الاحساء قامة عالية ومنارة مضيئة وكنز لا ينفد فكيف ذلك؟ هي واحة بل غابة من النخيل والاشجار والثمار والمياه المتدفقة من عيون الخدود والحقل وبرابر وعلي والعظيمي واللويمي، وما بينها من عيون منتشرة هذا من جهة الشرق ومن جهة الشمال عيون الحارة، وأم سبعة وأم منصور، ومن جهة الغرب عين نجم والبحيرية كانت مياه هذه العيون تجري بشكل طبيعي وانسيابي تسر الناظر ومرتعا للسباحة والسقي الزراعي، وكانت الجهة الشرقية من واحة الاحساء الاكثر انتشارا للزراعة والمياه وكانت عينا الخدود والحقل تأخذ كل منهما مجرى طوليا متجها شرقا بعرض ٥-٨ امتار، يضيق ويتسع بحسب تداخله ما بين غابة النخيل والاشجار، ومن ثم تأتي الجهة الشمالية في انتشار النخيل والاشجار والثمار والعيون، ومن بعدها الجهة الغربية وكانت تتلاءم مياه هذه العيون بالجو الطبيعي العام برودة ودفئا، واما عين نجم فكانت تتميز مياهها انها كبريتية تعالج الروماتيزم وخشونة العظام، ولكن من المؤسف ان هذه المياه اخذت بالتدريج في النضوب شيئا فشيئا حتى وصل الاغلب منها بل تقريبا كلها الى العدم. هذه الواحة التي كانت تشتهر بكثرة المنتجات الزراعية كالتمر والرطب باختلاف انواعه الخلاص والشيشي والرزيز والثمار كالرمان والتين والخوخ والاترنج واللومي، اصبحت اليوم تستقبل البعض منها من ارجاء المعمورة في حين كانت هي الواحة الوحيدة في المياه والعيون والنخيل والاشجار والثمار، فكانت هذه المنتجات تطعم الجياع في ارجاء المعمورة ويكفي شهادة ما قيل من امثال اعترافا بالجميل. مثل «الاحساء سلة الغذاء»، «كناقل التمر من هجر».. ومع هذا لا ينبغي ان تقف الجهات المختصة كالوزارة او الملاك او ذوي الخبرة والتخصص في الزراعة والجيلوجيا وقوف المتفرج، ولا تعمل او تبحث عن اسباب نضوب هذه المياه ومعالجته بقدر ما يمكن لتسترد هذه الواحة شيئا مما فقدته وتمتع به الآخرين في ارجاء المعمورة ويمكن ان يكون من تلك الاسباب او جزء منها الآتي:
- قنوات الري المفتوحة مصنوعة من الاسمنت وذاتيا الاسمنت يمتص الماء مما يجعل الكثير من مياه السقي مفقودة، والآن المواسير التي تحل محل تلك القنوات هي الاخرى تقوم بنفس الدور، في حين ان الماء يجري في انهار ترابية (الثبر) كما كان سابقا قبل مشروع الري والصرف يغذي النخيل والاشجار بشكل كبير وواسع حيث الرطوبة تنتشر.
- السدود التي أقيمت هنا وهناك قد يكون لها تأثير على قوة ودفع الماء وتواجده الغزير في موقع الخبر.
-اغراء الفلاحين بقيمة الفسيلة للنخلة والشتلة للشجرة ساعد هذا على نقل نخيل واشجار واحة الاحساء الى ارجاء المعمورة، مما افقد منتجات الاحساء الزراعية رغبة الشراء للاستهلاك والاستثمار، ومما اوجد في السوق منافسة كبيرة في حين منذ سنوات قريبة لم يكن في السوق الا منتجات الاحساء الزراعية، وكان الكثير يتوافدون على الاحساء في الموسم للشراء. بل يتم الشراء والثمار في النخلة هذه هي الاحساء واحة وغابة من النخيل والاشجار والثمار والعيون، وستبقى كذلك وان قل او انخفض او نضب فالاحساء كنز لا ينفد من خصوبة سطح الأرض، وما تحت الارض من ثروة معدنية كحقل الغوار اكبر حقل بترولي في العالم وظهور الغاز فحدث ولا حرج. وكمنارة للعلم فالاحساء بعلمائها ومدارسها ملتقى جميع العلماء والعلوم. فانتشار المدارس وبيوتات العلم والادب ولا تزال معالمها موجودة شاهدة على ذلك هذه هي الاحساء ما قبل الميلاد وفي بطون التاريخ والجغرافيا وحضارات الماضي والحاضر والمستقبل.