يغادرالزميل الأجنبي بلادنا بعد سنوات من العمل ، قال في كلمته الوداعية انه استمتع بوقته هو وعائلته في المملكة وانه يحتفظ بذكرى طيبة عن السنوات الأربع خصوصا فيما يتعلق ببيئة العمل والعلاقات مع الزملاء وترك لنا بريده الإلكتروني ومكان إقامته في بريطانيا عسى أن يحظى بتواصل معنا في المستقبل.
مالم يقله زميلنا في رسالته قاله لي في لقاء خاص قبل رحيله بأيام، كان عاتبا على الجميع خصوصا السعوديين أنهم لم يبدوا رغبة حقيقية في إقامة علاقات صداقة وتعارف خارج أسوار العمل، بدوا له إنطوائيين فيما يتعلق بحياتهم الخاصة وحياة إسرهم وأورد لي مثالا أن زوجته كانت تحلم بحضور حفل زفاف سعودي أصيل وأن تتعرف على عادات وتقاليد الزواج السعودي، وأن أولاده لم يسبق لهم طيلة فترة إقامتهم تبادل أي حديث مع أي طفل سعودي، وذكر لي أنه قرر يوما الذهاب لمنزل زميل لنا في مناسبة عزاء لكنه خشي أن يقع في إحراج لأنه يجهل البروتوكول فآثر تقديم عزائه عبر الهاتف. زميلنا الخواجة دمث الأخلاق، متواضع وبشوش ولا يحمل ضغينة لأحد، وقد بذل طيلة فترة عمله قصارى جهده لخدمة العمل والتعاون مع الزملاء، دون أن يبخل على أحد بجهد أو بعلم أو خبرة، وفي اللقاء الوداعي تحدث بصراحة تنم عن روح طيبة غيورة، لكنه ورغم عتبه على تقصيرنا لم أبرئه شخصيا من التقصير، فلا تتوقع من أحد أن يقترب منك خطوة دون أن تقترب أنت خطوتين !
بإدراك هّوة ثقافية ما بين المجتمعين، ومع الأخذ بالإعتبار أن للبعض حساباته الخاصة فيما يتعلق بتوثيق العلاقات الإجتماعية مع زملاء العمل ، الا ان هناك تقصيرا ما أحسسته أثناء لقائي بالزميل، فقد كان بالإمكان أفضل مما كان، ولعلنا كنا نملك الوقت والفرصة لعرض ثقافتنا لكننا تقاعسنا دون سبب مفهوم.
ختمت اللقاء وأنا أذكر زميلي الخواجة بأنه إختار السكنى في قلعة مجمع سكني محصن، وآثر العزلة ليعيش مع أبناء جلدته، إختار جيرانه من جنسيته وتسوق في مراكز تسوق تغص بالماركات التي يعرفها ولم يحاول إكتشاف أي مطعم خارج الفنادق أو التي لا تحمل إسما عالميا شهيرا.
التجربة الثقافية الثرية ليست وجبة جاهزة تسخّن بالمايكرويف يا صديقي الخواجة.