في يوم الإثنين الموافق 26/9/1436هـ، رحل عن هذه الدار الدنيا ذلك الرجل الفذ والشاعر الرمز، والقامة الكبيرة، والنموذج الحكيم، والعصامي الشيخ عبدالله بن علي بن صقيه التميمي، وقد صُلّي عليه بعد صلاة العصر يوم الثلاثاء الموافق 27/9/1436هـ، بمسجد الملك خالد في أم الحمام بالرياض، بحضور عدد كبير من الأعيان والمشائخ وجمع غفير من أهله وأقاربه وأصدقائه ومحبيه من مختلف مناطق المملكة في مشهد أشبه بزحام المصلين في صلاة الجمعة، بل وقد يزيد..
ابن صقيه وهو بشهادة كل مَن عرفه عن قرب يشتهر «رحمه الله» بدماثة الخلق، ولين الجانب، وصدق المعاملة، وحسن المعشر، وسماحة المحيا، وسرعة البديهة، كما أنه يُعدُّ علمًا من أعلام الشعر والأدب والثقافة والفقه والسيرة في التاريخ المعاصر، فهو من الشعراء الذين أثروا الساحة الأدبية بقصائده الرائعة التي تنبض بالحكمة والبلاغة والمعاني السامية، حيث لُقّب بـ(شاعر بني تميم)، وله الكثير والكثير من القصائد الشهيرة والملاحم الشعرية في المدح والوصف وغيرها، وهو إضافة لكونه من كبار الشعراء في نجد والمملكة والوطن العربي في الوقت المعاصر، كما اشتهر بعلمه وإلمامه بعلوم الأنساب، وحفظه للمطوّلات من عيون الشعر.. وله كتاب «بنو تميم في بلاد الجبلين»، طبع ونشرت أول نسخة قبل 30 سنة، وهو يُعتبر من الدرر الثمينة.
وله عدة دواوين أخرى مثل التميمي (ثمانية أجزاء).
ما زلت أتذكر قصيدته في وصف القهوة، وهو من أشهر مَن وصفها حين قال «يرحمه الله»:
قم يا وديع السين والدال واعيها
ياللي طوابير المعادي تناحيها
احمس من البن المنقا على الغضا
أوصيك بالتركيد ياللي تسويها
اصحا اتحرقها فيكثر سريبها
ولا تجي نية تمرر حلاويها
عن الجمر شطرها إلى فاح ريحها
يلزمك يا قرم الولايد تحاظيها
في نجر ماو قدر شبرين دقها
حسه يجيب اللي تكسر عزاويها
لقم ببغدادية كن عنقها
عنق المهاة المستحسة براميها
على بكر لقمها لمن يستحقها
ولا ترد للنشامى ثناويها
ويسترسل الشاعر في هذا الوصف ليقول:
الكيف يعبا للرجال النشامى
ما هو لناس ما تحسن مساعيها
ولا لدعبول يصفر على الضحا
خمس الفرايض كلها ما يصليها
ولا لمن مهنته نقل النمايم
هذيك ماخذها وهذيك معطيها
رحم الله الفقيد الغالي الشيخ عبدالله بن علي بن صقيه التميمي، وجزاه خير الجزاء عن كل ما قدم وأسكنه الفردوس الأعلى من الجنة، وألهم أهله وذويه الصبر والسلوان والعزاء موصول لأبناء عمومته عبدالله بن عبدالعزيز الصقيه، وحسن بن عبدالعزيز الصقيه، والدكتور المحامي الشيخ أحمد الصقيه، وكافة عائلة آل صقيه، وقبيلة بني تميم.. «إنا لله وإنا إليه راجعون».