يا لوْعَةَ القلبِ حِينَ الشـامُ يلتَهِـبُ
والعُـرْبُ في غَفْلَـةٍ والحَـقُّ يُنْتَهَبُ
تمْضِي الحياةُ بِهِمْ نَشْوَى وباسِمَةً
لا فَـرْقَ في عُرْفِهِـمْ جَـدٌ ولا لَعِبُ
والمُقْبِلُـونَ عـلى الـدُّنيا وزِيـنَتِهـا
ما عـادَ يَشْغَلُهُـمْ مـا كابَـدَتْ حَلَـبُ
تارِيخُهـا في ظِـلالِ العِـزِّ مُزْدَهِـرٌ
وما انْثَنَى عَزْمُها لو طالَتِ الحِقَبُ
يا قَـلْعَـةَ المَجْدِ كَـمْ عانَيْتِ مِنْ ألَمٍ
كطـائِرِ الفِينِيقِ إذْ يَحْـيا ويَنْتَصِـبُ
بَكِ الحَضـاراتُ في أمْجـادِها عِبَرٌ
لم يَمْـحُ آثـارَهــا غـازٍ ومُغْتَصِـبُ
ماجَتَ بِحارُ الأسَى مما جَنَتْ أمَمٌ
نامَتْ عَنِ الظُّلْمِ والأرْواحُ تُسْتَلَبُ
أحْقـادُهُـمْ كَشَـفَتْ سَـوْءاتِهِـمْ عَلَـناً
لما تَنادَوُا إلى حَـرْب لها العَجَـبُ
عـادَ المَغُـولُ وفي وُجْدانِ قائِدِهِمْ
تَغْلِي مَراجِـلُ مِنْ حِقْدٍ بِهِ طَـرِبُوا
في أرْضِهـا نَبَتَتْ أشْـواكُ طاغِـيَةٍ
رِمـاحُ غَـدْرٍ بِهـا الأهْوالُ تُرْتَكَبُ
تَمَزَّقَ الجَمْعُ في أقْصَى الدِّيارِ كما
تاهَ الصِّغارُ ومـا يَدْرُونَ ما السَّبَبُ
شَدُّوا الـرِّحالَ وفِي رُعْبٍ يُشَتِّـتُهُمْ
نَحْوَ المَـنافِي وقَـدْ أضْـناهُمُ التَّعَـبُ
والصَّـابِرُونِ يَدُ الطاغُـوتِ تَنْهَشُهُمْ
ماتَ الضَّمِيرُ وعاشَ الشَّرُّ يَحْتَرِبُ
مِـنْ فَوْقِهِـمْ أمْطَـرَتْ نـارٌ يُؤَجِجُهـا
حُكْـمٌ تَمادَى بِـهِ الطُّغْـيانُ والكَـذِبُ
وقَـدْ تَهـاوَتْ على أجْسـادِهِـمْ حِـمَمٌ
والكُلُّ فـي حُـزْنِهِ مـا زالَ يَنْتَـحِـبُ
تَشْكُو الشَّوارِعُ في صَـمْتٍ لِحالَتِهِمْ
هُـمُ الضَّـحايا فَمـا تَعْنِيهُـمُ الخُطَـبُ
وهَــلْ يَـذُوقُ اللَّظَى مَـنْ لا يُـؤَرِّقُـهُ
ويَشْرَبُ المُرَّ مَنْ لا يَعْرِفُ السَّغَبُ؟
تَبْكِي المَــنازِلُ فِـي قَـهْـرٍ ومَسْـكَنَةٍ
مما أحـاقَ بِهـا والـنّاسُ تَضْـطَـرِبُ
أدْمَى مَحاجِرَها هَوْلُ المَصابِ فَمَنْ
يُصْغِي إليهـا إذا أوْدَى بهـا النَّكَـبُ
كل المَـبانِي هَـوَتْ أرْكانُهـا وغَـدَتْ
مِنْ تَحْتِهـا جُثَثٌ يا سُوءَ ما ارْتَـكَبُوا
وما تَصَدَّى لِجُرْمِ القاصِفاتِ سِـوَى
مَنْ فِي عَزائِمِهِمْ يَسْتَوْطِنُ الغَضَبُ
ما هَمَّهُمْ وابِلُ القَصْفِ المُمِيتِ وإنْ
تـآمَـرَتْ دُوَلٌ فـالنَّصْـرُ مُـرْتَـقَــبُ
لاحَـتْ علـى أفُـقِ الأطْـلالِ بارِقَــةٌ
تمحو القُـنُوطَ إذا الآمـالُ تُغْتَصَـبُ
ورَحْمَـةُ اللهِ كَـمْ سَــدَّتْ بِـقُـدْرَتِهــا
مَنافِذَ اليَأسِ إنْ يَطْغَى.. سَيَنْسَحِـبُ