توج خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان - حفظه الله - زيارته الى جمهورية مصر العربية بالاعلان عن انشاء جسر بري يربط المملكة العربية السعودية بجمهورية مصر العربية بل يربط الدول العربية في قارة افريقيا بالدول العربية في قارة اسيا هذا الجسر له أهمية سياسية وتجارية ودينية وعسكرية وروحية.
حيث انقطع الوصل البري بين الدول العربية بعد ان أصدرت الجمعية العامة التابعة لهيئة الامم المتحدة القرار رقم ١٨١ بتاريخ ٢٩ نوفمبر من عام ١٩٤٧ميلادي بمواقفة ٣٣ دولة عضوا في الامم المتحدة واعتراض ١٤دولة وامتناع ١٠ دول عن التصويت ويتبنى هذا القرار خطة تقسيم فلسطين الى ثلاثة كيانات..
١) دولة عربية بمساحة ١١الف كيلو محصورة داخل الكيان الاسرائيلي.
٢) دولة يهودية تبلغ مساحتها ١٥ الف كيلو تمتد من شمال فلسطين الى جنوبه، قاطعة بذلك الوصل بين الدول العربية الآسيوية والدول العربية الافريقية.
٣) الكيان الأخير وهي الأماكن المقدسة الاسلامية والمسيحية وهي القدس وبيت لحم وتكون تحت الوصاية الدولية.
ولو رجعنا الى التاريخ وقبل تصنيف القارات لو جدنا ان التواصل الحضاري والتجاري بين مصر وبلاد الشام والجزيرة العربية منذ القدم، فقد انتقل ابراهيم عليه السلام من العراق الى مصر وتزوج من هاجر عليها السلام ثم نقلها وابنها اسماعيل عليهم السلام الى واد غير ذي زرع، وهي مكة المكرمة ومنذ ذلك الوقت لم ينقطع سكان القارة الافريقية من التواصل مع جزيرة العرب.
وقد بشر النبي - صلى الله عليه وسلم - بفتح مصر ودخول اهلها الى الاسلام فقد قال (إنكم ستفتحون مصر وهي ارض يسمى فيها القيراط فإذا فتحتموها فأحسنوا الى اهلها فان لهم ذمة ورحما).
وتحقق ذالك بالفتح الاسلامي العظيم على يد الصحابي الجليل عمرو بن العاص في عهد الخليفة الفاروق عمر بن الخطاب - رضي الله عنهما - وبذلك أصبحت مصر بوابة الوصل الرابط بين مسلمي افريقيا ومهبط الوحي.
اما في الماضي القريب او المتوسط فقد اشتهرت تجارة العقيلات، هذه التجارة التي شكلت خطا تجاريا يربط بين الجزيرة العربية ومصر، مرورا ببلاد الشام وعلى قلة الموارد والمنتجات في الجزيرة العربية، الآن تجارة العقيلات استطاعت ان تمد جسور الوصل بين أبناء الجزيرة العربية واخوانهم في بقية البلاد العربية، وخصوصا مصر حيث كانو يتاجرون بلابل والخيول والأغنام والسمن وغيره في المقابل يستوردون المنسوجات والسجاد والقهوة والشاي والسكر، وبعض المنتجات الزراعية التي لم تكن موجودة في ارض نجد واستمرت هذه التجارة حوالي ٤٠٠ سنة حتى أصبحت رمزا ومجدا وتاريخا يغني الحياة الثقافية لأهل الجزيرة العربية وبلاد القصيم، خصوصا حيث ان اغلب تجار العقيلات من رجال القصيم
الان هذه التجارة انقطعت بعد ان احتل اليهود ارض فلسطين وقطعوا الطريق على التجارة العربية بين اسيا وإفريقيا.
لا شك ان هذا الجسر سيعيد التواصل من جديد حيث يمكن ما يقارب ٤٠٠ مليون عربي متوزعين بين قارة اسيا وإفريقيا من التواصل بريا ومن خلال جسر الملك سلمان، ويستطيع ٥١٪ من سكان افريقيا اي حوالي ٦٠٠ مليون مسلم يقطنون هذه القارة السمراء من القدوم الى مكة للحج والعمرة عن طريق هذا الجسر، وهذا سيخلق حركة تجارية عظيمة وفرصة لا تعوض لإنشاء خدمات وحركة اقتصادية على الطريق الواصل بين افريقيا والبقاع المقدسة، وسوف يكون هذا الطريق اهم من طريق الحرير لايصال المنتجات والصناعات العربية والاسيوية الى الاسواق الافريقية كما سيسمح لمنتجات الدول العربية والافريقية من الوصول للاسواق الاسيوية والاوربية عن طريق البر.
وفي اعتقادي ان هذا الجسر اذا دعم بسكة حديد سيغير حركة التجارة على المستوى العالمي ويعيد الاهمية للجغرافيا العربية ويقلل من اهمية رأس الرجاء الصالح الذي فتح خطا تجاريا بين أوروبا وآسيا لنقل البضائع بعيدا عن ارض العرب.