DAMMAM
الخميس
34°C
weather-icon
الجمعة
icon-weather
34°C
السبت
icon-weather
37°C
الأحد
icon-weather
33°C
الاثنين
icon-weather
34°C
الثلاثاء
icon-weather
36°C

رؤساء إدارات البحوث الاستخباراتية العسكرية الرئيسة الأربع

رؤساء دوائر الاستخبارات الإسرائيلية يرصدون أكبر التحديات في منطقة الشرق الأوسط

رؤساء إدارات البحوث الاستخباراتية العسكرية الرئيسة الأربع
رؤساء إدارات البحوث الاستخباراتية العسكرية الرئيسة الأربع
أخبار متعلقة
 
تعد الأنفاق في قطاع غزة وموجة الإرهاب في جميع أنحاء الضفة الغربية وهجمات «داعش» في سيناء والحرب السورية الأهلية والتحسن في الترسانة العسكرية لـ «حزب الله» ومستقبل البرنامج النووي الإيراني واستقرار الأنظمة في مصر والأردن مجرد غيض من فيض التحديات التي تواجه منطقة الشرق الأوسط، ومن ضمنها إسرائيل، ويُعد القاسم المشترك الوحيد لهذه التحديات هو طبيعتها غير المؤكدة. قبل عطلة عيد الفصح، نقلت صحيفة «إسرائيل هايوم» العبرية عن رؤساء أقسام البحث والتحليل الأربعة في سلاح الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية - وهي وحدة الاستخبارات الفلسطينية ووحدة لبنان ووحدة القوى الإقليمية والعالمية ووحدة شمال شرق التي تشرف على سوريا والعراق وإيران- لمحة حصرية حول التهديدات والاحتمالات المتعلقة بالتوترات الديناميكية الحالية في الشرق الأوسط. كانت الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية تتكون في الماضي من العديد من أقسام البحث، لكن أدت التوترات الإقليمية -التي تفاقمت بسبب الفضاء الإلكتروني المتغير باستمرار وقيود الميزانية- إلى ظهور أربع وحدات تُعنى بدراسات الإرهاب، فضلا عن وحدة أخرى لتوفير الدعم الفني لها، وكلها تعمل معا بشكل أساس على مراقبة العالم بأسره. قطاع غزة : الردع المتقلب من الناحية التاريخية، لم يتمتع قطاع غزة بالهدوء أبدا، ولاتزال «حماس» تسعى لتكثيف جهود التسليح باطراد، وهو ما تجسد بوضوح في النفق الذي اكتُشف مؤخرا تحت الحدود بين إسرائيل وقطاع غزة، حتى لو كانت الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية تعتقد أن هذا الممر قديم وحُفر قبل عملية «الجرف الصامد» في عام 2014، ومن الناحية الاستراتيجية، تشعر «حماس» بأزمة. فقد تنكرت مصر لها وترى أنها ليست أفضل حالا الآن من «داعش» ولدى السعودية والرعاة العرب الآخرون مسائل أخرى أكثر إلحاحا تتطلب التمويل. ولاتزال إيران هي الداعم الرئيس لحركة «حماس» لكن هناك ثمن للمال والسلاح الذي تعطيه طهران، حيث إنها تضغط على حكام غزة للاختيار بين إيران الشيعية، وسوريا السنية. ولاتزال إمدادات السلاح إلى القطاع معقدة، مع تضييق مصر الخناق على طرق التهريب، وهو ما يجعل «حماس» أكثر عزلة من أي وقت مضى. وبينما لا يختلف الوضع الحالي في غزة كثيرا عن الظروف التي سبقت عملية «الجرف الصامد» لاتزال «حماس» تحت مظلة الردع ولا تسعى إلى اثارة التصعيد الأمني، ولا تنبع هذه السياسة من العزلة الاستراتيجية فحسب، وإنما من قلق الشعب الفلسطيني في الغالب، فعليهم الآن تحمل زيادة معدلات البطالة وثماني ساعات من انقطاع الكهرباء يوميا بسبب أزمة الكهرباء في القطاع، ما يجعل من الصعب على «حماس» حشد التأييد لجولة جديدة من الأعمال العدائية. ورغم عزلة «حماس» إلا أنها قادرة على الحفاظ على ازدهار صناعة الأسلحة، وفي الوقت الذي كانت تعتمد على الأسلحة التي يتم تهريبها إلى قطاع غزة، تقوم «حماس» الآن بتصنيع معظم أسلحتها الخاصة محليا، باستخدام خبرتها المعرفية وموادها المحلية، وهي أسلحة من الفئة غير المتميزة. وتبقى الديناميات الداخلية لحركة «حماس» معقدة، حيث تحاول الفروع السياسية والعسكرية في غزة الوصول إلى التوازن في مواجهة الزعيم السياسي خالد مشعل الذي يتخذ من قطر مقرا له. وأحدث العناصر الصاعدة في صفوف «حماس» يحيى السنوار 54 عاما الذي قضى 22 عاما في سجن إسرائيلي بتهمة قتل فلسطينيين عام 1988 للاشتباه في تعاونهم مع إسرائيل، وأُفرج عنه في عام 2011 كجزء من صفقة تبادل الأسرى التي ضمنت إطلاق سراح الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط. وترى الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية أن هناك ثلاثة سيناريوهات يمكنها أن تؤدي إلى تغيير في الوضع داخل غزة هي: حدوث تحول في سياسة «حماس»، وصدور قرار من «كتائب عز الدين القسام» يقضي بالتحريض على العنف على نطاق واسع، واستمرار التصعيد. ينطوي السيناريو الأول على بلوغ «حماس» أقصى الحدود من حيث العزلة السياسية والأزمة الاقتصادية في غزة، ما قد يدفعها نحو الرغبة في تحقيق إنجاز ما ضد إسرائيل، على الأرجح في شكل عمليات اختطاف. ورغم ذلك، تشير التقديرات الاستخبارية الإسرائيلية إلى ضعف احتمالات لجوء «حماس» إلى هذا السيناريو كمسار عمل مفضل. أما السيناريو الثاني، الذي يُعتقد أيضا أنه غير محتمل، فينطوي على قيام حركة «حماس» بشن ضربة استباقية ضد إسرائيل. وقد يحدث هذا إذا رأت «حماس» على سبيل المثال، أن إسرائيل تمتلك القدرة الآن على القضاء التام على شبكتها من الأنفاق الإرهابية التي تُعد ميزة استراتيجية كبيرة قد تقرر استخدامها قبل أن تضيع. وينطوي السيناريو الثالث الذي يُعد الأكثر إثارة للقلق على رؤية الديناميات المألوفة للتوترات الأمنية المتصاعدة وهي تتحول إلى صراع شامل. إن حقيقة أن «حماس» لا تبالي بالدخول حاليا في صراع مع إسرائيل، أو على وجه الدقة، تفضل اختيار الصراع كسيناريو في هذا التوقيت، لا يعني أن حكام غزة ليسوا على استعداد لذلك. فحركة «حماس» قادرة حتى الآن على ترتيب وتنفيذ غارات ضد البلدات الإسرائيلية المحاذية للشريط الحدودي، فضلا عن إطلاق صواريخ وتنفيذ هجمات إرهابية. ومن المرجح أن «حماس» ترى أن أي هجوم الآن من شأنه أن يشعل حربها المقبلة مع إسرائيل. وسيكون هذا بمثابة مناورة جريئة جدا، وكبيرة جدا، وسيترك هذا الهجوم بصمته، بغض النظر عن نتائج القتال الذي سيعقب ذلك، وهذه هي القوة الدافعة وراء مشروعات أنفاقها الهجومية والدفاعية. الضفة الغربية: السعي بقوة نحو القيادة من المستحيل تجاهل التراجع الكبير في عدد الهجمات الإرهابية في الضفة الغربية في الأسابيع الأخيرة، وهذا لا يمثل -بالضرورة- نهاية طوفان العنف، وإنما آثار عمليات الجيش الإسرائيلي في القطاع جنبا إلى جنب مع العناصر الأخرى. يجب أن نتذكر أنها كانت موجة عفوية بالأساس، وأنها قد تندلع من جديد في أي وقت. هذا هو السبب حتى الذي يجعل الفلسطينيين يصفون أحداث الأشهر الأخيرة بأنها «فورة» بدلا من انتفاضة، فعادة ما تكون الانتفاضة أكثر تنظيما. وفيما يتعلق بتوقع مستقبل جمع المعلومات الاستخبارية، يظل الشباب الفلسطيني هو الورقة الرابحة. لم يعد هذا الجيل جيلا فاتر الشعور، وإنما صار جيلا من المتمردين ضد كل شيء بما في ذلك السلطة الفلسطينية وإسرائيل وآبائهم والمنظمات الفلسطينية الكبيرة، ما يجعل من الصعب جدا فهم توجهاتهم، ومع ذلك، فإن الإحصاءات المتوافرة بسيطة. لقد اختار غالبية الفلسطينيين الخروج من دوامة العنف، لذلك تركز التقييمات الاستخبارية الإسرائيلية على الشباب، بدلا من الجمهور الفلسطيني ككل. بمعنى أوسع، فإن الموجة الحالية من الإرهاب سوف تحد من الترتيب المنهجي الذي ميز الضفة الغربية منذ عام 2007، عندما استولت «حماس» على قطاع غزة بعنف وطردت منه رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس. قام النظام في رام الله بتنصيب عباس كزعيم وحيد قوي، حيث تُعد حركة «فتح» التي يرأسها جزءا من الحكومة. وأدى هذا إلى تقويض البنية التحتية لحماس عبر الضفة الغربية، وحافظ في معظمه على وضع الإحباط الفلسطيني تحت السيطرة. لكن يعاني النسيج -الذي تمت حياكته بعناية لنظام عباس- الاهتراء. فمع عدم وجود خليفة واضح، يفكر الفلسطينيون في مرحلة ما بعد عباس، ومن شبه المؤكد أن تنشأ معركة معقدة حول خلافته، حسب تقديرات الاستخبارات الإسرائيلية. وفي الوقت الذي يتصارع عدة أشخاص على الرئاسة الفلسطينية، قد تحاول «حماس» اغتنام الفرصة الاستراتيجية التي ستنشأ عن فراغ السلطة وتسيطر على الضفة الغربية. تدرك «حماس» الانحسار المتزايد لأعمال العنف ولا ترغب في شيء أكثر من الدفع نحو تصعيد من شأنه جر إسرائيل إلى عملية واسعة النطاق في الضفة الغربية. تعتبر الأعياد بمثابة أوقات متقلبة على الدوام، حيث يتم تسليط الضوء على المواقع الدينية، مثل جبل الهيكل، إلى جانب عدد كبير من المدنيين الذين يجولون في المواقع، ما يجعلهم هدفا سهلا للإرهاب. وينبع مصدر القلق الرئيس من أن أي تصعيد سيجبر قوات الأمن الفلسطينية والجناح العسكري لحركة «فتح» على التحول ضد إسرائيل، بما يؤدي إلى التحريض على إحداث تغيير جوهري على الأرض. وبرغم ضآلة الاحتمالات المؤدية لذلك طالما بقي النظام السياسي الفلسطيني في الضفة الغربية مستقرا، من الممكن أن تؤدي أي فورة متجددة للإرهاب أو خلافة عباس إلى معارك تقوض هذا التوازن الحساس، بما يعطي استمرار التعاون الأمني بين إسرائيل والفلسطينيين أولوية قصوى لكلا الجانبين. يعوض التعاون الأمني عن غياب عملية السلام إلى حد كبير، لا يعارض عباس العنف لأنه يخاف من منظر الدماء، لكن لأنه يدرك أن أسلوب العنف يصب في مصلحة إسرائيل. وينتهج الزعيم الفلسطيني استراتيجية مختلفة تركز على تقويض إسرائيل على الساحة الدولية. ربما لم يعد عباس يعتقد أنه قادر على الوفاء بوعده لإعلان دولة فلسطينية مستقلة، لكنه يؤمن بأن تصاعد الضغوط الدولية على إسرائيل يمكن أن يؤتي بنتائج مثمرة، ما يجعل الصراع مكلفا للغاية بالنسبة لإسرائيل بدرجة لا تساعدها على البقاء، فتلجأ إلى حل وسط. سوريا: ضوء في نهاية النفق أدت الجهود الدولية لإنهاء القتال في سوريا إلى تغيير في تقييم المخابرات الإسرائيلية فيما يتعلق بالجارة التي مزقتها الحرب في الشمال. لقد ولى زمن التوقعات التي تشير إلى حرب طويلة الأجل لا يتوافر لها حل في الأفق، وباتت هناك فرص ملموسة للتوصل إلى اتفاق دبلوماسي من شأنه إنهاء القتال بطريقة تجعل سوريا دولة قادرة على العمل من جديد. ورغم ذلك، من المتوقع أن تستغرق هذه الخطوة شهورا، إن لم يكن سنوات، وستعتمد على متغيرات متعددة، ومن غير الواضح ما إذا كانت سوريا سوف تنقسم إلى اتحادات عرقية أو كيانات مستقلة. ومن غير الواضح أيضا من الذي سيسيطر عليها. وكما هو الحال في السلطة الفلسطينية إلى حد كبير، لا يوجد خليفة واضح للرئيس السوري بشار الأسد، وعلى الأرجح سيحل محله ائتلاف من الأطراف المعنية الذي سيشمل للمرة الأولى طوائف أخرى غير العلويين. وسيتوجب على أي ترتيبات في سوريا أن تشمل روسيا كحارس لمصالح العلويين والإيرانيين و«حزب الله»، ومصالحها هي نفسها. تسعى روسيا للحفاظ على وجودها العسكري في منطقة الشرق الأوسط، والحفاظ على مكانتها الدولية في مواجهة الولايات المتحدة، والحفاظ على مصالحها الاقتصادية في المنطقة، فضلا عن منع الإسلاميين الإرهابيين من شق طريقهم نحو الأراضي الروسية. اكتسب جيش الأسد بعض الأراضي في الآونة الأخيرة، لكنه مازال يعتمد بشكل كبير على المساعدات الروسية والإيرانية. ويوجد حاليا أكثر من 10 آلاف مقاتل من الميليشيات الشيعية التي تقاتل إلى جانب الجيش السوري، فضلا عن حوالي 1500 من الجنود الإيرانيين، وآلاف من عناصر «حزب الله»، وعددا لا بأس به من القوات الروسية، كما تدير روسيا بعض المعارك، معظمها ضد «داعش». وقد أدت العمليات الأمريكية والروسية إلى تقليص النطاق الجغرافي لتنظيم «داعش»، ووجهت ضربات منهِكة إلى البنية التحتية المالية للجماعة الجهادية، وهو ما خفف دعاية «داعش» التي لا تُقهر وقلص من معدلات تجنيدها لمقاتلين جدد، ويجاهد تنظيم «داعش» للحفاظ على زخمه، وجاء هذا الضغط على الأرجح بسبب هجماته الإرهابية الأخيرة في أوروبا. وحسب الاستخبارات الإسرائيلية، لا توجد معلومات واضحة تؤكد أن «داعش» لديها خطط تجاه أهداف إسرائيلية أو يهودية في هذا الوقت، وليس من المحتمل أيضا أن تعطي تكليفات ل «جبهة النصرة» وكيلها في سوريا، بمهاجمة إسرائيل. ولا يرجع ذلك لافتقارها إلى القدرة التنفيذية، ولكن لأن لديها أولويات أكثر إلحاحا، بمعنى أكثر تحديدا السيطرة على أراضي جديدة في سوريا. إن الخسائر التي عانى منها تنظيم «داعش» في سوريا تمهد الطريق لاحتمالات ملموسة بإمكانية هزيمته بدون قوات برية، ومن المرجح أن تجد الجماعة صعوبة في استعادة السيطرة على المناطق التي تحررت، وكلما خضعت لمزيد من الحصار، زادت احتمالات التوصل إلى اتفاق من شأنه أن ينهي القتال في سوريا. هناك تغيير آخر بات واضحا الآن، حسب دوائر الاتسخبارات الإسرائيلية، وهو أن «داعش» على ما يبدو لن تتمكن من اجتياح سوريا. كما أن إيران لا تستطيع تشديد قبضتها عليها أيضا. وقد لا يبدو الطموح الإسرائيلي لتخليص سوريا من النفوذ الإيراني واقعيا، لكن أي اتفاق مستقبلي سيتضمن طلب إسرائيلي الحد من وصول الأسلحة الإيرانية إلى «حزب الله» عبر سوريا، وتأخير إعادة تأهيل الجيش السوري قدر الإمكان حيث حافظ على توجيه ضربات كبيرة خلال السنوات الخمس الأخيرة من الحرب الأهلية، ووضع آلية تضمن هدوء الأوضاع في هضبة الجولان. لبنان: «حزب الله» محاولة للإنقاذ ألحقت الحرب الأهلية السورية خسائر فادحة بـ«حزب الله»، حيث لقي أكثر من 1300 من عملائه حتفهم وأصيب ما يقرب من 10 آلاف مقاتل خلال قتالهم في صفوف قوات الأسد. ومع ذلك، لا يزال يتم استثمار الجماعة الإرهابية الشيعية بكثافة في الحرب، وهناك 7 آلاف من عناصرها يقاتلون المتمردين حاليا ويهزمونهم. ووفقا لدوائر الاستخبارات الإسرائيلية، فقد وضع الصراع السوري «حزب الله» على الجانب «الصحيح» من الأحداث لأول مرة، حيث يحاول الحزب الدفاع عن لبنان بحق. وبينما اكتسب التنظيم خبرة تنفيذية كبيرة خلال هذا الصراع، فإنه وضع قيدا ماليا حول عنقه عندما خفضت إيران تمويلها بنحو حوالي 15% نظرا لمواجهة طهران أزمتها المالية الخاصة. ومع ذلك، يستعد «حزب الله» بِجِدٍ للاشتباك المقبل مع إسرائيل، ويستثمر موارد ضخمة في الحصول على صواريخ بعيدة المدى يمكنها نشر الفوضى في إسرائيل وتوليد مستوى من الردع. خلال عشر سنوات من حرب لبنان الثانية، صار «حزب الله» تنظيما أكبر وأقوى، وبعد سنوات من ممارسة ضبط النفس إزاء مجموعة متنوعة من العمليات المنسوبة إلى إسرائيل، يبدي «حزب الله» استعداده للرد إذا تعرض لضربة يعتبرها مضرة لممتلكاته أو هيبته. و«حزب الله» على استعداد للتغاضي عن بعض الضربات شريطة الحفاظ على ماء الوجه، لكنه مستعد لمخاطر التصعيد إذا وجد أن سمعته على المحك. يتردد «حزب الله» في إشعال فتيل المواجهة الفعلية مع إسرائيل، ويؤكد أن أي رد سيكون ضمن «قواعد اللعبة» المقبولة، بمعنى أن الانتقام سيكون ضد أهداف عسكرية ومعظمها في قطاع مزارع شبعا. ومع ذلك، لا يزال هناك قلق من أن أي سلسلة من الضربات المتبادلة ستولد نوعا من التصعيد الذي يمكن أن يخرج بسهولة خارج نطاق السيطرة. في الوقت نفسه، فإن التعاون الطويل للجماعة الإرهابية الشيعية مع إيران بشأن الهجمات ضد الأهداف الإسرائيلية واليهودية في الخارج آخذ في الانخفاض. يسعى «حزب الله» إلى ترسيخ نفسه كجزء شرعي من المجال السياسي في لبنان، ولديه قلق من أن تؤدي هجماته الشاملة إلى دفع المجتمع الدولي لوصفه بما يصف به تنظيم «داعش». إيران: تهديد ثابت منذ وقعت إيران والغرب على اتفاقهما النووي في يوليو الماضي، لم يتوافر لدى المخابرات الإسرائيلية ما يشير إلى أن طهران قد انتهكت الاتفاق بشكل علني، ولكن من الواضح أن الإيرانيين يلعبون بهذا الاحتمال ويمشون على الخط الرفيع بين ما يمكنهم وما لا يمكنهم القيام به. ورغم ذلك، تغير شيء ما بشكل واضح: لقد رحب المجتمع الدولي بإيران مرة أخرى، ومن غير المرجح أنها ستخاطر بالفوائد التي اكتشفتها حديثا في المستقبل القريب. ويعمل هذا التحدي على دفع المخابرات الإسرائيلية نحو التركيز على تحديد متى وأين وكيف يمكن لإيران انتهاك الاتفاق، حتى لا يُفاجأ المسؤولون بذلك على حين غرة. إن القلق الإسرائيلي يتجاوز طموحات إيران النووية، حيث أن اتفاقها مع الغرب لم ينل من التمويل الإيراني الهائل للإرهاب العالمي. لقد أدى الاتفاق النووي والحرب على «داعش» إلى إدخال إيران في دائرة «الأخيار» بشكل مباشر، وهو ما يجعلها تشكل تهديدا متزايدا، وإن كان غير مباشر، لدولة إسرائيل. مصر: الأمر يتعلق بالاقتصاد حسب تقدير الاستخبارات الإسرائيلية، يعد الاقتصاد هو التحدي الرئيس الذي تواجهه مصر اليوم. ويبذل الرئيس عبدالفتاح السيسي جهودا كبيرة لتحسين الاقتصاد وتعزيز نظامه، لذا يُعتقد أن عوامل الاستقرار تفوق عوامل زعزته، ومع ذلك، شهدت مصر ثورتين في فترة قصيرة جدا من الزمن، وقد يفقد الجمهور المصري صبره في أي وقت. من الناحية المالية، تعتمد مصر في الغالب على المملكة العربية السعودية. ونظرا لخيبة الأمل التي أصابت مصر من سياسات واشنطن، غازلت القاهرة موسكو وباريس في إطار بحثها عن حلفاء دبلوماسيين وعسكريين جدد. وعلى الرغم من هذه الاتجاهات، لم تغير مصر استراتيجيتها بالكامل، وأي تغيير في الإدارة الأمريكية قد يجعل مصر تحول انتباهها إلى حليفها المخضرم مرة أخرى. تنظر إسرائيل إلى مصر كشريك تتقاسم معه الكثير من المصالح، بما يضمن الاستقرار الإقليمي في المقام الأول. يواجه البلدان تهديدا وشيكا من «حماس» في غزة ووكيل «داعش» في سيناء الذي يبدي تحديه للنظام المصري حيث عملت موجات العنف التي ينشرها في جميع أنحاء شبه الجزيرة الصحراوية إلى توجيه ضربات ثابتة لصناعة السياحة المصرية. ويُعتقد أن الوكيل الجهادي، الذي أصبح يعرف باسم «ولاية سيناء»، يتكون من 500 إلى 1000 من العناصر المسلحة تسليحا جيدا. وتعتمد الجماعة في الغالب على طرق التهريب الليبية للحصول على السلاح بشكل ثابت، وتؤدي الخبرة القتالية المتزايدة لعناصرها إلى إكسابهم الجرأة الكافية لتنفيذ هجمات معقدة من الناحية اللوجستية، مثل إسقاط الطائرة الروسية في 31 أكتوبر، التي أسفرت عن مقتل 224 شخصا. عندما ظهرت هذه الجماعة باسم «أنصار بيت المقدس»، هاجمت إسرائيل عدة مرات، وقامت بإطلاق صواريخ على بلدة إيلات الجنوبية، وكانت وراء هجوم عبر الحدود في أغسطس 2011 على الطريق السريع 12، الذي قُتل فيه ثمانية إسرائيليين. وبينما تركز الجماعة حاليا على ضرب القوات المصرية، فإن إسرائيل هي خطوتها التالية. وهناك أيضا قلق ملموس بأنه مع وقوع «داعش» تحت ضغط متصاعد في العراق وسوريا، ستضع «ولاية سيناء» أنظارها على أهداف جديدة، إقليميا وعالميا. وفي ظل هذه الظروف، سيُعتبر أي هجوم ضد إسرائيل إنجازا كبيرا، ويعتبر هذا أحد الأسباب التي لا تزال تجعل الجيش الإسرائيلي في حالة تأهب قصوى على الحدود بين إسرائيل ومصر. ويستثمر الجيش المصري موارد كبيرة في جهوده للقضاء على وجود «داعش» في سيناء، لكن بنجاح محدود حتى الآن. ينبع هذا من حقيقة تراجع أهمية أي شيء لا يشكل خطورة مباشرة على القاهرة، وحقيقة سوء تجهيز الجيش المصري عندما يتعلق الأمر بمكافحة الإرهاب. وهذا ضمن الأسباب التي جعلت إسرائيل تسمح لمصر بالدفع بقوات إضافية إلى سيناء في إطار التعامل بمرونة مع المواد الرئيسة في معاهدة السلام بين إسرائيل ومصر. المملكة العربية السعودية والأردن وتركيا: الأمل في الاستقرار ترى دوائر الاستخبارات الإسرائيلية أن العالم ينقسم بالنسبة للسعودية حاليا إلى قسمين: فريق يفضل إيران وآخرين يعارضونهم، وفي هذا الصدد، فإن كل من يحاول تقويض إيران، بما في ذلك إسرائيل، يُعد حليفا محتملا للسعوديين. يتبع الملك سلمان، بدعم من ابنه ووزير الدفاع ولي ولي العهد الأمير محمد، نهجا فعالا وضع المملكة العربية السعودية كزعيم بلا منازع للعالم العربي السني. وقد أدت هذه السياسة بالسعوديين إلى العمل في جميع أنحاء المنطقة، فهي تساعد مصر، وتُضعف «حزب الله» في لبنان، وتشارك بوكلاء في الحرب الأهلية السورية، وتواجه إيران بقدر الإمكان، خصوصا عن طريق تخفيض أسعار النفط لعرقلة إعادة التأهيل الاقتصادي الإيراني. وهذا يضع إسرائيل «مع» السعوديين و«ضدهم»: فهي معهم ضد إيران، ولكنها تقف ضدهم عندما يتعلق الأمر بالصراع الفلسطيني. ويجب أن تهتم الرياض بهذه النقطة، لكن لا يوجد شك في أن التقدم على الجبهة الفلسطينية سيخلق احتمالات إقليمية غير مسبوقة لإسرائيل. ويكمن القلق الرئيس للأردن في أن تجد «داعش» لنفسها موطئ قدم في المملكة، حتى لو كانت قوات الأمن الأردنية قادرة على إبعاد عناصر التنظيم حتى الآن. كما تواجه الأردن مشكلات اقتصادية كبرى، ولكن نظام الملك عبد الله مستقر، لذلك لا يوجد أي تهديد فوري لإسرائيل من جهة الشرق في هذا الوقت. تعرضت تركيا، من جانبها، لتغييرات كبيرة خلال السنوات القليلة الماضية، وتحولت من دولة خالية من الصراعات إلى دولة على خلاف مع كل جيرانها. وهذا ما يفسر الجهود التي يبذلها الرئيس رجب طيب أردوغان لتوثيق العلاقات مع المملكة العربية السعودية وإسرائيل، حيث إنه بحاجة إلى حلفاء جدد. لا يزال أردوغان، بسحب تقديرات الاستخبارات الإسرائيلية، مستمرا في توسيع سيطرته داخليا بينما يظل تنظيم «داعش» والأكراد مصادر ثابتة للقلق. وتجد تركيا صعوبة في محاربة الأكراد على نحو فعال، ويرجع ذلك أساسا إلى الدعم الأمريكي للمتمردين الأكراد الذين يشكلون الجزء الأكبر من القوات البرية المدعومة من الولايات المتحدة لمكافحة داعش. يسعى أردوغان إلى التخفيف من حدة لهجته والظهور بمظهر «الصديق» لأوروبا وإسرائيل. وكلما طال أمد الحرب الأهلية في سوريا، وزادت نتائجها العكسية على تركيا، صارت أنقرة أكثر مرونة. «ولكن يجب أن لا نخطئ، حيث لم يغير أردوغان مواقفه وأي خطوة يُقدم عليها ترتبط بمصالحه الذاتية، لذلك يجب النظر إلى تحركاته بعين الشك» على حد قول دوائر الاستخبارات الإسرائيلية.