عُدت زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- إلى تركيا لبنة أخرى قوية أخذت مكانها الدقيق والهام في بناء البيت العربي والإسلامي، فلتلك الزيارة أدوار كثيرة لا تتوقف عند حدود الارتقاء بالعلاقات السعودية التركية إلى أعلى مستوى وفق خطوات مدروسة وتفاصيل متعددة متفق عليها، بل تتخطى ذلك إلى كل ما من شأنه أن يعود بالصالح العام للدول العربية والإسلامية، وهذا ما أفصح عنه الرئيس التركي أردوغان أثناء حفل استقباله خادم الحرمين الشريفين؛ لأنه يعي تماماً حجم الدور الذي يضطلع به جلالته في المنطقة، ولهذا وصفه بأنه «صمام الأمان للمنطقة» هذا الوصف الذي أكدته كل الأحداث السابقة منذ أن هبت عاصفة الحزم وحتى اللحظة، فقد كانت الخطوات السياسية السعودية - التي تطلبت شن الحرب في اليمن ضد كل من يعرقل الشرعية اليمنية ويهدف إلى زعزعة الأمن في دول الجوار- تعمل من الداخل للداخل، ومن الداخل للخارج، وهو الأمر الذي جعل المواطن السعودي يزداد ثقة ويقيناً بأن أمره كله بين أيدٍ أمينة قيضها الله لتكون على رأس الهرم السعودي والخليجي والعربي، فقد خاضت بلادنا حرباً في الجنوب، وتعاضدت مع أشقائها العرب وغير العرب من المسلمين في الشمال لدرء خطر عظيم كان يحدق بالمنطقة لولا لطف الله ثم الحكمة وسداد الرأي، وقوة اتخاذ القرار في الوقت المناسب، ومن ثم شجاعة الإقدام التي يتمتع بها حماة هذا الوطن. وهو الأمر الذي استشعره المواطن السعودي بالدرجة الأولى ومن ثم المواطن الخليجي الذي شاركت دوله على الجبهة الجنوبية بأبنائها وعدتها وعتادها. وقد تناول الإعلام العالمي ذلك القرار الحاسم الحازم في كثير من المقالات والتحليلات السياسية التي اتفق معظمها على قوته وجرأته وأحقيتنا فيه وما تبعه من تداعيات، وتدريجيا بدأت ثماره تلوح في الأفق وبدأ العدو يتراجع مذموما مدحورا، فقد اهتزت قواعده وبالتالي اهتزت تصريحاته وارتبك أذنابه، ناهيك عن بعض المناوشات الصبيانية التي تسفر عن غياب الحكمة في تصرفاته أو تصريحاته حتى عاد يتحدث عن الحوار الذي كان لا يعبأ به لأنه ظل يمارس أفعاله الشيطانية متخفيا خلف أعوانه تارة، وظاهراً معلناً عن نفسه تارة أخرى. الحوار الذي طالما أصمت إيران اذانها عن كل الأصوات التي تنادي به كما نادت بالتعقل وعدم التدخل في شؤون الدول الأخرى ومع هذا ظلت توجه الضربات الداخلية هنا وهناك في استعراض أحمق لقوى الشر التي تملكها ضاربة عرض الحائط بحقوق الجوار الدولي من أجل مشروعها التمددي الأهوج. عادت إيران تدعو لتسوية الخلافات سلميا!! وتمعن في الكذب وهو عادة لها ولكل أتباعها حين ادعت بأن الطريق الوحيد لحل الأزمة في اليمن يتمثل في الحوار، كما ادعت من قبل أنها تسعى لعلاقات طيبة ووطيدة مع جيرانها!! وكل هذا يتناقض مع السياسة الإيرانية التي زرعت فتيل الشر الطائفي في الخفاء وتدعي أنها ضده في العلن، وفي خضم كل تلك الأحداث ما قبل عاصفة الحزم وبعدها.. كانت أعناق الشعب السعودي والخليجي تشرئب فخرا وعزا وباحساس متزايد بنعمة الأمن والرخاء التي يعيشونها في الوقت الذي يقف فيها جنودهم البواسل على الحد الجنوبي من أجل المزيد من الأمن والطمأنينة بعد أن قطعت يد الشر واختلطت أوراقه. إن مشاعر الفخر والاعتزاز بالموقف السعودي تجاه اليد الإيرانية في اليمن زادت من التفافنا حول قيادتنا، وزادتنا ثقة بكل خطوة يخطونها، وزادتنا تشرفا بانتمائنا إلى هذه الأرض الطيبة المعطاء التي تمد يدها بالخير فقط إلا في حال محاولة النيل منها. ولهذا رددنا جميعاً مقولة الراحل سعود الفيصل -رحمه الله- (نحن لسنا دعاة حرب ولكن إن قرعت طبولها فنحن جاهزون لها) وهكذا كان. قرعت طبول الحرب فكنا على أتم الاستعداد لها حفاظا على حقنا في الدفاع عن أرضنا وعن أمننا وعن كل تفاصيل حياتنا الصغيرة التي ظللنا نمارسها يوميا دون خوف في الوقت الذي تخوض فيه بلادنا الحرب. ومن هنا استشعر كل مواطن سعودي قيمة الحكمة السلمانية التي هبت منها عاصفة الحزم على الخطر المحيط بنا. فلا عجب إذاً أن يكون هو صمام الأمان الذي أغلق بإحكام ضد الخطر الإيراني في المنطقة. وأن يثمن الإخوة العرب والمسلمون هذا الدور العظيم الذي قام به خادم الحرمين الشريفين.