توسعت صناعة تكرير النفط في المملكة بحيث أصبحت سادس أكبر دولة على مستوى العالم في قدرات التكرير بعد الولايات المتحدة والصين واليابان والهند وروسيا. وبحسب التقارير العالمية فلقد وصلت طاقة المملكة التكريرية حالياً الى 2.9 مليون برميل باليوم وإذا ما تم اضافة 400 الف برميل باليوم لمصفاة جازان التى سينتهى العمل بها فى عام 2017م فستصبح طاقة التكرير حوالى 3.2 مليون برميل باليوم. وهذا يعنى ان المملكة قد تجاوزت كوريا الجنوبية وقد تتجاوز اليابان فى المستقبل. والاهم من ذلك ان المملكة اصبحت قادرة على تكرير ثلث انتاجها من النفط الخام. هذا بالاضافة الى مشاريع تكرير مشتركة مع شركات عالمية خارج المملكة في الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية واليابان والصين بقدرة تكرير تصل الى 2.4 مليون برميل باليوم.
من جهة اخرى تعد مصفاة ساتورب والتى تمثل شراكة بين ارامكو السعودية وتوتال الفرنسية من المشاريع الجديدة فى صناعة التكرير فى المملكة. ويعتبر موقعها الاسترتيجى فى مدينة الجبيل مناسباً للصناعات التحويلية وللتصدير لآسيا. ولقد أكدت أرمكو قبل ايام ان معظم هذه المصفاة والتى تُعد سابع أكثر المصافي تعقيداً وتطوراً على مستوى العالم قد انجز بواسطة مقاولين سعوديين. وأوضحت أرامكو ايضاً أن نسبة السعودة الإجمالية تبلغ 64.4%، مما سيوفر هذا المشروع نحو 5700 فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة. والجدير بالذكر ان مصفاة ساتورب قادرة على تحويل نحو 400 ألف برميل في اليوم من الزيت العربي الثقيل إلى بنزين وديزل ووقود طائرات ومشتقات أخرى. ولقد وصلت الكميات المكررة في مصفاة ساتورب في شهر أغسطس 2014 إلى مستوى الطاقة التصميمية القصوى للمصفاة (400 ألف برميل في اليوم).
وتجدر الاشارة إلى أن مجمع ساتورب هو أكثر من مصفاة لانه يحتوى على مصانع لانتاج المواد البتروكيماوية ايضاً. وينتج المجمع حوالى 700 الف طن سنويًا من البارازيلين الذى يستخدم فى صناعة مادة البوليستر المستخدمة فى صناعة المنسوجات وتستخدم ايضاً فى صناعة قوارير مياه الشرب الشفافة، ويقوم المجمع بإنتاج حوالى 140 الف طن من مادة البنزين التى تعد من اهم المواد فى الصناعات البتروكيماوية. وتنتج هذه المواد الهامة من مشتق النافثا الذى ينتج بدوره من عمليات التكرير الاولية. وهذا يعنى ان مجمع ساتورب يحول النافثا الى عطريات ذات قيمة مضافة عوضاً عن تصديرها للخارج ليتم تحويلها فى الدول الاخرى مثل الصين وكوريا الجنوبية واليابان. وبذلك تكون المصفاة بتحويلها للنافثا قد تقدمت خطوة الى الامام لتحصل على المزيد من الربحية والعمل على الاستفادة القصوى من الزيت الخام. وتصبح بذلك مصفاة ساتورب بحق من الاكثر تعقيداً وتكاملاً فى العالم، لانها تحول الزيت العربى الثقيل الى منتوجات متنوعة من جازولين وديزل بمواصفات عالمية ومواد بتروكيماوية عطرية باهظة الثمن. ويقوم المجمع بانتاج 200 الف طن من مادة البروبيلين عالي النقاء، في خطوة لتحقيق رؤية ارامكو المتمثلة في أن تصبح من ضمن، أكبر ثلاث شركات تكرير عالمية وشركة عالمية رائدة في مجال صناعة البتروكيمياويات. ويتم حالياً توريد حوالي نصف انتاج البروبيلين للشركة المتقدمة للبتروكيماويات في ضمن عقد لمدة خمس سنوات.
لاشك ان مشروع أرامكو توتال ساهم في رفع طاقة المملكة التكريرية، وتعزيز الاقتصاد المحلي والعالمي من خلال ضخامة الاستثمار البالغ نحو 50 مليار ريال، ونوعية المنتجات سواء النفطية المكررة أو البتروكيماوية والعطرية التي تشهد طلباً محلياً وعالمياً متنامياً. ومن جهة اخرى يمثل مجمع ساتورب والمشاريع المساندة له قاعدة لجلب المستثمرين وانشاء المشاريع المتعددة التى تستفيد من منتجات المصفاة من العطريات مثل الصناعات البتروكيماوية التحويلية. ان تصنيع وتكرير النفط الخام يعد خطوة رائدة فى طريق المملكة نحو غد افضل.