بعيدًا عن شكاوى البعض من الأضرار التي يسببها لهم حمام الحرم في المساكن والأسواق القريبة من البيت العتيق، يظل حمام الحرم يشكل بعداً روحيا للمعتمرين وحجاج بيت الله الحرام في مكة المكرمة، حيث تضفي أسرابه الإحساس بالأمن والسلام للوهلة الأولى لقدوم المعتمر والحاج وحتى الزوار والمصلين، خصوصا أولئك القادمين من شتى أصقاع الأرض مما يشعرهم بمزيد من الروحانية والقداسة وهم في رحاب أطهر بقعة على وجه الأرض. الكثير من المعتمرين والحجاج وزوار بيت الله الحرام تجدهم ينسجون علاقة من نوع خاص مع أسراب الحمام المحلقة في أسراب دائرية تحيط بالكعبة الشريفة ومنارات المسجد الحرام ليس من خلال التأمل في جماله الذي لا يشيخ أو زرقته الاستثنائية ورشاقته من بين أنواع الحمام المعروفة فحسب، بل من خلال حرصهم على إطعامه بواسطة نثر الحب في الساحات الخارجية للمسجد الحرام، حيث يتسابق الحمام لالتقاطها بكل أمان وطمأنينة. ويعود أصل حمام مكة إلى الحمامتين اللتين عشعشتا على غار ثور أثناء هجرة الرسول -صلى الله عليه وسلم- من مكة إلى المدينة، بينما يعيده البعض إلى طيور الأبابيل التي أرسلها الله لتدمير جيش أبرهة الحبشي على الرغم من تضعيف هذا القول من بعض علماء الحديث لاسيما الألباني. وحول الجدل الذي أثاره بعض المستثمرين وسكان البنايات القريبة من الحرم حول حصول أضرار من مخلفات الحمام المكي خلال السنوات الأخيرة، ومطالبتهم بوضع حلول عملية تبعد تلك الأضرار عن منازلهم واستثماراتهم، قالت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء "يجوز نقل الحمام من الموقع المذكور ونقل صغاره وبيضه، وإزالة أعشاشه برفق حسب الإمكان، وما تلف أثناء النقل من غير قصد فلا يترتب عليه جزاء ولا غيره" وعلى الرغم من ذلك، إلا أن حمام الحرم يحظى بالتقدير والاحترام والحب من عموم أهالي مكة، حيث يطلقون عليه حمام رب البيت أو حمام الحمى تآلفوا معه على مر العصور يتعايشون معه في مختلف الأمكنة المحيطة بالحرم أو في الأحياء البعيدة عنه نسبياً، فبقي جزءاً من ذاكرة مدينتهم المقدسة، وآية من آيات الجمال فيها، لا يتخيلون مكة بدون رمزيته المتأصلة في الوجدان والنفوس والأرواح.
وهذا ما جعل أمانة العاصمة المقدسة توفر آلاف الأوعية الخاصة بسقيا الحمام والطيور بدلا من الأوعية القديمة التي تتسبب في تكاثر بعوض حمى الضنك وزيادة فرص الإصابة بالأمراض.
الحمام يمثل روحانية خاصة للمعتمرين