفضل سياسات إدارته الاقتصادية. وفي حين أن هناك أدلة متواضعة تدعم رؤية ترامب بشأن إعادة تنشيط الاقتصاد، يبرز السؤال حول ما إذا كانت هذه الرؤية ستؤتي ثمارها على المدى الطويل.
لا يخفي (ديزموند لاشمان) الخبير الاقتصادي بمعهد المؤسسات الأمريكية في مقابلة مع مجلة «Fair Observer» توجيه انتقاداته للرئيس ترامب وإبداء شكوكه حيال بعض السياسات الاقتصادية الحمائية والقرارات الانفرادية التي تتناغم مع شعاره (أمريكا أولا). ويأتي في مقدمتها قانون خفض الضرائب، حيث يقول لاشمان إن مكتب الميزانية المستقل بالكونجرس قدر قيمة العجز في الميزانية الذي سينجم عن تطبيق هذا الخفض الضريبي بنحو 1.5 تريليون دولار وستضاف بأكملها للدين العام في الولايات المتحدة على مدى العقد المقبل.
وأضاف لاشمان ان مبادرة ترامب الرئيسية للسياسة الاقتصادية حتى الآن تركزت في التخفيض الضريبي. وهذا أقل بكثير من وعوده الانتخابية العديدة لتبسيط النظام الضريبي الأمريكي، ووضع برنامج للإصلاح الضريبي يستفيد منه بالأساس الطبقة المتوسطة، وليس العمل على زيادة العجز في الميزانية. ولكنه الآن وبعد تطبيق إصلاحه الضريبي، لا يزال النظام الضريبي الأمريكي معقدًا بشكل غير طبيعي، في حين ستذهب معظم فوائد خفض الضرائب إلى جيوب الأثرياء.
ويقول (مارتن وولف) كبير المحللين الاقتصاديين في صحيفة (فاينانشال تايمز) في مقالة حديثة له: إن الاقتصاد الأمريكي نما بين الربع الثاني من عام 2009 ونهاية عام 2016 بمعدل سنوي مركب قدره 2.2%. وعلى مدار العام الماضي نما بنسبة 2.5%. وهذا لا يشكل فارقا كبيرا. وبشأن البطالة فقد انخفض معدلها بالفعل من 4.7% في ديسمبر 2016 إلى 4.1% في ديسمبر 2017، وهو أيضا معدل منخفض جدا بحسب المعايير التاريخية.
وفيما يمثل أكبر دلالة على إخفاق ترامب في تحقيق تقدم يذكر لوعوده باستعادة العلاقات التجارية لبلاده مع دول العالم، ارتفع العجز التجاري الأمريكي خلال العام الماضي بنسبة 12.1% ليسجل أعلى مستوى له منذ عام 2008.
ويشير عدد من المحللين الاقتصاديين إلى أن ارتفاع العجز في السلع والخدمات الأمريكية إلى 566 مليار دولار في العام الماضي كان السبب الرئيسي وراء تحسن الاقتصاد المحلي وارتفاع الطلب من المستهلكين والشركات على السلع المستوردة.
وجاء في تقرير حديث لصحيفة (فاينانشال تايمز) ان الصادرات الأمريكية ارتفعت بنسبة 5.4% لتصل إلى 2.3 تريليون دولار، وهو ثاني أعلى مستوى يسجل لها، في حين بلغت الواردات رقما قياسيا وصل لنحو 2.9 تريليون دولار في عام 2017.
ويشير التقرير إلى أن العجز التجاري مع الصين، سجل مستوى قياسيا بلغ 375.2 مليار دولار في العام الماضي. في حين بلغ العجز مع المكسيك 71 مليار دولار في عام 2017. كما ارتفع العجز التجاري مع اليابان وكندا.
وتقول (ماري لفلي)، الأستاذة بمعهد بيترسون للاقتصاد الدولي، إن أرقام العجز الأخيرة هي انعكاس لظروف الاقتصاد الكلي في الولايات المتحدة، بما في ذلك الإنفاق الاستهلاكي الضخم. وتضيف ان التحولات في السياسة التجارية خلال عام 2017 كانت طفيفة، ولم يكن لها أي مردود إيجابي بشأن العجز التجاري. وتشير إلى أنه إذا كان تخفيض الضرائب الأخير سيحفز الإنفاق والاستثمار في الأعمال التجارية في الولايات المتحدة- كما يأمل الرئيس ترامب- فقد تشهد الولايات المتحدة عجزا أكبر في العام الجاري.
ويقول الديمقراطيون ونقابات العمال ان وعود الرئيس ترامب التي ذهبت أدراج الرياح بشأن التجارة أسهمت في تدهور الميزان التجاري الأمريكي.