يقولون اذكروا محاسن موتاكم. فماذا سنقول عن رجل كان لا يُعرف إلا بالمحاسن، حسن الخلق وحسن العمل للقريب والبعيد، وماذا سنقول عن رجل كان لا يفعل إلا ما يحبه الله «أحب الأعمال إلى الله -عز وجل- سرور تدخله على مسلم، أو تكشف عنه كربة، أو تطرد عنه جوعا، أو تقضي عنه دينا»، ألم تكن كل هذه الأعمال هي ما كان يحرص عليه عبدالرحمن الراشد الحميد (أبو صلاح). بلى، فهو لم يترك صغيرا ولا كبيرا إلا وقد أدخل على قلبه السرور بما يناسبه وعلى طريقته، لقد ارتبط اسمه بالفرح فهو من يتقن صناعة الفرح بطرق شتى لمن يعرف ومن لا يعرف، فأما بين من يعرفونه فقد ارتبط اسمه بعبارة (أول من) فهناك طفل اشترى له أول سيكل، وهناك صغير كان عبدالرحمن أول من حجز له مقعدا على الطائرة. وهناك من كان عبدالرحمن أول من أعانه وسهل أموره في وظيفة أو بيت أو دراسة، وماذا نعد من أعمال رجل كان يأسى على حال من لا يستطيع أن يقدم له العون الذي يتمنى أن يقدمه له، فبالرغم من مواصلة عمله الإنساني في صناعة الأفراح الصغيرة والكبيرة إلا أنه كان يتمنى لو قدم أكثر وأكثر، وكأنه يتمنى أن يمحو الحزن من قلوب الجميع. كان قارئا نهما ومثقفا لم يستهلك ثقافته في إقصاء آراء الآخرين، بل إنه كان يتحرج أن يبدي رأيه المخالف لمن يحاوره فيكتفي بالاستماع ثم الصمت إذا لم يرق له ما سمعه؛ حتى لا يزعج أحدا. كان حريصا على ألا يؤذي أحدا ولو بكلمة، فقد عاش بيننا ما عاش ولم نسمع منه كلمة مشينة في حق أحد من البشر حتى المخطئ منهم كان يكتفي بالإعراض عنه. لقد تمسك فقيدنا بكل خلق دعا إليه كتاب الله، فأقبل على ربه بميزان مثقل بذاك الخلق الحسن الرفيع. كانت والدتي- رحمها الله- صديقته الأثيرة ورؤيته لها لأول مرة في حياته كزوجة لخاله تركت بصمة في حياته ظل يذكرها دائما ووثقها في كتابه الخاص الذي قدمه للعائلة والمقربين فقط، وشاء الله أن يكون زوجا لابنتها حصة محبوبته التي كان يغرف من حبه لها ويوزع على كل من حوله، فتعلمنا منهما أن الحب موجود وإن شوه الآخرون صورته، وأن الحب لا يشيخ. إن وجع فقده علينا كوجع فقدنا لصديقته وأم زوجته التي حين توفيت رأيناه منهارا يبكيها بحرقة كما لم يبك أحدا من قبل. توفيت هي في بداية ١٤١٧وتوفي هو في أول ٢٠١٧.
عبدالرحمن كان وجوده قصة حب صفحاتها ذات تفاصيل كثيرة في الخلق الرفيع شاء لها الله أن تطوى ويبقى عبقها بيننا، اللهم ارحمه برحمتك وأظله بظلك.