ليس بسيطا أن نرى المنتخب السعودي لكرة القدم يعود لمجده وعزه بهذه الروح القتالية.. وهذا الحماس المنقطع النظير.. وهذه القوة الخارقة.. وهذا التكتيك المبدع.. ويشق طريقه بهذه السرعة ليصل إلى كل شاشات العالم بصورة مشرفة ومدهشة.. ويفتح صفحة جديدة ومُقنِعة.. ويقدم نفسه بمنظومة متكاملة ومستقرة.. ويذكر العالم أخضر التسعينات ويغير معايير تحدي التحولات في صراعات أقوياء آسيا.. وها هو الاخضر الجديد يكسر شوكة المنتخب الاسترالي.. ويُحبط كل مخططاته.. ويكشف عنجهياته.. ويُعري صيته الذي سبق فعله.. ولأنه لا يصح إلا الصحيح فقد تفوق الخوف المبسط على منفاخ الغرور واعتلى المنتخب السعودي صدارة مجموعته متساويا مع البعبع الاسترالي في النقاط من فوزين وتعادل لكل منهما.
¸ واستطاع المنتخب السعودي أن يتفوق ويُقلم أظافر الكنغر بل ويقطع أصابعه.. ويحشره في ملعب الجوهرة بجدة.. ويضعه في مأزق لا يُحسد عليه.. والعرض الاستثنائي الذي قدمه الاخضر أمام المنتخب الاسترالي لا يشبه الاخضر على مدى السنوات العشر الماضية، والمهم في المشهد الجديد غياب رغبات الاحلام والتمنيات وتلاشي العجز واليأس والاتكال بعد أن حلت مكانه الارادة والتصميم والعزيمة والروح القتالية والحماس واللعب الجماعي المنسق وعودة الحاضنة الشعبية السعودية إلى المدرجات لمؤازرة الاخضر.. وهذا يوحي بعودة قوية تُرسخ الثقل والاستفادة من وجود فرص متاحة لتعويض ما فات واللحاق باستحقاقات ما هو آت.
¸ والواقع أن تباشير النجاح السريع للأخضر وفوزه على منتخبي تايلند والعراق وتعادله مع أستراليا (أقوى منتخبات المجموعتين) سيشكل رافعة لضمانات الثبات والاستقرار والتأهل.. وقد حان الوقت ليلتفت نجوم الاخضر إلى ساعاتهم بعد فراقهم وغيابهم عن المونديال لأكثر من عشر سنوات ونحن الذين وصلنا إلى المونديال أربع مرات متتالية في التسعينيات وأوائل القرن الـ 21 الحالي.. ونشير إلى أن غالبية الخبراء والمتابعين أجمعوا على عدم استطاعة المنتخبات المشاركة في التصفيات التأهيلية الصمود أمام الزلزال الاسترالي بسبب فوارق القوة والثقل والموقع في نهائيات كأس العالم خاصة وأن منذ انتقال المنتخب الاسترالي من المواجهات التأهيلية الاوروبية.. وضمه إلى التصفيات الآسيوية لم يغب الكنغر عن المونديال وبات له كرسي ثابت خاصة وأن غالبية لاعبيه محترفون في أندية اوروبية وعالمية.
¸ لقد قلت في مقال سابق: إذا لم يكن لنا نصيب في إحراز المركز الاول في مجموعتنا الحديدة فعلينا أن نسعى ونجتهد ونخطط من أجل نيل المركز الثاني والذي نضمن من خلاله التأهل ايضا لمونديال موسكو(2018) بشرط أن نتجنب الزلازل والهزات القادمة لاحقا وأمامنا مساء الثلاثاء القادم امتحان جديد أمام المنتخب الاماراتي الشقيق في جدة ولا بد من الفوز لمتابعة الطريق نحو موسكو بالرغم من وعُورة ومشقة وطول الطريق.. والمواجهات المقبلة ستعمق التحدي الحاد بين منتخبات المجموعتين خاصة وأن رحلة التأهل ستستمر لأكثر من عام ولا بد من الدقة في حسابات الارباح والاضرار وأن نواصل المسيرة بثبات وتماسك واستقرار ويبقى التوفيق بيد رب العالمين.. وإلى اللقاء.
