في الوقت الذي تسعى فيه هيئة الربط الكهربائي الخليجي إلى زيادة نسبة الكهرباء المنتجة من مصادر الطاقة المتجددة إلى 50 بالمائة خلال السنوات القادمة، بعد الانضمام لمنظومة شبكة GO15 التي تمثّل 80 بالمائة من مجمل الطلب العالمي على الطاقة الكهربائية، قالت الوكالة الدولية للطاقة المتجددة "آيرينا": إن رفع حصة الطاقة المتجددة ضمن مزيج الطاقة العالمي إلى 36 بالمائة بحلول 2030 سيسهم في رفع الناتج المحلي الإجمالي العالمي إلى 1.3 تريليون دولار، إضافة إلى توفير حوالي 15 مليون فرصة عمل.
وقدم تقرير "آيرينا -الذي حمل عنوان "فوائد الطاقة المتجددة: قياس الجوانب الاقتصادية"- أول تقييم عالمي للآثار الاقتصادية الكلية الناتجة عن نشر هذه الطاقة.
وحدد التقرير بشكل خاص الفوائد التي ستتمخض عنها خطة مضاعفة الحصة العالمية من الطاقة المتجددة بحلول عام 2030، المقدرة بنسبة 1.1 بالمائة، مقارنة مع المعدلات المسجلة في عام 2010.
تحرير قطاع الطاقة من الكربون
وقال مدير عام الوكالة الدولية للطاقة المتجددة، عدنان أمين: إن اتفاقية باريس الأخيرة حفزت الدول المشاركة للانتقال من مرحلة وضع السياسات إلى حيز التطبيق، ولكي تعمل بسرعة على تحرير قطاع الطاقة من انبعاثات غازات الكربون.
وأشار أمين إلى أن التقرير يقدم دليلا مقنعا على أن تحقيق التطور اللازم في القطاع سوف يساهم -إلى جانب الحد من ظاهرة التغير المناخي- في إنعاش الاقتصاد وتعزيز رفاه البشرية وتوفير المزيد من فرص العمل عالميا.
ووفقا للتقرير، فإنه من المتوقع أن تحقق اليابان أكبر أثر إيجابي لناتجها المحلي الإجمالي (2.3%) فيما تتجاوز نسبة هذا الناتج في كل من أستراليا والبرازيل وألمانيا والمكسيك وجنوب أفريقيا وكوريا الجنوبية واحدا بالمائة.
ونوه التقرير إلى أن أثر نشر مصادر الطاقة المتجددة على الرفاه البشري ستكون أكبر منه على الناتج الإجمالي المحلي بما يتراوح بين 3 و4 أضعاف، في ضوء تحسن الرفاهية العالمية بنسبة 3.7 بالمائة.
وعلى صعيد توفير الوظائف، من المتوقع أن يرتفع عدد الوظائف المتوافرة في قطاع الطاقة المتجددة من 9.2 مليون وظيفة حاليا، إلى أكثر من 15 مليون وظيفة بحلول عام 2030.
الطاقة المتجددة والمياه والغذاء
مع اختتام اجتماعات الوكالة الدولية للطاقة المتجددة "آيرينا" تناول تقرير صدر عن الوكالة مسألة الطاقة المتجددة والارتباط الوثيق بين المياه والطاقة والغذاء. فيما أشار التقرير إلى أن وصول دول مجلس التعاون الخليجي لأهداف الطاقة المتجددة سيحقق خفضاً قدره 22 بالمائة في استهلاك المياه اللازمة لتوليد الطاقة وعمليات استخراج الوقود المرتبطة بها.
وكما يبدو أن الطاقة المتجددة والمياه النقية تتجه نحو ترسيخ وجودهما رغم أن الاستثمار فيها ما زال مكلفاً، لكنه "مستدام ومجد على المدى البعيد"، بحسب ما أكده أسبوع أبوظبي للاستدامة الذي يختتم أعماله الجمعة المقبلة.
وخلال أسبوع أبوظبي للاستدامة، الذي تستضيفه "مصدر"، ألقت الفعاليات الضوء على التحديات المترابطة لأمن الطاقة والمياه ومخاطر تغير المناخ والتنمية المستدامة.
وتعقد غدا الخميس جلسات حوار تتناول واقع الأمن الغذائي العربي، واستيراد الغذاء والمياه مقابل الإنتاج المحلي والدروس المستفادة من مشاريع الطاقة الشمسية والرياح في العالم.
كما كشفت دراسة جديدة أجرتها مؤسسة فروست أند سولفيان وتم إطلاقها خلال القمة العالمية للمياه عن أن السوق المتنامية لمعدات المياه ومعالجتها بدول مجلس التعاون تشهد تحولاً تدريجياً نحو الممارسات المستدامة في مجال معالجة مخلفات المياه وإعادة التدوير.
وكانت العاصمة الإماراتية أبوظبي شهدت منذ السابع عشر من الشهر الجاري أعمال أسبوع أبوظبي للاستدامة الذي شهد قمتين عالميتين، واحدة للطاقة وأخرى للمياه، بالإضافة إلى معرض ضم أبرز التقنيات المستخدمة في مجلي الطاقة المتجددة والمياه.
دمج مصادر الطاقة في شبكات الكهرباء
من جهتها، أوضحت هيئة الربط الكهربائي الخليجي أنها تسعى للاستفادة من التجارب العالمية في دمج مصادر الطاقة المتجددة في شبكات الكهرباء العالمية، واحتلت شبكة الربط الكهربائي الخليجي المرتبة 16 عالمياً من حيث حجم الطاقة المنتجة من خلال الشبكة والذي يزيد على 100 ألف ميجا وات.
فيما تعمل هيئة الربط الكهربائي بدول المجلس على زيادة نسبة الكهرباء المنتجة من مصادر الطاقة المتجددة إلى 50 بالمائة خلال السنوات القادمة، بعد الانضمام لمنظومة شبكة GO15 التي تمثّل 80 بالمائة من مجمل الطلب العالمي على الطاقة الكهربائية، حسب المهندس أحمد الابراهيم، الرئيس التنفيذي لهيئة الربط الكهربائي بدول مجلس التعاون الخليجي.
وأكد الإبراهيم -خلال فعاليات الدورة الثانية من منتدى شبكة الـ GO15 العالمي والتي عقدت في دبي نهاية الشهر الماضي- أن شبكة الـ(GO-15) توفر الكهرباء لأكثر من 3،4 مليار مستهلك في 6 قارات وهي مسؤولة عن تكامل 2518 جيجاواط من طاقة التوليد، 21 بالمائة منها من مصادر الطاقة المتجددة.
وأشار الابراهيم الى أن هيئة الربط الكهربائي بدول المجلس تستهدف الاستفادة من التجارب العالمية في اندماج مصادر الطاقة المتجددة في شبكات الكهرباء العالمية، حيث وصلت النسبة المنتجة من تلك المصادر الى 50 بالمائة في عدد من شبكات الدول المتقدمة.
ولفت الرئيس التنفيذي لهيئة الربط الكهربائي بدول مجلس التعاون الخليجي إلى أن الهيئة تسعى كذلك لتغيير نمط شبكات انتاج الكهرباء في دول مجلس التعاون في الخليج الى شبكات ذكية تستخدم التكنولوجيا الحديثة من خلال وضع رؤية مستقبلية واستراتيجية متكاملة حول إنتاج الطاقة في منطقة الخليج.
تخزين الطاقة المنتجة عبر البطاريات
من جهته، قال الدكتور مطر النيادي، وكيل وزارة الطاقة، رئيس مجلس إدارة هيئة الربط الكهربائي بدول مجلس التعاون الخليجي: إن الهيئة تؤمن بأهمية الربط الكهربائي سواء داخل أو خارج مجلس التعاون كوسيلة للاستخدام الأمثل لمصادر الطاقة والنمو الاقتصادي.
وأكد أن الانضمام إلى منظومة شبكة GO15 يساعد هيئة الربط الكهربائي الخليجي في الاستفادة من خبرات وأبحاث وشركاء جهة عالمية موثوق فيها في مجال الربط الكهربائي، ومعتبراً أن تلك العضوية تعد تأكيداً على أهمية وإمكانيات شبكة الربط الخليجي التي تعد من أنجح المشروعات على مستوى منطقة الخليج.
وأوضح النيادي أن تضمين أي مصادر لإنتاج الكهرباء سواء مصادر الطاقة التقليدية أو المتجددة في الشبكة الخليجية الموحدة يتم من خلال الشبكات الوطنية للأعضاء، مؤكداً أن عملية تخزين الطاقة المنتجة تلقى اهتماماً من هيئة الربط الكهربائي بدول مجلس التعاون الخليجي إذ تتابع التطورات الحادثة في العالم سواء من خلال التخزين عبر البطاريات أو محطات المياه؛ من أجل دراسة جدوى كل مشروع منها واختيار أفضل الحلول لتقديمها للدول الخليجية الأعضاء.
وأشار إلى أن إتمام عملية الربط الكهربائي بين الدول العربية يعد خطوة رئيسة نحو الربط مع شبكات عالمية، خصوصاً أن هناك شبكات لعدد من الدول العربية مرتبطة حالياً بشبكات الكهرباء الخاصة بدول أوروبية، كما أن الجدوى الاقتصادية ستتحقق عبر الاستفادة من فارق التوقيت وفارق الاحمال لتوفير طاقة رخيصة للدول العربية.
وعن الربط بين الشبكة الخليجية وشبكة الـGO15 العالمية التي تمثّل 80% من مجمل الطلب العالمي على الطاقة الكهربائية، أجاب الكواري: إن شبكة GO15 هي منظمة تضم 18 من مشغلي شبكات الكهرباء العالمية وليست شبكة واحدة تربط شبكات الكهرباء في الدول الأعضاء، موضحاً أن انضمام الشبكة الخليجية كعضو في تلك المنظمة العالمية يعد خطوة مهمة نحو تبادل الخبرات وتطوير الشبكات.
80 % من الطلب العالمي للكهرباء
وأعلن رؤساء الهيئات المعنية بتجارة الطاقة في دول مجلس التعاون المجتمعون رسمياً انضمام هيئة الربط الكهربائي لدول مجلس التعاون الخليجي إلى (GO-15)، التي تمثل 80 بالمائة من مجمل الطلب العالمي على الطاقة الكهربائية.
وتتضمن هذه الشبكة شبكات دولية أخرى رائدة مثل "ميسو" و"بي جيه إم" في الولايات المتحدة و"ناشيونال جريد" في المملكة المتحدة و"آر إي إي" في اسبانيا و"آر تي إي" في فرنسا و"تيرنا" في إيطاليا و"إسكورن" في جنوب افريقيا وغيرها من الشبكات الأخرى في البرازيل واستراليا والهند والصين وكوريا الجنوبية واليابان وروسيا وبلجيكا.
وتوفر (GO-15) الكهرباء لأكثر من 3.4 مليارات مستهلك في 6 قارات وهي مسؤولة عن تكامل 2518 جيجاواط من طاقة التوليد، 21٪ منها من مصادر الطاقة المتجددة. وقد تم إنشاء (GO-15) في العام 2004 بعد عدة انقطاعات في التيار الكهربائي في جميع أنحاء العالم؛ وذلك بهدف وضع خطط عمل مشتركة تتناول تحسين نظام تأمين الطاقة وقد أصبحت (GO-15) في العام 2009 منظمة رسمية.
من جهته، قال السيد "دانيال دوبيني"، رئيس مجلس إدارة (GO-15) الشبكة الأوروبية: "نرحب بانضمام هيئة الربط الكهربائي لدول مجلس التعاون الخليجي إلى شبكة (GO-15) ونؤكد أن ذلك سيعود بالفائدة على شريحة واسعة من المستخدمين في الدول الست الأعضاء من منطقة الخليج. لقد اطلعنا على رؤية ومهام هيئة الربط الخليجي وهي تتوافق مع رؤيتنا المتمثلة بالابتكار والتقدم التكنولوجي والقيادة في هذه الصناعة".
الاستغناء عن البطاريات كوحدات لتخزين الطاقة
وقال لـ"اليوم" أستاذ الطاقة الشمسية المساعد في قسم الهندسة الكهربائية بجامعة أم القرى الدكتور رائد بن عبدالرحمن شالواله: إن ربط وحدات الطاقة الشمسية بشبكات توزيع الكهرباء ربطا مباشرة مع الاستغناء عن البطاريات كوحدات لتخزين الطاقة الزائدة عن الاستهلاك واعتبار الشبكة كوحدة تخزين كبرى كفيل باستيعاب أي فائض من هذه الوحدات وبالتالي توفير ٤٠ بالمائة من قيمة النظام.
وقال "شالواله": في ظل النمو السريع والطلب المتزايد على مصادر الطاقة مع ضرورة الحفاظ على طبيعة الأرض ومكافحة مشكلة الاحتباس الحراري يتصدر لنا الحل النظيف والمتجدد لتوليد طاقة (خضراء) صديقة للبيئة ومستدامة باستدامة تعاقب الليل والنهار، إنها الطاقة الشمسية، أحد أهم أنواع الطاقة البديلة التي ليس لها أي انبعاثات وبالتالي لا تسبب أي ضرر على البيئة، مشيراً إلى انه في ظل البحث عن أفضل الطرق والأساليب للاستفادة من هذا النوع من الطاقة بأقل التكاليف يتصدر لنا حل ربط وحدات الطاقة الشمسية بشبكات توزيع الكهرباء الذي يوفر الكثير من الطاقة المهدرة.
وأضاف: إن هذا النوع من الربط بدأ استخدامه فعليا في أكثر من دولة كألمانيا وبريطانيا وأستراليا وغيرها من الدول تحت ما يسمى بالشبكات الذكية (Smart Grid)، والتي تعتمد بشكل رئيس على شبكات اتصالات فائقة السرعة تسير جنبا إلى جنب مع شبكات الكهرباء.
ولفت إلى انه يعقد لهذا النوع من الشبكات مئات المؤتمرات واللقاءات حول العالم؛ لبحث سبل وطرق تطبيقها على أرض الواقع؛ وذلك لتخفيض الاستهلاك المتزايد على الكهرباء وضمان استمرارية التوليد بأحدث وأسهل التقنيات، إلا أن البنى التحتية في دول الحزام الشمسي وتحديدا دول الشرق الأوسط والشمال الإفريقي غير متاحة حتى الآن فيما يخص شبكات الاتصال فائقة السرعة لجميع المناطق السكنية.
جانب من اجتماع الوكالة الدولية للطاقة المتجددة «ايرينا»
الربط الكهربائي الخليجي سيزيد نسبة الكهرباء المنتجة من مصادر الطاقة المتجددة 50%