لكل حقبة من تاريخ المملكة العربية السعودية سمة ميزتها بتميز كل ملك من ملوك البلاد، هذه السمة تتحول إلى علامة فارقة تميز عهداً عن آخر بإضافة جديدة إلى كل ما سبقه إليه اخوته من علامات جعلت للمملكة هذا الحضور العالمي القوي. ذاك التميز وتلك السمات كانت بتأثيرات خارجية من الأحداث المحلية والعالمية غير دافعها الأقوى ومحركها هو الملامح الشخصية للرجل الذي يتولى دفة القيادة. ومع سلمان بن عبدالعزيز كان الحزم هو العلامة الفارقة الأقوى ظهوراً منذ اليوم الأول لتوليه زمام الأمور. لقد سبق حزمه عاصفته، وسبق حزمه قدرة الشعب على استيعاب تسارع الأحداث التي أمضى فيها حزمه الحاسم.
لم تكن الأوضاع في اليمن وحدها التي أفاقت على حزم سلمان، بل سبقها حزم الداخل الذي قلب الطاولة في وجه الخطأ فأفاق كل النوم الذين اعتادوا على وتيرة ثابتة في التعامل مع الأحداث.
وتيرة هادئة ومتراخية فما لم ينجز اليوم سننجزه بعد يوم أو شهر أوسنة!! وهذا هو المنطق الذي واجهه حزم سلمان أولاً فهو منطق لا يعمر الأوطان ولا يحل عقد البيروقراطية المقيتة. سقط وزير وآخر وأفقنا على وجه آخر للعمل الحكومي وجه يستيقظ باكراً ويخرج مسرعاً إلى عمله ليعمل وينتج ويعالج لا ليتباهى بمشلح ومنصب فيرفع يده مشوحاً في وجه مواطن يطلب خدمة من حقه وما كان للوزير أن يكون في موقعه إلا لينفذها له. أو آخر ينام ويستيقظ وهو يحدثنا عن دراسة تلو أخرى وصعوبة تلحق صعوبة يتحجج بها عن التنفيذ أو ثالث يتعامل كما يفعل سلاطين العصور الغابرة الذين يصفعون وجه كل من يزعجهم وجوده!!
١٠٠ يوم من الحيوية والحراك المثمر السريع على الصعيدين الداخلي والخارجي حتى صارت المملكة قبلة العالم الذي ينتظر قراراتها وينظر إلى مواضع خطاها. ففي الداخل كانت الأوامر الملكية المتتابعة والتي بلغت واحداً وسبعين أمراً جمعت بين تعيين وإعفاء وإلغاء وتكوين كانت ومازالت تثير الشهية للتحليل والتأمل فيها وفي ما سيترتب عليها من نتائج منتظرة لصالح الوطن والمواطن والتاريخ السعودي الذي ستسطره الأيام القادمة بملامح شبابية من أبناء الجيل الثالث في الدولة السعودية.
١٠٠ يوم كانت كفيلة بنسف أحلام وخطط سياسية كانت إيران قد قضت سنوات وسنوات وهي تعد لها وتمد خطاها باتجاه ما تريد فرضه على بعض الدول العربية التي سهل الخونة فيها الطريق لتلك الأطماع التي تتسرب إليها وتفرض عليها حالة جديدة من الضعف والتقسيم والتشرذم لتكون جسرها لتحقيق الحلم الإيراني، فخابوا وخسروا وضربوا فقد استيقظ العالم على واقع حازم وعازم يقضي على كل ما من شأنه أن يهدد الأمن أو يهدد الحياة والبناء الذي تتطلع له الحكومات والشعوب التي تعمل على صناعة الحياة لا القضاء عليها.