اذا اريد للعراق ان ينفك من قبضة ايران لابد من تكثيف الدعم الغربي الى بغداد فالمليشيات التي تلقى الاشادة والتأييد لما تحققه من انتصارات في مواجهة نظام داعش تقف وراءها ايران ويقودها رجل ولاؤه لايران وتدريبه تم على يديها. جمال جعفر ابراهيم الرجل الذي يتمتع بنفوذ في قيادة المليشيات الشيعية وسبق ان نجا من حكم بالاعدام في الكويت حيث كان متهما بالتورط في التخطيط لتفجير سفارتي الولايات المتحدة وفرنسا يعرف حاليا في قيادة المليشيات الشعبية وهي جيش مواز للجيش الوطني اغلبيته المسيطرة من الشيعة باسم ابومهدي ويلقب بالمهندس. ملأت هذه المليشيات الفراغ الذي خلفه انهيار الجيش العراقي النظامي وفشل الولايات المتحدة في اعادة بنائه. هي حاليا في المقدمة ضمن حملة استعادة الفلوجة من مليشيا تنظيم داعش. وقد اتهمها الجيش العراقي الاسبوع الماضي بارتكاب عمليات وحشية داخل المدينة فيما كانت السلطات تسعى لاجلاء او حماية المواطنين الذين يستخدمهم تنظيم داعش دروعا بشرية.
ايا كانت نتيجة المعركة من اجل الفلوجة فإن شيئا واحدا قد تأكد وهو ان سكان تلك المدينة تعرضوا لمعاناة مؤلمة تحت حكم تنظيم داعش في العراق ومنطقة الشام. هناك من مات جوعا وآخرون قتلوا بوحشية بعد ان رفضوا القتال الى جانب المليشيات ولقي البعض حتفهم بين الالغام ونيران القناصة اثناء محاولتهم مغادرة المدينة.
الهجوم على الفلوجة مدعوم من ايران التي تبحث عن توسيع نفوذها في العراق من خلال شيعة العراق. حكومة حيدر العبادي ينبغي ان تحصل على المزيد من دعم القوى الغربية لمساعدته في مقاومة نفوذ طهران. لان انتصار المليشيات في الفلوجة على تنظيم داعش نتيجته ببساطة تفاقم الانقسام المذهبي في العراق.
يتملك الرعب والخوف سكان الفلوجة الذين يشكلون اغلبية سنية ويخشون ان تنفذ المليشيات مذابح انتقامية في المدينة التي كانت تأوي متطرفين سنة الى جانب تعزيزها الوجود الايراني الذي تشكل ذراعه الطويلة في العراق.
فرض هذه المليشيات المدعومة من ايران سطوتها يعكس الوقائع الجديدة على ارض العراق التي تواجهها الولايات المتحدة بعد سحبها عشرات الآلاف من الجنود قبل اكثر من اربع سنوات مضت.
فالمقاتلون بالوكالة لصالح ايران الذين كانوا يشكلون في يوم من الايام خطرا مباشرا للقوات الامريكية اصبحوا اليوم اكبر قوة مقاتلة في العراق بل وشركاء في الحرب على تنظيم داعش. الذين ينتقدون ادارة الرئيس اوباما يرون ان عدم رغبته في توسيع التدخل العسكري الامريكي في الشرق الاوسط مكن ايران من ان تجد لنفسها موطئ قدم وتفرض سطوتها في العراق وتتمدد باتجاه سوريا حيث يقاتل هناك عملاؤها من حزب الله.
تحول جمال جعفر ويعرف وسط المليشيات بالمهندس من قائد حرب عصابات منفي في ايران الى صانع قرار سياسي وعسكري في العراق يوضح كيف استطاعت ايران ملء الفراغ الامني عبر الاقليم بمليشياتها التي تحركها دوافع ايديولوجية على ارض القتال. ففي سوريا كما في العراق ترسل ايران مقاتليها بالوكالة الى جانب انشاء قوات محلية وارسال جنودها لتقاتل الى جانب بشار الاسد. وفي اليمن تقدم الدعم العسكري والسياسي للمليشيات الحوثية.
السفير الامريكي السابق في العراق زلماي خليل زاد يرى ان المليشيات المدعومة من ايران «تشكل البنية التحتية للحروب الاهلية القادمة في العراق وهم سيظلون خميرة عكننة لافتعال صراع مستمر وخلق اجواء من الخوف قد تتسبب في نوع من الارهاب يأتي باسم جديد بعد انتهاء تنظيم داعش». مضيفا ان «وصول المليشيات للسلطة في العراق يمكن ان يؤدي الى صراع مستقبلي وسط المجتمع الشيعي نفسه وبين الشيعة والمجموعات الاخرى في العراق وخارجه».
مدير وكالة المخابرات الامريكية جيمس كلابر كان قد صرح في شهر فبراير الماضي في حديث له عن الامن القومي الامريكي بأن «ايران مستمرة في فرض نفوذها في اثارة الازمات الاقليمية في الشرق الاوسط وانها تظل تهديدا مستمرا للمصالح الامريكية ولشركائها على مستوى العالم». ويصف الكونوليل استيف وارن المتحدث باسم التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة في العراق جمال ابراهيم بأنه «ارهابي متمرس».. هكذا ننظر اليه وهو موجود هناك ولابد ان يؤخذ وجوده في الحسبان. بعض المسؤولين العراقيين يقولون ان جمال جعفر ابراهيم ليس هو اسم الرجل الحقيقي. وضعه الرسمي هو نائب رئيس المليشيات الشعبية لكن مقاتليها يعتبرونه قائدهم الحقيقي ولا احد غيره. ينظم الامدادات اللوجستية ويباشر الخطط العسكرية لهذه القوات اضافة الى انه اليد اليمنى في العراق للجنرال الايراني قاسم سليماني حسب قول كبار قادة المليشيات والمسؤولين فيها.
ينفذ جمال ابراهيم خطط العمليات العسكرية التي يتم رسمها في ايران ويتولى في العراق حسب هذه المصادر استقبال الاسلحة والذخائر المرسلة من ايران للمليشيات وله سلطة على بعض التنظيمات الاخرى حيث له حق التوقيع واستلام الاموال والعربات وفق شهادة معين الكاظمي احد كبار اعضاء منظمة بدر اكبر فصيل بين المليشيات وتضم خمسين مجموعة.
يضع الامريكيون الف حساب لقائد المليشيات وفي بعض الاحيان يطلبون مساعدته من خلال مداخل غير مباشرة فهم لا يتكلمون معه مباشرة لكن مسؤولي الامم المتحدة يطلبون موافقته للحصول على اذن عبور لنقاط التفتيش التي تحرسها فصائل تحت امرته.
عاش ايام الثورة الايرانية في ايران وهو يتطلع لاقامة دولة اسلامية شيعية في العراق وكان قد بدأ تدريباته العسكرية مع الحرس الثوري في ايران الذي كون لواء بدر النواة التي بنت على نهجها منظمة بدر في العراق لتقاتل الى جانب ايران في حرب الثماني سنوات بين البلدين في ثمانينيات القرن الماضي.