DAMMAM
الخميس
34°C
weather-icon
الجمعة
icon-weather
34°C
السبت
icon-weather
37°C
الأحد
icon-weather
33°C
الاثنين
icon-weather
34°C
الثلاثاء
icon-weather
36°C

غلاف «وادي العشرق»

الواقع والمتخيل في رواية «وادي العشرق» لعبدالرحيم الأحمدي

غلاف «وادي العشرق»
غلاف «وادي العشرق»
أخبار متعلقة
 
(وادي العشرق) رواية صدرت عن دار (المفردات) للنشر والتوزيع بمدينة الرياض، عام 1426هـ للكاتب والباحث في فنون التراث والفلكلور الشعبي عبدالرحيم الأحمدي. ويبدو أن (الأحمدي) من خلال هذه الرواية قد استثمر معرفته وخبرته الطويلة في مجال الموروثات الشعبية ودراستها، من قصص وحكايات وأساطير حفلت بها الأماكن التي دارت فيها أحداث روايته، والتي لم يكن (وادي العشرق) الا أحد أبرز معالمها الجغرافية، وهو ذلك الوادي الكبير، المسمى بهذا الاسم لكثرة وجود نبات (العشرق) بين جنباته، وذلك المعلم العملاق المخيف، المأهول بالناس والأساطير والأشباح والأخيلة الزائفة،الذي يخترق سلسلة (جبال السروات) كما جاء في (المقدمة) التي وضعها الكاتب نفسه لعمله هذا، وما عرف به هذا الوادي منذ القدم لدى أهالي المنطقة وسكانها، وغيرهم من مجتازيه، في سفرهم وحلهم وترحالهم من طبيعته الجغرافية الوعرة، وتنوع تضاريس المنطقة المحيطة به وبضفافه، ما بين الجبال الشاهقة وكثافة الأشجار والمنخفضات والتلال والسهول الجرداء والمفازات والمغارات والكهوف.. الخ. لقد رسم لنا الكاتب بقلمه في تلك (المقدمة) ما يشبه (الخارطة الطبوغرافية) لهذا الوادي، وكأنه يريد أن يهيئ الجو النفسي المناسب للقراء، لتخيل هذا الوادي المرعب، وتفاصيله التكوينية -مبدئيا- قبيل ولوجهم للنص الروائي، بحيث جعل منه المسرح الأساسي للأحداث القصصية وشخوصها وزمانها ومكانها. ولذلك أرى -أنا شخصيا- ضرورة أن يقرأ من تقع بين يديه هذه الرواية، أو من يريد تصفحها مقدمتها، التي عمد الكاتب الى أن تكون فاتحة لها، وبمعزل عنها -نصيا وفنيا- وان كانت جزءا لا يتجزأ من هيكلتها أو بنيتها المتكاملة، التي لا يستغني القارئ عن الرجوع اليها، كعامل مساعد لفك رموزها ومعمياتها، وسبر أغوارها، متى ما دعت الحاجة الى ذلك، بشكل يوضح الحدود الفاصلة بين الواقع والمتخيل، أو تداخلهما ببعضهما، لدرجة حرجة يصعب عندها أحيانا الفصل بينهما، في مواضع كثيرة من النص القصصي، بطول امتداد صفحاته. ولولا هذه المقدمة التي رأى الكاتب ضرورة وجودها متصدرة الصفحات الأولى من الرواية لوقع القارئ في فخ التأويلات المتعسفة، والتفسيرات الشخصية المفتعلة، التي تجنح به الى غير ما لا يقصده كاتبها، وربما ذهب تفكيره الى احتمالات أخرى غير قادرة على التمييز فيما بين الحقيقة والخيال، وبين الأساطير والخرافات كموروث، أو كتراث تتوارثه الأجيال السابقة واللاحقة، وبين القيمة التاريخية والانسانية لهذا الموروث نفسه، وتوظيفه في سياق أدبي ونسق فني. إذن ليست الغرابة أو الطابع الغرائبي السردي هنا في هذا العمل هو المعول عليه في تقييمنا له، من فقدان بطل الرواية (الدكتور نبيل) لابنه الصبي الصغير (راشد) ذات يوم لدى قيام العائلة برحلة برية للتنزه والاستجمام في (وادي العشرق) وضياع هذا الابن واختفائه عن الأنظار في ظروف غامضة، بما يوحي باحتمال اختطافه من قبل (الجن) الذين يسكنون الوادي، ولا تكمن الغرابة أيضا في صحة هذه الحادثة من عدمها، وانما تكمن القيمة الفنية والجمالية للقصة كلها في كونها مستلهمة ومستوحاة من امتداد تاريخ هذا الوادي عبر مئات السنين، ومن أرشيفه الأثري العتيق في ذاكرة الناس، وغناه بالحكايات والخرافات والأساطير التي عرفها عنه سكان المنطقة وأهاليها، وغيرهم من عابري السبيل، ممن يجتازون الوادي المذكور خلال أسفارهم، أو ممن يعترض طريقهم أثناء ترحالهم وتنقلهم من مكان الى آخر.