يقول المواطن معترضاً على العملية الإرهابية في القديح: إذا لم تفعل الدولة شيئاً فهي شريكة في الجرم! فيأتيه الرد حاسماً: إن الدولة قادرة على القيام بواجبها ومتابعة من يسيئون للدولة وللمواطن وأن من يتدخل في عملها سيحاسب. كان رداً حاسماً وواضحاً لرفض أي حشد يحاول أن يقوم بما هو من صلب عمل الأجهزة الأمنية التي لم تدخر جهدا في هذا الجانب، منذ أن بدأت تعاني من الهجمات الإرهابية التي تحقق بعضها واكتشف بعضها قبل وقوعه. الكبار فقط يذكرون اليوم أول محاولة شريرة لإدخال المواد المتفجرة إلى البلاد عن طريق الحجاج الإيرانيين الذين كانوا يخططون للتفجير بالمسلمين عام ١٩٨٦ أثناء تأدية مناسك الحج بمادة متفجرة، بلغ وزنها ٥١ كيلو من المادة المتفجرة التي وزعوها بين حقائبهم لنية خبيثة شيطانية كشفها الله عز وجل. وهذه المحاولة كانت قد سبقت باقتحام جهيمان وجماعته للحرم المكي ١٩٧٩ وما بين عامي ٩٥/٩٦ أعمال إرهابية أخرى في الرياض والخبر. أفلا يعرف ذلك المواطن ومن يوافقه تلك البدايات الإرهابية الآثمة التي تعاملت معها الدولة كما يجب، وألقت القبض على من خطط لها من الداخل ومن نفذها. هل ذلك المواطن ومن وافقه غرباء بيننا لا يعرفون أن حادثة القديح وقبلها الدالوة هي أرقام إضافية للهجمات الإرهابية التي تتعامل معها البلاد كما يجب؟ فإذا كانوا يعرفون وهم يعرفون بالتأكيد فلماذا يجعلون من هذه الأحداث الأخيرة حوادث متفردة؟ ألأنها وقعت بين صفوف الطائفة الشيعية التي تشكل جزءا من النسيج الاجتماعي بعد أن كانت محصورة في السابق في الطائفة السنية والوافدين من الديانة المسيحية، فكل الأحداث التي وقعت بين عامي ٢٠٠٣ / و٢٠١١ وأكثرها في الرياض والخبر وبعضها كان متفرقاً في مناطق أخرى من البلاد كانت حصيلتها وفاة ٩٨ انسانا من العرب والأجانب الكبار والصغار وأعدادا من المصابين تتجاوز ٦٠٠ مصاب، وكان عدد رجال الأمن الذين قتلوا في كل تلك الهجمات ٦٥ وأن من أصيب منهم بلغ عددهم ٣٩٠ وهذا باستثناء الحالات الفردية التي قصد بها رجال الأمن دون غيرهم.
أثناء كل تلك الأعوام كانت وزارة الداخلية تقبض على الإرهابيين جماعات وفرادى، وتتبع خطاهم أينما كانوا في البيوت والمزارع والصحاري وتقبض عليهم خلال ساعات محدودة.
ألا يعرف ذلك المواطن موقف المملكة من الإرهاب الداخلي والخارجي؟! ألا يعرف أن دورها في محاربته والتصدي له والقبض على مدبريه يعد تجربة رائدة حظيت بتقدير العالم أجمع لأنها حققت فيه من النجاحات ما عجزت عنه بعض الدول الكبرى.
ألا يعرف ذلك المواطن أن المملكة لم تحارب الإرهاب بالسلطة العسكرية فقط، وإنما أيضاً فتحت الأبواب الفكرية لذلك بعقد المؤتمرات والحوار والمناصحة لتصحيح الأفكار المنحرفة.
إن تلك المقدمة التي تحدث بها المواطن تحمل نبرة تخوينية وكأن الهجمة الإرهابية على القديح أو الدالوة هي الأولى من نوعها على مستوى البلاد! فلماذا؟. الإجابة لا تخرج عن أن تلك النبرة التخوينية تحمل فكراً تحريضياً مقيتاً، كلنا نحاربه ونرفضه تماماً مهما كان مصدره شيعياً أو سنياً، لأننا لو استجبنا له وسمحنا له أن يسيطر على صوت العقل فسنسمع كل يوم لعلعة الرصاص الطائش بجنون قرب بيوتنا. ونرى الدبابات تتحرك في الشوارع لنشر الموت والدمار وتمنعنا من الوصول إلى رغيف خبز. فحرضوا وخونوا إذا أردتم أن تقضوا أيامكم بحثاً عن قطرة ماء، وحرضوا وخونوا إذا أردتم أن تفقدوا كل يوم أحد الأبناء أو الإخوة، وحرضوا وخونوا إذا أردتم لجراحكم ألا تشفى ولا تجدوا متبرعاً يفيض عليكم بدمه، وحرضوا وخونوا إذا أراد أحدكم أن يرى أختاً أو أماً مغتصبة!! نعم هذه هي النتيجة التي يفرزها التحريض والتخوين، سيفقد الأمان باستمرار وستتوقف الحياة وصناعة المستقبل، لأن الشيطان وأعوانه سيحكمون قبضتهم على العقول وهذا ما يحدث اليوم في كثير من البلاد العربية والمسلمة. وهل نحن بحاجة لهذا كله؟ أولسنا نعيش بأمان تطيب لنا فيه لقمتنا ونسعى فيه لرزقنا وعلمنا ونتطلع فيه لغد أجمل وأبهى فلنخنق إذا أصواتا تنعق بيننا بالتشرذم ونتمسك بالوطن.