التوقيت عرضي لكن لاتشوبه شائبة. في الوقت الذي تكون فيه الحكومات على وشك الشروع في بذل جهود غير مسبوقة للحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري العالمية (حيث سيُعقد مؤتمر الأمم المتحدة حول التغير المناخي في باريس من 30 نوفمبر إلى 11 ديسمبر)، انفجرت واحدة من أكبر تدفقات غاز ثاني أكسيد الكربون بقوة قياسية. في بعض الأوقات خلال الأسابيع العديدة الماضية، أطلقت الحرائق في إندونيسيا كميات من الكربون تعادل ما يطلقه الاقتصاد الأمريكي بأكمله، حيث إنها دمرت ملايين الهكتارات من الغابات الاستوائية التي تعد المكان الطبيعي لتصريف الكربون. ينبغي على البلدان المجاورة، جنبا إلى جنب مع عمالقة الاقتصاد مثل الولايات المتحدة والصين وأوروبا، ضم الصفوف من أجل إيقاف هذا التدفق.
منذ فترة طويلة تعاني إندونيسيا، التي تحتوي على ثالث أكثر غابات مطرية استوائية على الأرض، من المعدلات المدمرة من التصحر، ما أدى إلى خسارتها أكثر من 15 مليون فدان من عام 2000 إلى عام 2012. بعد تراجع طفيف، اندلعت الحرائق خلال موسم الجفاف لهذا العام، وقد دعمها نمط الطقس السائد إل نينيو، لأن الشركات والمزارعين الصغار يحرقون الأشجار للحصول على أراضٍ فارغة في سومطرة وبورنيو. التهمت ألسنة اللهب أكثر من 4 ملايين فدان من الغابات والأراضي الزراعية وأدت إلى انتشار ضباب خانق وصل إلى الفلبين وتايلاند.
إيقاف مثل هذه الحرائق - التي كانت حدثا سنويا منذ أكثر من عقدين، رغم أنها نادرا ما كانت بهذا الحجم - ليس عملا سهلا. في الوقت الذي عملت فيه الحكومة الإندونيسية على تجديد قرارها بتعليق إزالة الغابات وأراضي المستنقعات، يواصل المسؤولون المحليون الاستفادة ماليا جراء التغافل عن الموضوع. على أية حال، يمكن التغلب على مشاكل الإنفاذ التي من هذا القبيل، كما فعلت البرازيل عندما خفضت التصحر (إزالة الغابات) بنسبة 76 بالمائة من عام 2004 حتى عام 2012. لدى العالم سبب وجيه لمساعدة إندونيسيا على القيام بالعمل نفسه: المحافظة على غابات إندونيسيا وأراضي المستنقعات يمكن أن يخفض انبعاثات الكربون العالمية بحوالي 500 مليون طن سنويا بحلول عام 2030.
المال ليس الحاجة الرئيسية. في عام 2011، أسست النرويج صندوقا بمقدار مليار دولار لمكافأة الجهود التي تبذلها إندونيسيا لإنقاذ غاباتها. مع ذلك، لم يتم إنفاق سوى 50 مليون دولار حتى الآن، لأن الحكومة الإندونيسية لم تحقق ما يكفي من التقدم ضد مشكلة إزالة الغابات لتأمين الأموال. يمكن أن تقدم الولايات المتحدة وغيرها من البلدان الأخرى التكنولوجيا لمراقبة الغابات بشكل أكثر دقة، بحيث لا يمكن أن يفلت الجناة بسهولة من التدقيق. الأكثر أهمية على المدى الطويل، يمكن أن تساعد المعونات والمساعدات الفنية صغار المزارعين في زيادة عوائدهم، ما يجعل من غير الضروري لهم أن يقوموا بقطع المزيد من الأشجار. علينا ألا ننسى أن الضغوط من أجل الحرق سوف تستمر فقط طالما كانت تبدو منطقية من الناحية الاقتصادية.
تحقيقا لهذه الغاية، حظرت هولندا الواردات من زيت النخيل التي تكون لا تحمل شهادات بأنها مستدامة، وهنالك أمل بأنه بحلول عام 2020 ربما تقوم كل أوروبا بالعمل نفسه. وقد يكون حتى لتعهدات مماثلة من قبل الهند والصين تحديدا - من بين أعلى مستهلكي زيت النخيل في العالم - أثر أكبر.
في الوقت نفسه في سنغافورة، حيث توجد مقرات العديد من أكبر شركات زيت النخيل، يمكن أن يُطلَب من المصارف فرض معايير اقراض بيئية أكثر صرامة، بحيث تعمل تلك الشركات على تنظيف وتطهير سلاسل التوريد لديها.
قبل كل شيء، ينبغي على الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والصين الالتزام بشراء أرصدة كربون من إندونيسيا إذا عملت الحكومة على تقليل الانبعاثات الناجمة عن إزالة الغابات وتدهور وضع الغابات. وإذا تحقق ذلك، فإن برامج تداول الكربون سوف تضمن لإندونيسيا أنها ستُكافأ على سلوكها الجيد - وسوف تعترف تلك البرامج أن الحرائق هي مشكلة للكوكب بأسره.