كشفت الأجهزة الامنية البحرينية يوم الاربعاء الماضي 4 نوفمبر 2015 عن تنظيم إرهابي مكون من 47 عنصرا على صلة وثيقة بجهات إيرانية وعناصر إرهابية مقيمة في إيران، وذكرت وكالة الانباء البحرينية نقلا عن الاجهزة الامنية البحرينية ان عددا منهم تلقى تدريبات بمعسكرات إيرانية على استخدام الأسلحة وتصنيع المتفجرات. كما ضبطت الاجهزة الامنية كمية من المواد شديدة الانفجار وأسلحة نارية في مخابئ سرية بعدد من القرى، تركزت وسط مناطق مأهولة بالسكان. هذه الشبكة ليست الاولى وانما هي امتداد واستمرار لسلسلة التدخلات الإيرانية في الشؤون الداخلية لمملكة البحرين وذلك في محاولة منها لزعزعة أمنها واستقرارها.
وفي دراسة صدرت مؤخرا لمركز الخليج للدراسات الاستراتيجية تحت عنوان «التدخلات الإيرانية في الشؤون الداخلية البحرينية» ذكرت ان هناك 160 تصريحا وموقفاً إيرانيا عدائيا تجاه البحرين تم رصدها خلال الفترة من 2011 حتى 2013. الا ان هذه المواقف وهذه التصريحات مرورا بتهريب مواد متفجرة وأسلحة وذخائر إلى المملكة وإيواء الهاربين من العدالة وفتح المعسكرات الإيرانية لتدريب المجموعات الإرهابية زادت في الفترة الاخيرة وخاصة بعد توقيع الاتفاق النووي بين إيران ومجموعة دول (5+1).
اعتقد ان هذا التصعيد له سببان رئيسيان: الاول: تحاول ايران من خلال تصعيدها في البحرين ان تعوض خسارتها الاستراتيجية في كل من سوريا واليمن. فإيران سعت بعد سقوط نظام طالبان في افغانستان في سبتمبر 2001م والغزو الأمريكي للعراق في 2003م، الى مد نفوذها في شؤون المنطقة سواء في العراق، او في لبنان من خلال التحالف الثلاثي (ايران، سوريا، حزب الله) اعتمادا على المشروع الذي عرف باسم الاستراتيجية الوطنية- نظرية ام القرى، وأضيف اليها مشروع «الاستراتيجية الايرانية العشرينية»، اعتقادا منها ان هذا التمركز في ساحات اقليمية رئيسية (العراق، سوريا، لبنان) «الحزام الشيعي» سوف يكسبها أوراقا مهمة تشكل محركا قويا لقيادة التنظيم السياسي والاقتصادي والامني للمنطقة. الا ان انفجار الثورة في سوريا وخلخلة الاوراق الايرانية ادى الى انكماش هذا المشروع. فسوريا تعتبر ركيزة ايران الاساسية في المنطقة والحليف الوحيد لطهران منذ قيام الثورة، وتمثل الممر الاستراتيجي إلى لبنان عبر حزب الله. حاولت القيادة الايرانية التعويض عن خسارتها في سوريا بمد نفوذها الى اليمن من خلال تكثيف دعمها الى مليشيات الحوثي لتكون قوة مماثلة لحزب الله في لبنان، الا أن هذا ادى الى عزلها دوليا وتأزم علاقاتها إقليميا وحشد اقليمي متمثل في عاصفة الحزم بقيادة المملكة العربية السعودية قطعت يد ايران ووضعت حدا للعربدة الايرانية في اليمن. وبالتالي فإيران تحاول تعويض هذه الخسائر الاستراتيجية بالالتفات الى البيدق الاخير في رقعة الشطرنج.
ثانيا: ان ايران تحاول ان تستغل بعض الاصوات الامريكية التي تنادي بعودة ايران كشرطي للمنطقة. وقد ذكرت في مقال سابق «طهران وواشنطن.. بداية الرقص على ضوء الشمعدان!» ان هناك اصواتا داخل النخب السياسية الأمريكية تتناغم وتتماشى مع استعادة دور ايران التقليدي في الخليج (كشرطي للخليج) وذكرت مثالا على ذلك بتقرير اعده كل من مستشار الأمن القومي الأسبق زبغينو بريجينسكي والرئيس الأسبق لوكالة الأمن القومي الجنرال ويليام أودوم تحت عنوان (مسار معقول بشأن ايران) «Sensible Path on Iran» انتقدا فيه السياسة الأمريكية الحالية تجاه إيران التي تعتمد «العصا والجزرة» بأنها فاشلة واقترحا التفاوض مع إيران وإعادتها إلى دورها التقليدي الذي كانت تمارسه قبل 1979 على عهد الشاه السابق، أي دور «شرطي الخليج» فيما سمياه «السياسة الواقعية».
واخيرا لوقف هذه العربدة الايرانية في الشؤون الداخلية لدول الخليج لا بد لدول الخليج ان توحد سياساتها تجاه ايران والتعامل معها ككتله واحدة. بالإضافة الى تعزيز نفوذها في دول الجوار خاصة في العراق ولبنان وسوريا. ايضا لا بد من ايجاد استراتيجية اعلامية خليجية متكاملة لمواجهة الآلة والخطاب الإعلامي الإيراني المنظم تجاه دول مجلس التعاون.