في خضم الصراع القائم بين الحق والباطل، وبين الحق وأنواع الحق، والباطل والباطل؛ ذلك الصراع الذي تسبب في إدخال العقول في متاهة جعلت كثيرا من الناس لا يدرون أي الطرق يتبع؟ فيسألون هذا وذاك، ولكنهم للأسف لا يتوقفون ليسألوا كتاب الله الذي سيجدون فيه كل الإجابات الشافية الوافية على كل ما يعترض حياتهم، ولهذا يزداد التخبط وتتسع المتاهة والتيه. وفي خضم البرامج الهزيلة الفارغة من كل قيمة ومعنى وغيرها مما يعرض على شاشة التلفزيون جاء برنامج (حديث الروح) للمستشار محمد الدحيم ليضيف نكهة خاصة ومميزة للبرامج التلفزيونية المكررة والمتشابهة. هذا البرنامج سيفتح آفاقا جديدة لكثير من التائهين. قد يبدو ما يقوله غريباً وصعباً على قوافل التائهين الذين يتابعون بأعداد مليونية - في مواقع التواصل الاجتماعي - أولئك الذين يغلفون الباطل بالحق ويساهمون في اشعال مستصغر الشرر ليتركوا للجهلة فيما بعد الإمساك بالشرارة التي يشعلون منها نارا كبيرة تحرق كل من يقترب منها. أما حساب محمد الدحيم فلم يصل عدد متابعيه إلى مئة ألف متابع فقط لأنه يقول قولاً جديداً على كثير من الناس لا تكرار فيه ولا عنعنة ولهذا فرحت بهذا البرنامج آملة أن يعالج شيئا من الخلل الذي اعترى مسارات الناس في علاقتهم بالله ثم بالذات وبالآخرين، فالأسلوب والفكر الذي سينتشر من هذا البرنامج هو فكر ينشر الجمال والنور والحب الذي يفترض أن تكون نفوس المسلمين عامرة بها، لأنها مستمدة من القرآن ومما يحبه الله لنا ومنا في التعاملات كلها مع الأحياء والجمادات.
نحن اليوم بأمس الحاجة لتحسين وتقويم كل ما اعوج من سلوكياتنا وقبلها أفكارنا وقناعاتنا المتوارثة على فسادها والتي يتصل بعضها بالدين الذي شوّه بسبب تلك الأفكار، ويمس بعض آخر منها العلاقات الإنسانية عامها وخاصها، ومثال ذلك: «الاستخفاف بأديان الناس وثقافاتهم وكل ما يتصل بها وبهم يعكس الجهل الواضح و الشائع الذي يصدر من الذين لا يعلمون ولا يبحثون في الأديان وعنها، وهم الذين يستخفون بها ويقولون عن أهلها (ليسوا على شيء) وها نحن مثلهم نقول قولهم فنحتمل إثم التقول. قال تعالى:(وقالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى تلك أمانيهم قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين بلى من أسلم وجهه لله وهو محسن فله أجره عند ربه ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون، وقالت اليهود ليست النصارى على شيء وقالت النصارى ليست اليهود على شيء وهم يتلون الكتاب كذلك قال الذين لا يعلمون مثل قولهم فالله يحكم بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون) فهل فطنا إلى ذلك الصنف الثالث (الذين لا يعلمون) آية تحتاج إلى وقفات متدبرة.
إن الحديث هنا عن الأديان فما بالكم في المذاهب والفرق والآراء المتضاربة والفتاوى المبعثرة التي زادت الطين بلة وأصبح القتل هو الدواء الذي يسعى خلفه كل منحرف ومن لا يستطيع فإنه يسلط لسانه بالدعوات المؤذية والأقوال المنحرفة شتما وقبحا لا وتكفيرا وكل منهم يجزم بصحة ما يقول دون أن يلتفت لما قاله رب العباد قوله الذي يشع بالحقيقة الإلهية العظمى (إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولاهم يحزنون). لن أفسر الآية ولكني سأدعها لكم لتتأملوا وتتدبروا هذه المعاني العظيمة من لدن الرحمن الرحيم الذي أراد لنا حياة نتعايش فيها ولا نتقاتل بسلاح أو لسان؛ حياة يجملها التآخي والتعاون والإخلاص والأمانة وقيم أخرى جميلة بجمال وجلال وعظمة الله عز وجل وكتابه الكريم.