قال دعاة وأئمة مساجد: إن تنظيم قطاع سكن العزاب في المملكة وعزله عن العائلات يفضي إلى تحقيق الأمان الاجتماعي، مؤكدين أن سكن العزاب واختلاطه مع سكن العوائل مخالف للشرع، لما فيه من ضرر في حقوق الجار الأربعة.
وقال الدعاة لـ «اليوم» ضمن الملف الشهري الخامس عشر «العزاب.. الملف الوطني التائه!»: لا يستطيع أي رجل أن يخرج من بيته تاركا أطفاله ونساءه دون معرفة أمن الحي الذي يسكن فيه، راجين من الجهات المعنية وضع آلية لعزل تلك المناطق العائلية عن العزاب والعمالة الوافدة، مبينين أن من بين العزاب أشخاصا أمناء وشرفاء، وغيورين على دينهم ووطنهم، ولكن درء المفاسد أولى من جلب المصالح.
وأكدوا أن المملكة في منهاجها الاسلامي المعتدل المستمد شرعيته من كتاب الله وسنة نبيه وإجماع أهل العلم تكفلت بحسن العلاقة وكريم التعامل بين الجيران، بل وعلى مستوى تنظيم علاقات الجوار التي تحفظ حقوق المسكن في المجتمع، لافتين إلى أنه يتم التدرج في التعامل مع السلوكيات والظواهر الخاطئة التي تترتب من تداخل سكن العزاب مع الاحياء العائلية، التي يستحوذ على أكثريتها العمالة الوافدة، بحسب التوصيات الشرعية وتبدأ بالنصح والوعظ للإشكاليات الصغيرة وحتى تصل في بعض الاحيان إلى عقوبات رادعة وإبعاد مرتكب تلك المخالفات الخطيرة التي تهدد استقرار وسلامة المجتمع دينيا أو دنيويا، اتقاءً وحماية للمجتمع من شروره.
وأشار الدعاة إلى أن هناك مراكز أنشأتها المملكة لمعالجة أبرز السلبيات والأخطاء للعزاب والعمالة الوافدة، وتقويمها وتوعيتهم وتثقيفهم بالأخلاق وحسن التعامل مع الجار.
وأكد محمد العطاس عضو الجمعية العمومية للجمعية الخيرية للتوعية بأضرار التدخين والمخدرات «كفى» أن حكومة بلادنا تولي جميع الموجودين على ثراها من عزاب وجاليات ووافدين بالغ الاهتمام والرعاية، ومن تلك الجهود إنشاء المراكز الدعوية والتثقيفية والاجتماعية التابعة لوزارة الشؤون الإسلامية أو التابعة لوزارة الشؤون الاجتماعية، وتبذل الجهود في دعوة غير المسلمين للدين الإسلامي الصحيح وتعليم المسلمين منهم ما يلزمهم من أمور دينهم من أمور في العقيدة وتقويم السلوكيات الخاطئة ومتابعتهم من خلال برامج متعددة ومتنوعة.
وأبان أن المجتمع السعودي من أفضل الشعوب الإسلامية والعالمية في حفظ الحقوق لأن شرعيته تستمد من كتاب الله وسنة نبيه، وتمسك أبنائه بالكتاب والسنة والعقيدة الصحيحة التي لم تتأثر بحول الله بالسلوكيات السلبية لتلك العمالة، بل يمثلون البيئة الإسلامية بشكل جيد في الجاليات والعمالة العازبة، وينقلون لهم الأخلاقيات الإسلامية التي تتحلى بها الشريعة السمحاء من آداب وقيم ومبادئ، وهذا مُشاهد حتى في أبنائنا المبتعثين، وإن كان لكل قاعدة شواذ، لافتا إلى أنه قد يكثر في بعض الأحياء التي يقطنها العزاب أو العمالة بعض الأحيان بيع الممنوعات الجسدية كالحبوب المنشطة والمخدرة أو الفكرية كبعض الأشرطة والكتب، التي لابد من اتخاذ الإجراءات الصارمة بحقها.
وأوضح العطاس أن قدوة المسلمين في التعامل مع الجوار وحقوق العمالة هو المصطفى «عليه الصلاة والسلام»، التي أكدت عليها النصوص الدينية، ويجب أن يدرك الجميع بأن هذا العامل من بلد مختلف وله عادات وتقاليد غير العادات والتقاليد في مجتمعنا، فما نراه خطأ في بعض الأحيان قد يراه في بلده أنه صواب والعكس كذلك، فالواجب علينا التعامل معهم بحسب ما نجده في سلوكياتهم بالتدرج بحسب الأخطاء التي قد تقع منهم باللين في الأخطاء البسيطة، أو بإبلاغ الجهات المختصة فيما يخص الممنوعات وأمن الدولة.
وزاد: يجب أن نضع في الاعتبار أن هذا العامل غريب عن أهله وعائلته وأبنائه وغيرهم، فقد تجده في حالة سيئة ولا يستطيع التعبير عن شعوره، كما أن المكاتب والمراكز التوعوية المنتشرة في جميع أنحاء المملكة تقوم بتنفيذ العديد من البرامج والأنشطة الخاصة بالعمالة الوافدة للمسلمين وغير المسلمين، التي تحتوى على عدد من الأنشطة التعريفية والمسابقات والبرامج الرياضية والبرامج التوعوية، إضافة إلى رحلات التنزه والدوري الرياضي، واللقاءات العامة والزيارات للمستشفيات والدوائر الحكومية والشركات وأماكن تواجد العمالة، إضافة إلى برامج خاصة بها وفق دراسة شاملة لكل جالية واحتياجاتها، بحيث تستهدف معالجة أبرز السلبيات والأخطاء، بالإضافة إلى التثقيف والتوعية، والواجب أن يكون العامل الوافد أخا لنا نعامله بما نعامل أبناءنا وإخواننا، نشاركه أفراحه وأتراحه، ثم كل شيء يأتي بالتعليم والتدريب.
في السياق ذاته، أكد الدكتور حسن الأزيبي في جامعة الإمام محمد بن سعود الاسلامية أن المملكة تمثل البلد الأم لجميع الدول الإسلامية لمميزاتها كونها مهبط الوحي وبلاد الحرمين الشريفين، التي أهلتها لتكون ورشة تدريبية وتعليمية عالمية للمسلمين في جميع أنحاء الأرض، إضافة إلى كونها بلاد تعيش في قمة عطائها وقوتها كونها من ضمن أكبر اقتصاديات العالم والتي يقيم بها أكثر من 9 ملايين وافد، والذين أسهموا في تشييد البناء وإقامة العديد من المشاريع، منهم المسلمون وغير المسلمين، فالمملكة بمراكزها الإسلامية وجهود حكومتها في نشر الدين الإسلامي الوسطي الذي يحارب الغلو والتطرف وينصح ويُقَوم المتهاون، إضافة إلى العمل الدؤوب في وزارة الشؤون الإسلامية نلاحظ دخول أعداد كبيرة من تلك الجالية واعتناقهم الإسلام، وازدياد الكثير من المسلمين بمعرفة دينهم وأحكام الشرعية.
ولفت إلى وجود العديد من الظواهر الاجتماعية والسلوكية والأمنية التي هي مسؤولية الجهات المستقدمة لتلك العمالة من المستقدمين أو الجهات المعنية في عدم وضع القيود المناسبة حول خلو تلك العمالة من الأمراض السلوكية والعقلية والاجتماعية والدينية، وهذا يفسر ظهور العديد من الحالات الأخلاقية والسلوكية التي تم القبض عليها من حالات شذوذ أو مصانع خمور أو اغتصابات وسرقة وغيرها من الجرائم التي تؤرق الدولة وتكلفها دفع تكاليف هي أخطاء بعض المستقدمين غير الأمينين، حيث وجد أن بعض الدول ترسل فئات غير سوية إلى المملكة كعمالة وافدة، وهنا يكمن الخطر في دمج تلك العمالة في أحياء يسكنها عائلات، وتداخل مساكن العزاب مع سكن العائلات، فتظهر العديد من الأخطار الأمنية والسلوكية والفكرية والأخلاقية.
وشدد: هنا لا بد من تضافر كافة الجهات المعنية من وزارة العمل ووزارة الشؤون الاجتماعية والشؤون الإسلامية في وضع شروط وقواعد تضمن سلامة الوافد فكرياً وسلوكياً وعقلياً بنفس الشروط التي تكفل سلامة العمالة من الأمراض الصحية، إضافة إلى الاستقدام بشكل مقنن للمهن المناسبة، فالاستقدام العشوائي جعل من المملكة محو أمية مهنية للكثير من العمالة التي تأتي إلى المملكة وتتعلم المهنة فيها، ثم تسافر لتمارس المهنة بشكل صحيح إلى الدول الأوروبية والأمريكية للعمل فيها.
وأوضح الأزيبي أن دور الدعاة والعلماء في المملكة كبير في مقاومة تلك الأخطاء والقضاء على العديد من المظاهر والسلوك حتى تتقي شر تلك الأفكار، وتحمي أفراد مجتمعها، ولا يقتصر دور الدعاة على هذا الحد، بل يزيد دور التوعية لتثقيف تلك العمالة بأمور دينهم حتى يرجعوا إلى بلادهم وهم سفراء وممثلين للبيئة الإسلامية.
فيما أشار محمد عبدالرزاق إمام مسجد السنة بجدة، إلى أن هناك تأثيرات سلبية وإيجابية تأثر بها المجتمع السعودي نظرا لتداخل سكن العزاب المحتوي على جاليات وعمالة وافدة مع الأحياء السكنية الخاصة بالعائلات، ولكن إذا ما أردنا أن ننظر للتأثيرات السلبية فسنجد على سبيل المثال أن غالب شباب مجتمعنا سابقا، لم يكن يعرف بعض المظاهر الجديدة مثل الرقصات أو قصات الشعر أو اللباس السيئ المخالف، كذلك تعاطي بعض الأمور السيئة كالتدخين وغيره، أو انتشار بعض العادات المخالفة، وقد تصل بعض تلك التأثيرات السلبية من بعض العمالة والجاليات الوافدة إلى جوانب أخطر، مثل التأثر ببعض الأفكار والتوجهات العقدية أو الفكرية أو السياسية، مما يجر مجتمعنا إلى مشاكل خطيرة قد تمس أمنه واستقراره ووحدته بسبب بعض الأفكار والتوجهات الوافدة المخالفة شرعا، أو التي قد لا تتناسب مع مجتمع يمتاز بثقافة إسلامية معتدلة.
وأوضح أن التوصيات الشرعية للتعامل مع أخطاء تلك العمالة قد تتدرج في طرق مكافحتها، والتي تبتدئ بالوعظ والنصح بالتي هي أحسن على مستوى الفرد، وإذا كانت بعض المخالفات منتشرة من قبل بعض العمالة والجاليات بشكل واسع، فيحصل تواصل رسمي بين الجهات المختصة وسفارات أو ممثليات دول تلك العمالة وشرح الأمور لهم لتعميمها عليهم، كي يراعوا بعض المسائل بعدم مخالفتها، بينما المخالفات الخطيرة التي تهدد استقرار وسلامة المجتمع دينيا أو دنيويا، فقد يصل الحل معها في بعض الأحيان إلى إبعاد مرتكبها اتقاءً لشره وحماية للمجتمع منه، ولكنه الحل الأخير الذي لا يتم اللجوء إليه إلا في الحالات الخطيرة، والتي لا ينفع معها النصح أو التوجيه مع وجوب النظر إلى ما يصدر من الفرد، ومن ثم معالجته بما يستحقه من العلاج، فالمخالفات الشرعية مثلا وخاصة تلك التي تمس العقيدة فهذه شأنها لدى العلماء وطلبة العلم وأهل المعرفة بالشرع، فهؤلاء عليهم واجب النصيحة والتوجيه وتصحيح مسار المخالف بالتي هي أحسن، وقس على هذا في شأن الأنواع المختلفة من المخالفات سواء أمنيا أو فكرياً. بدوره، أشار الداعية أحمد محيي الدين مقادمي إلى أن الضرر الكبير الذي يشهده التوسع في سكن العزاب، الذي أصبح يتداخل مع الأحياء العائلية أوجد ضرورة ملحة إلى إيجاد آلية لعزل منطقة العزاب وإزالة الأحياء الشعبية التي تحمي الكثير من المخالفين، مبيناً أن هذا يشكل مجالاً لتلك العمالة لممارسة أعمال غير نظامية كصنع المسكرات، وتشكل العصابات، سواء للسرقات أو ممارسات الرذيلة، أو إنشاء ورش غير نظامية للغش أو تقليد الملابس والمشغولات والأطعمة وغير ذلك، فالتنظيم خير وسيلة لحفظ الأمن والأمان للجميع. وأكد أن سكن العزاب واختلاطه مع سكن العائلات مخالف شرعاً، لما فيه من ضرر في حقوق الجار الأربعة، وهي كف الأذى عن الجار، وحمايته، والإحسان إليه، وتحمل أذاه، فلا يستطيع أي رجل أن يخرج من بيته تاركاً أطفاله ونساءه دون معرفة أمن الحي الذي يسكن فيه، راجيا من الجهات المعنية وضع آلية لعزل تلك المناطق العالية عن العزاب والعمالة الوافدة، مبيناً أن من بين العزاب أشخاصا أمناء وشرفاء، وغيورين على دينهم ووطنهم، ولكن درء المفاسد أولى من جلب المصالح.
من جهته، قال سليمان علو إمام وخطيب جامع الحنفي وعضو لجنة إصلاح ذات البين بامارة منطقة مكة فرع جدة: إنه لا يشكُ عاقل ولا يختلف مُنصف من المواطنين أو المقيمين في بلاد الحرمين أن دور المملكة في التعامل مع العمالة والجاليات، التي تشكل نسبة كبيرة من المستحوذين على المساكن الخاصة بالعزاب، بالحفظ الكامل لحقوقهم التي تتكفل بالعدل والإنصاف في العمل والحرية في المأكل والمشرب والسكن وتحويل الأموال إلى أهاليهم بكل يسر وأمان دون استقطاع مبالغ إضافية أو ضريبة، وتكفلت أيضاً بنشر الثقافة والتوعية بين جميع ساكنيها، وضمنت لهم التنقل في الشوارع والمدن والمطارات، وتعاملت معهم بكل أخوة وحسن جوار، مما انعكس على مجتمعنا وتأثر البعض منا في الأزياء والملابس ولبس القلادات والأساور في الرأس أو في معصم يده، ناهيك عن السلوكيات والأعمال الخاطئة التي لا تليق بقيم بلادنا، مما جعل المجتمع السعودي يدفع ثمن محاكاة تلك السلوكيات السلبية، والتي أثرت على أبنائنا مع تداخل سكن العزاب إلى الأحياء العائلية، وظهور سلوكيات الوافدين والجاليات على البعض. وأشار إلى وجود الكثير منهم به الصلاح وينفع الله به بلادنا، فمنهم من يستفاد منه وليسوا جميعهم على شاكلة واحدة في السوء، إضافة إلى أن من بين أولادنا من يجالَس ويصاحَب ومنهم الصالح ومنهم دون ذلك، مثلهم مثل جميع المجتمعات. وأوضح خطيب جامع الحنفي أن تداخل سكن العزاب مع الأحياء العائلية واحتكاك أبنائنا معهم أدى إلى ظهور بعض السلوكيات التي لم تكن تُشاهد في السابق، مبيناً أن التعامل والتوصيات الشرعية تضمن النصح والوعظ لهم بالتي هي أحسن، وأن نكون لهم قدوة لديننا وعدم التأثر بالسلوكيات الخاطئة لما خص الله هذه البلاد بخصائص ومزايا جعلها مهوى أفئدة المسلمين، وأمنية لكثير من أبناء المسلمين للعمل فيها والقرب من البيت الحرام ومسجد النبي الكريم «صلى الله عليه وسلم»، جعلت الكثير من العمالة تقيم فيها وتتوافد إليها، والتي حققت العدل معهم وأعطتهم حقوقهم الكاملة التي تكفل الإسلام بصياغتها. وشدد على وجود أهمية بالغة في عزل الأحياء العائلية عن العزاب للحفاظ على أبنائنا وعائلاتنا من بعض تلك العادات الدخيلة على مجتمعنا، والتي قد تكون بعيدة عن الإسلام، وقد تتسبب بكوارث أمنية والكثير منا في غنى عنها، فسكن العزاب بجانب العائلة قد يتسبب في كثرة الخصومة معهم، أو التهاجر، والتدابر عند الأسباب التي قد تضر بالمصلحة الاجتماعية، وكثرة المشاكل التي قد تتسبب فيما إذا أفسدت العلاقة بين الجيران، فلا بد من إيجاد آليات وقواعد تحفظ البيئة الاجتماعية والعائلية الإسلامية وإبعاد الأحياء الشعبية والعزوبية عن الأحياء العائلية حتى لا يدخل المجتمع تحت وعيد الرسول فيمن لا يحفظ حقوق جاره، كما جاء في حديثه الذي يقول فيه: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره». وكفى به زاجرا عن أذية الجار قوله عليه الصلاة والسلام: «والله لا يؤمن والله لا يؤمن والله لا يؤمن فقيل له: من هو يا رسول الله؟ فقال: الذي لا يأمن جاره بوائقه». أي شروره وأذاه.
مكاتب الدعوة تنفذ برامج خاصة وفق دراسة شاملة لكل جالية
تجمع العمالة الوافدة وسط سكن العائلات له انعكاسات سلبية
يمارس بعض العمالة سلوكيات مخالفة لعادات المجتمع
برنامج رياضي يتخلل بعض الأنشطة الدعوية