«ما لا معنى له فضيحة»
هذا ما قاله جلال الدين الرومي في القرن الثالث عشر الميلادي، وهو عندما قال هذه الجملة المضيئة لم يقصد ما أبدع فيه البلاغيون والنحويون ورواد علم الأصول والنقاد والأدباء.. من العلاقة بين اللفظ والمعنى، وأيهما يجب أن «تضرب له اباط الإبل» كما يقول القدماء.. فالجاحظ يرى المعاني «مطروحة في الطريق» أما غيره فيراها مجرد وعاء، والثالث يراهما وجهين لعملة واحدة.
كلا.. كان يقصد معاني الحياة الواقعية لا معنى اللغة الذي «نضج حتى احترق» قديما وحديثا، مثلا: كان الفرد في الماضي قطرة من حوض لا يقول ولا يفعل إلا ما يريده المجموع، ولم يع ذاته ويعبر عنها إلا حين انفصل عن المجموع.
أبى الثمر الفج عن جدعه
انفصالا وينفصل الناضج
أنت حين تسأل فردا ما: ما هي المعاني التي تهمك وتوجه سلوكك؟ فإن أجابك؛ عرفت فورا سلم القيم الإنسانية والأخلاقية والوطنية التي يؤمن بها، وتضعه في الدرجة التي يستحقها في السلم الفكري والاجتماعي، أما إذا أجابك بالصمت، فعليك إذن أن تضع له وصفا يليق بحضرته من الأوصاف السرابية.
كل شيء يخلو من المعنى هو فضيحة لمن يفعله أو يعتقد به، وكم في رؤوسنا من أشياء لا معنى لها، ولكننا لا نشعر بالفضيحة.
ما معنى الحياة أو الوجود؟
هذا هو السؤال المحوري الذي طرحته الفلسفة وجميع الادلوجيات الدينية والوضعية على نفسها، وهو سؤال يتعلق بجميع جوانب الحياة الروحية والمادية، فلا يكفي أن نضع للحياة معنى، بل أن يكون هذا المعنى موجها لسلوكنا وتعاملنا مع الآخر القريب والبعيد، وهذا كله مرتبط بفهم الواقع الذي نعيشه، وبقدر هذا الفهم يكون الصواب أو الخطأ.
في الأفلاطونية معنى الحياة هو تحقيق أعلى شكل من أشكال المعرفة، آخرون: إن هدف الحياة هو بلوغ أعلى درجات اللذة. آخرون يرون أن معنى الوجود هو كامن في الجنس، أما في زماننا المغفل هذا فقد حوله الرأسمال المتوحش إلى جمع أكبر كمية من المال على حساب الكثرة الغالبة من الناس، إنه النهب العلني.
السؤال الذي يتقدم على غيره هو: أنت لا شك في أنك تسعى إلى أن تجد نفسك سعيدا، ولكنك تعيش في مجتمع، فهل تسعى إلى تحقيق شيء لأجل هذا المجتمع؟ ما هو؟ حدده.