أعلن رئيس حزب القوات اللبنانية المنضوي في قوى 14 آذار، سمير جعجع، تبني ترشيح عدوه السابق ورئيس الجمهورية الأسبق ميشال عون لمنصب رئيس الجمهورية اللبنانية، في خطوة مفاجئة قد تحرك ملف هذه الانتخابات العالق منذ 18 شهرا.
وقال جعجع في مؤتمر صحفي عقده بحضور عون في مقر الأول في بلدة معراب شمال شرق بيروت : "أعلن وبعد طول دراسة وتفكير ومناقشات ومداولات في الهيئة التنفيذية في القوات اللبنانية، تبني القوات اللبنانية ترشيح العماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية في خطوة تحمل الأمل في الخروج مما نحن فيه الى وضع اكثر أمانا واستقرارا وحياة طبيعية"، مضيفا : "رغم المحاولات لم نفلح في انهاء حال الفراغ القائمة والمستمرة حتى إشعار آخر".
وتابع : "لقد بتنا قاب قوسين أو أدنى من الهاوية ، حيث صار لابد من عملية انقاذ غير اعتيادية لا يجرؤ عليها الآخرون".
ودعا جعجع "القوى الحليفة في 14 آذار الى تبني" هذا الترشيح، قاصدا بذلك تيار المستقبل بزعامة رئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري.
ولم يعرف بعد ما اذا كان ترشيح جعجع لعون سيؤمن النصاب القانوني في البرلمان لعقد جلسة انتخاب رئيس تتطلب حضور ثلثي أعضاء مجلس النواب (86 من أصل 128).
وعقد البرلمان اللبناني 34 جلسة نيابية لانتخاب رئيس للجمهورية منذ انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال سليمان في 25 ايار/ مايو العام 2014، ولم يتمكن من توفير النصاب القانوني.
وينقسم البرلمان بين قوتين كبريين: قوى 14 آذار، وأبرز أركانها سعد الحريري، وقوى 8 آذار، وأبرز مكوناتها حزب الله بزعامة حسن نصرالله.
وكانت قوى 14 آذار أعلنت دعمها ترشيح سمير جعجع لرئاسة الجمهورية، فيما رشحت قوى 8 آذار ميشال عون.
ويعتبر تأييد جعجع لترشيح عون مفاجئا خاصة انهما ينتميان الى فريقين متنافسين حاليا، وهما اللذان تواجها في معارك شرسة أواخر الحرب الاهلية اللبنانية (1975-1990).
وبعد توصل الأطراف اللبنانية الى اتفاق الطائف الذي أنهى الحرب الأهلية أجبر ميشال عون على البقاء في المنفى في فرنسا 15 عاما، فيما دخل جعجع في العام 1994 السجن ليطلق سراحه في العام 2005 مع خروج الجيش السوري من لبنان.
وتأتي هذه الخطوة من قبل جعجع، لتعزز فرص الجنرال السابق عون (80 عاما) لملء موقع الرئاسة الشاغر منذ 20 شهرا في مظهر نادر للوحدة في المجتمع المسيحي الذي مزقته الانقسامات السياسية لسنوات، ولا بد لعون من الآن تأمين دعم أوسع لتولي المنصب المحجوز للمسيحيين الموارنة في إطار النظام السياسي الطائفي في لبنان.
وحمل كل من جعجع وعون السلاح ضد بعضهما البعض إبان الحرب الأهلية التي اندلعت في البلاد بين عامي 1975 و1990 فيما يسمى "حرب الإلغاء" وعلى مدى العقد الماضي ظل كل منهما على طرفي نقيض من الانقسام السياسي في لبنان.
ولم تتضمن ورقة التفاهم - التي تلاها جعجع - أفكارا استفزازية لأي من حلفاء الطرفين. ولم يأت على ذكر مشاركة حزب الله في القتال في سوريا.
ودعت الورقة إلى "ضرورة إقرار قانون جديد للانتخابات يراعي المناصفة الفعلية وصحة التمثيل بما يحفظ قواعد العيش المشترك ويشكل المدخل الأساسي لإعادة التوازن لمؤسسات الدولة".
من جانبه، شكر عون حزب القوات اللبنانية على ترشيحه، وأكد التزامه بجميع ما جاء في ورقة التفاهم قائلا: "إذا تكلمنا عن الماضي فيجب الخروج منه كي نستطيع بناء المستقبل ولا يجب أن ننساه كي لا نكرره، اذا الورقة السوداء انتهى دورها ويجب حرقها ولندع كل ذلك في ذاكرتنا فقط".
وتعهد - في حال انتخابه - بأن يكون "غطاء لجميع اللبنانيين، لن نتعامل كيديا مع أحد" متمنيا الإجماع على انتخابه رغم وصفه الخطوة بالمستحيلة "لكن ولو لمرة واحدة لأننا نريد بالفعل صيانة جميع مكونات الوطن مسلمين ومسيحيين".
وقال المحلل السياسي وكاتب العمود في جريدة النهار اللبنانية نبيل بومنصف لرويترز : "من المؤكد انه سيكون هناك تغييرات دراماتيكية في المشهد اللبناني كله بسبب هذه الخطوة".