عند ما أتحدث مع شاعر معروف عن بداياته الشعرية، فإنه يتوجه تلقائيا إلى الحديث عن بدايات ظهوره الإعلامي وليس عن بدايات تكوينه كشاعر.
أغلب الشعراء لديهم هذا الاعتقاد أن البدايات ليست سوى بدايات النشر متجاهلين تماما تجاربهم الشعرية التي قد تكون مرت بالكثير من المتغيرات، وانا هنا أتحدث عن الشعراء الذين استطاعوا ان يقدموا للمتابع قصائد تستحق الإشادة والاهتمام.
لاحظوا في أغلب الحوارات الصحفية او اللقاءات التليفزيونية عند ما يوجه السؤال للشاعر عن بداياته الشعرية تأتي الإجابة عن بداية التواجد الإعلامي، وهذا خطأ!! إذن ماذا نقول عن شعراء مخضرمين حفظ الناس قصائدهم رغم عدم رغبتهم في الظهور إعلاميا، هل نقول إنهم إلى الآن لم يبدأوا مسيرتهم الشعرية؟!!
من المنتظر من الشاعر أن يفخر ببداياته الشعرية وهو صغير قبل أن يحاول الوصول إلى الإعلام، من وقف إلى جانبه من وجهه؟، من قال قصيدتك هذه تعاني كذا وكذا، وقصيدتك الأخرى رائعة فاكتب على نفس المنوال؟!
أغلب الثناء والإشادة من قبل الشاعر في لقاءاته يذهب لمن أتاح له المجال بالظهور الإعلامي، وهذا ما يشكل ظلما لأشخاص آخرين آمنوا بوجود موهبة شعرية لدى شاب، وحاولوا أن يصقلوها وأن ينموها له.
أما الإعلاميون فإنهم لا ينظرون سوى للشاعر الشاب الجاهز الذي ربما قد يحتاج إلى توجيه بسيط أو قد لا يحتاج إلى من يوجهه أصلا!
قد يتساءل أحدهم، لماذا تقول هذا للشعراء وانت إعلامي ونحن تعودنا أن الإعلامي هو من يكتشف الشعراء !!. هنا اقول أنا أتيح لهم الفرصة للظهور إعلاميا واساعد من أراه يحتاج المساعدة والتوجيه ولو لم أر لديه ما يلفت الانتباه لما قمت بذلك، ولكن هذا ليس معناه اني أنا مكتشف الشعراء ومخرجهم من منازلهم، كما يدعي ذلك بعض الإعلاميين للاسف الذين يصفون أنفسهم بأنهم رموز في الساحة الشعرية ويوهمون القارئ بأنهم مكتشفو المواهب وصنّاع النجوم وهم بعيدون جدا عن ذلك، بل وبطريقة أو بأخرى يجعلون الشعراء الشباب يقتنعون بأنه لولا هم لما استطاع أحدهم أن يكون شاعرًا!
لذلك من الواجب على الشعراء الا يبخلوا على من ساعدهم وبث فيهم الحماس في يوم من الأيام لتنمية مواهبهم في كتابة الشعر قبل الظهور الاعلامي ليكونوا لاحقا شعراء مميزين ومعروفين.